كتب جورج بكاسيني في صحيفة “المستقبل”:
الانطباع السائد عن وجود مظلّة أمنية دولية تقي لبنان من الأخطار الأمنية من أجل الحؤول من دون لجوء النازحين السوريين المقيمين في لبنان إلى دول أوروبية وغربية، أضاف إليه موفدون أوروبيون، زاروا بيروت أخيراً، حرصاً على توفير مظلّة سياسية للبنان تحصّن المظلّة الأمنية من خلال السعي الحثيث لانتخاب رئيس للجمهورية.
ذلك أنّ إطالة أمد الشغور في موقع الرئاسة الأولى وما خلّفه من تداعيات على مستوى كل مؤسّسات الدولة أبرزها حال الشلل التي تضرب مجلسَي النواب والوزراء، باتت تنذر بتداعيات أمنية إذا لم يتمّ تدارك الشغور والشلل الناجم عنه.
هذا ما أفصح عنه النائب الألماني ممثّل الحزب الديموقراطي المسيحي والعضو في البرلمان الأوروبي توبياس جوزف زايش خلال زيارته لبنان الأسبوع الفائت، الذي التقى نواباً لبنانيين يمثّلون معظم الكتل النيابية: النائب سامر سعادة عن كتلة نوّاب “الكتائب”، النائب باسم الشاب عن كتلة “المستقبل”، النائب آلان عون عن تكتّل “التغيير والإصلاح”، النائب قاسم هاشم، النائب علي بزّي عن كتلة “التنمية والتحرير”، النائب علي فياض عن كتلة “الوفاء للمقاومة”، النائب جوزف المعلوف عن “القوّات اللبنانية” والنواب مروان حمادة وهاغوب بقرادونيان وإميل رحمة.
النائب الألماني الذي ينتمي إلى حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حضر إلى لبنان بصفته ممثلاً للبرلمان الأوروبي ليوجّه السؤال التالي إلى ممثّلي الكتل النيابية: “بماذا يمكننا مساعدتكم من أجل فتح الطريق أمام انتخاب رئيس للجمهورية؟”.
طبعاً تعدّدت الإجابات النيابية عن هذا السؤال بفعل تعدّد الاتجاهات السياسية للنواب، لكن الدافع الذي حدا بالضيف الألماني إلى طرح السؤال المُشار إليه بقيَ واحداً: “نحن مهتمّون بدفع الأطراف إلى انتخاب رئيس لأن الاستقرار اللبناني مهم جداً بالنسبة إلينا، فإذا تعرّض لاهتزاز ثمّة خطر يتمثّل بهروب مليون ونصف مليون نازح سوري من لبنان إلى دولنا، وخصوصاً إلى ألمانيا”.
موقف الموفد الأوروبي لم يأتِ من فراغ وإنما استند إلى سوابق ذكّر النواب الذين التقاهم بها: “آخر موجة نزوح وفدت إلى أوروبا ضمّت سوريين ولبنانيين وفلسطينيين أيضاً، فوفد إلينا من لبنان ثلاثون ألف فلسطيني وخمسة عشر ألف لبناني من طرابلس، وكذلك مئة وخمسون شخصاً من احدى القرى الجنوبية بعد أن فتحت المستشارة الألمانية ميركل أبواب ألمانيا للنازحين”.
أما الأخطر، كما أضاف الموفد الأوروبي للنواب، أنّ حركة البواخر من مرفأ طرابلس هذا العام حملت أكثر من خمسة وثلاثين ألف شخص “أي أضعاف العام الفائت”، متوقفاً أمام مقال لصحافية لبنانية كشفت فيه النقاب عن مشادات وضرب متبادل بين نازحين سوريين ولبنانيين أثناء توجّههم بواسطة القطار إلى برلين.
على أنّ الواقعة التي قصمت ظهر البعير، حسب الموفد الأوروبي، هي نزوح اللبنانيين التسعة من آل علوان الذين دفع كل منهم مبلغ ثلاثة آلاف دولار أميركي للمهرّبين من أجل الانتقال إلى ألمانيا عن طريق تركيا، ما يعني أنه “يمكن لمنتمين إلى تنظيم “داعش” الإرهابي أن يدفعوا هذا المبلغ بعد حلق ذقونهم وتزوير جوازات سفرهم والنزوح إلى ألمانيا وتمزيق جوازاتهم هناك بما يتيح لهم الحصول على اللجوء وبالتالي تعريض أمن ألمانيا للخطر”.
الموفد الأوروبي سمع أجوبة كثيرة من النواب ونصائح أكثر من بينها أن مَن يخطف الرئاسة في لبنان هي إيران وأن الضغط عليها هو العنوان الوحيد: “طهران تعرض الرئاسة “للبيع” وإن أحداً من الغربيين ليس راغباً في “الشراء”. تريد إيران أن تقبض ثمن أي حل في ملف الانتخابات الرئاسية، هي لا تقبل أي عرض من طرف لبناني أو غيره، هي تفضّل “البيع والشراء” مع الولايات المتحدة الأميركية التي لا ترغب في ذلك حتى اليوم”.
تغيّرت ملامح وجه الموفد الأوروبي، مكتفياً بتعليق وحيد: “لا وقت لديّ الآن، سأعود بعد عشرة أيام إلى بيروت ونلتقي مجدّداً ونتابع”.