أوضح الوزير أشرف ريفي، أنه بناءً على تصوّره النظري فهو يتهم “حزب الله” بتفجير فردان انطلاقاً من البصمة الجرمية للمدرسة السورية الإيرانيّة، التي تُشيطن دائماً خصمها أو عدوها، وبذلك تُهيئ للاغتيال نفسياً، كما حصل تماماً مع الشهيد رفيق الحريري.
وأضاف: “نعرف كلنا اليوم الصراع بين حزب الله من جهة، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمصارف من جهة أخرى، انطلاقاً من القانون والإجراءات الأميركيّة المتعلقة بحزب الله وعناصره وبيئته. هذا الصراع تُرجم بعبوة ناسفة وُضعت لتُصيب المصرف فقط لا غير، وهو واحد من مصرفين ذكرا في بعض وسائل الإعلام وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لحزب الله، واتُهما بأنهما بالغا بتطبيق القانون الأميركي. لذلك برأيي، “كاد المريب أن يقول خذوني”. هذه المدرسة. القاعدة الربانية تقول إن المجرم يبيّن عن نفسه قبل وقت.
وشرح رفي: “نقول في العلم الجنائي: من المستفيد من الجريمة ومن له قدرة على تنفيذها، والمبدأ الثالث “كاد المريب أن يقول خذوني”. هذه المدرسة عندما تشيطن أي طرف بحملة إعلامية، فإنها تريد قتله أو توجيه ضربة له. إذاً في قراءتي الأولية أتهم حزب الله على خلفيّة قانون العقوبات المالية الأميركية، إنما أنا واثق من قدرة الأمن اللبناني على كشف الجريمة. وأقول لكل اللبنانيين إن معظم الجرائم التي حصلت منذ عام 2005 حتى اليوم جرى كشف المسؤولين عنها.
ريفي، وفي حديث لصحيفة “العربي الجديد”، ورداً على سؤال بشأن ثقته بالأجهزة الأمنية، والجرائم التي لم يُكشف فيها المنفذون، قال: “عُرف القاتل. لا أتحدث عن الشخص، بل الجهة. الجهة المنفذة فيها من قرر ومن خطط ومن نفّذ، عملياً من نفّذ هو الحلقة الأضعف بالجريمة. لكن عند معرفة الجهة يُكشف القاتل”.
وعن عدم صدور بيان إدانة عن “حزب الله” للتفجير، قال: “كأنه يقول أنا نفذتها، كونه لم يُدِن التفجير. أوساط مقربة من “حزب الله”، وليست تابعة له مباشرةً، أعطت أسباباً غير مقنعة، من نوع أنه بسبب وجود ربا ولأن أحداً لم يمت. يعني إذا فجروا في مكان ولم يسقط ضحايا، أليس تفجيراً إرهابياً؟ حتى لو حصل التفجير في مكان غير شرعي يتعاطى الكحول أو الرذيلة، هذا عمل إرهابي يجب إدانته مباشرةً. كأنه يقول أنا نفذتها وطبقوا شروطي. وهو يعرف تماماً أن المصارف لا يُمكنها أن تطبق شروطه. المصارف الإيرانية لم تستطع تجاوز العقوبات المالية الغربية عليها. ماذا تطلب من هذه الدولة الصغيرة لبنان، والتي يُعدّ القطاع المصرفي عموداً أساسياً في اقتصادها؟ ماذا يُمكنه أن يفعل أكثر من إيران”.
ولفت ريفي إلى أن “حزب الله” يطلب الحد الأقصى الممكن من الحماية، هناك مصارف لا تريد أن تبيعه شيئاً. تُريد أن تحمي نفسها، وتقول للأميركيين، أنا أطبق القانون من دون أي تردد، لأنهم يعلمون أنه إذا غضب الأميركيون منهم، سيؤذونهم. يُريد من هذه المصارف، التي يعتقد الحزب أنها بالغت بالتطبيق، أن تنضبط بحدود معينة. العقلانية تقول هذا.
وعن اتجاه الأزمة أوضح ريفي، مصرفياً الأمر واضح، ستُطبّق العقوبات الأميركيّة. أما أمنياً، فهل سيُفتح باب سلسلة مقبلة أمنياً؟ علينا أن ننتظر. إذا تكررت العمليّة، فسنكون أمام مسلسل من التفجيرات. وإذا اقتصرت على هذه الحادثة، فهذا يعني أن هذه هي الرسالة المطلوبة. على الأمنيين رصد المعلومات الاستخبارية.
وعلى المستوى الأمني، قال: “نحن اليوم في بؤرة إقليميّة متفجرة، لا خوف لدي من تفجير أمني شامل، علماً أن لديّ تحسّبا لحوادث أمنية متفرقة. لكني مطمئن إلى الوضع الأمني الشامل، ولهذا أسبابه: القرار الدولي لا يُريد تفجير البلد، كذلك على المستوى الإقليمي لا رغبة بذلك، والأطراف المحليّة، بمن فيهم “حزب الله”، لا تُريد أي تفجير أمني للبلد.” وأشار إلى ان للحزب مصلحة بإرسال رسائل محدودة، وليس بتفجير شامل للبلد. بالمنطق العسكري، حزب الله غرق في الوحل السوري، لا أحد يُقاتل بجبهة ما، ويُفجّر بقعة استقراره وراحة عسكره وبيئته الحاضنة. هو بحاجة للاستقرار. لذلك، ولمن يخاف من 7 أيار ثانٍ، أقول إن أكثر واحد متضرر من 7 أيار هو “حزب الله” وهو أكثر طرف بحاجة للاستقرار في بقعة الانطلاق والاستراحة والتخطيط والقرار.
وعند سؤاله عن دول الخليج التي صنفت “حزب الله” منظمة إرهابية، وانتقلت إلى أعلى مستويات المواجهة معه، وإمكانية هذه الدول أن تُفجّر بقعة استقرار “حزب الله”، أجاب: “ليسوا من هذه المدرسة الإرهابية. نعرف أن هناك مدرسة تحارب خصمها أمنياً وعسكرياً وعبر الجريمة. الخليج لم يُعطِ إشارات لكونه من هذه المدرسة. الغرب لا يستعمل هذه المدرسة، بل تلك التي تُعتبر جذورها شرقية تستعمل هذا الأسلوب. والجميع يعرف أن المنظمات الإرهابية كانت تدور في فلك الدول السوفياتية القديمة أو مثل إيران وسورية. كلنا يعرف أن أغلب قيادات تنظيم “القاعدة” الأساسيين وعائلاتهم تستريح في إيران. والدليل صدور حكم قضائي أميركي عن دور إيراني باحتضان عدد من منفذي أحداث 11 أيلول. الخليج ليس من هذه المدرسة”.
وعند سؤال ريفي وعن قاتل وسام الحسن، أجاب: “مصطفى بدر الدين قتل وسام الحسن. القرار سوري ــ إيراني والتنفيذ من قِبل أمن “حزب الله”، بغض النظر عن الأفراد. في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري هو كان مشرفاً على التنفيذ وعماد مغنية الرئيس. وبعد وفاة مغنية انتقل بدر الدين من التنفيذ إلى موقع المسؤولية، وأمن حزب الله هو المنفذ”.
وأشار ريفي إلى أنه بات هناك ما يكفي لمعرفة الجهة، لكن من غير المؤكّد لمعرفة الأشخاص. حتى في قضية محاولة اغتيال النائب مروان حمادة، عرفنا من أين خرجت السيارة المفخخة، وأين صُنعت لوحة السيارة، وتدخّل الأمن السوري لمنع استكمال التحقيق، جاء في سياق كاد المريب أن يقول خذوني. في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، أرادوا ليلة الجريمة رفع السيارات وطمر الحفرة، بينما لو حصل حادث سير تنتظر لقدوم الخبير قبل إزالة السيارات. المبدأ الأساسي في كشف الجريمة هو كاد المريب أن يقول خذوني”.
وتابع: “القضاء يُحاسب الأشخاص، لكن يُمكن تطوير التحقيق عند معرفة الجهة من الأكبر إلى الأصغر. في جريمة اغتيال الرئيس الحريري عُرف الأفراد المنفذون، عندما تعرف الجهة تذهب باتجاه حصر التحقيق باتجاه معين”.
بالنسبة للأزمة السياسية التي يعيشها اللبنانيون، قال: “علينا إعادة تكوين السلطة. هناك عقبة بالقرار الإيراني الذي يمنع انتخاب رئيس الجمهورية. الحل السياسي يبدأ بانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة. أي حلّ ترقيعي لا جدوى له. تعسّرت الأمور في حكومتنا انطلاقاً من الشغور الرئاسي، الذي دفعنا لاستنباط آلية لاتخاذ القرار، وبتنا كمن حفر حفرة لنفسه ووقع فيها. لذلك أدعو رئيس الحكومة تمام سلام للاستقالة وتحويل الحكومة لحكومة تصريف أعمال. حزب الله بحاجة إلى غطاء شرعي معين. لا مؤسسة اليوم إلا السلطة التنفيذية، والحزب يأخذها كغطاء. أنا مع كشف هذا الغطاء، لأعود معه إلى المربع الأول لانتخاب رئيس للجمهوريّة وتشكيل حكومة وإجراء انتخابات لإعادة تكوين السلطة من جديد”.
وعن استقالة الحكومة، أوضح: “لا أحد يُمكنه تعديل الدستور. فليتوقف التهويل. أنا أتحدى حزب الله أن يدعو لمؤتمر تأسيسي. عندما كان يستطيع أن يجري التعديل بقوة السلاح لم يقم به. فليتوقف التهويل علينا. لا هو ولا غيره يُمكنه تعديل الدستور. أي تعديل يحتاج لتوقيعي، لن أوقّع على أي شيء لا أراه لمصلحة الوطن والعيش المشترك وأولادي. هذا البلد له ولي. أنا لن أوقّع على شيء كهذا لو أراد اجتياح البلد، يُمكنه أن يقتل 40 أو 50 شخصاً، وما الذي يستطيع فعله أكثر؟ لنتوقف عن الخوف. أنا أمني، وأعرف تماماً أن حزب الله دفع غالياً بسبب 7 أيار، نحن كنا ضحايا، لكنه خسر صورته في العالمين العربي والإسلامي. بدأت أزمته منذ السابع من أيار. تحوّل سلاحه من سلاحٍ مقاومٍ إلى سلاح مليشيا. فلنثق بنفسنا. وأنا قلت لأحد المعنيين، قبل انتخابات 2009 النيابية، أنا أعدك أن نقوم بعصيان مدني، على الأقل في الشمال، وليبلّط حزب الله البحر. لا سلاحه، ولا غير سلاحه ممكن أن يجبرني على التوقيع على أي أمر يؤسس لاحقاً لحرب أهليّة أو مشاكل مستقبليّة. نحن متساوون في هذا البلد ولنجلس إلى الطاولة، ولن نأخذ سلاحك بعين الاعتبار. لذلك، لو كان هناك عاقل داخل حزب الله، فأنا أتوجه له بأن لا يعتقد أنه قادر على القيام بمؤتمر تأسيسي ليُعدّل الصلاحيات. أعرف ما الذي يُريدونه. قد يُريدون استحداث منصب نائب رئيس للجمهوريّة، يُصبح مثل نائب مدير الاستخبارات في الجيش، حيث مدير الاستخبارات مجرد واجهة. يُريدون نائب رئيس فعليا، كي يُصبح رئيس الجمهوريّة واجهة. أو يُريدون حرساً وطنياً، مثل بعض الأنظمة العربية، ليُضم كل مقاتلي حزب الله لهذا الحرس الوطني؛ لكن لا يحلم بها. إذا أنشئ حرس وطني، سيخرج أحدٌ ليُطالب بإنشاء لواء خاص به. وعندها أية دولة خارجيّة تدعم فريقاً من طائفة لإنشاء قوة عسكرية، والعوض بسلامتك على البلد. أو يُريد قيادة الجيش له، لكن قيادة الجيش ستبقى للموارنة مهما كلّف الأمر. هذه إحدى الضمانات المهمّة لإخواننا الموارنة ونحن مع أن تبقى هذه الضمانة”.
وعن استقالة “الكتائب” من الحكومة قال ريفي: “لقد هنأت (رئيس حزب الكتائب) سامي الجميّل، وهذه صرخة ثانية بعد صرخة أشرف ريفي للقول بأن الأمور ليست على ما يُرام”.
ورداً على سؤال ما إذا فقدت الحكومة الغطاء العربي والدولي الذي كان موجوداً لحظة تشكيلها، أجاب: “برأيي حتى لو كان لديها غطاء، جسمها لم يعد قادراً أن يحمل وزنها. تآكلت. وَجهتُ الصرخة الأولى. ثم وجّهحزب الكتائب الصرخة الثانية، حتى لو استخفوا بالصرخة الثانية. أتوقع أن تكون الصرخة الثالثة من رئيس الحكومة وليس من أي فريق سياسي، ويحوّل حكومته لتصريف الأعمال، فربما هذا يجبر “حزب الله” على التفتيش عن الغطاء الشرعي، فنعود وإياه إلى رئاسة الجمهورية”.
وعن رئاسة الجمهورية، اتهم ريفي إيران يالتعطيل، فهي تُريدها ورقة في مفاوضاتها الإقليمية لتكريس دور إقليمي لها.
وتابع: إذا تحوّلت الحكومة إلى حكومة تصريف الأعمال، سيذهب “حزب الله” باتجاه انتخاب رئيس للجمهوريّة، لأنه سيفقد الغطاء الشرعي الذي يحتاج له. فهو يُقاتل في سورية وعنده مهام معينة، لا نقبلها أبداً، لكنه بحاجة ولو لحد أدنى من الغطاء الشرعي، اليوم توفّره الحكومة.
وما هو تأثير هذا الانكشاف؟ سئل ريفي فأجاب: “سلاحه غير الشرعي بحاجة لغطاء شرعي. الشرعية حتى لو كانت واهنة تبقى حاجة للكل. المخفر في الضاحية الجنوبية عاجز عن أن يكون سلطة أمر واقع. كل شيء يقوم به حزب الله أو أي قوة غير شرعية، ليس بقوة شرعية العسكري. مع كل قوة حزب الله لا يستطيع تسطير محضر ضبط، بينما درّاج قوى الأمن يقوم بذلك. الشرعية لها مردود مهم جداً.
ولمواجهة “حزب الله” قال ريفي: “يجب الخروج من طاولة الحوار الثنائي، وتتحوّل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، وربما يكون هناك حاجة لحراك مدني لدفع الأمور باتجاه انتخاب رئيس للجمهوريّة، لأن ذلك هو الأولوية.