كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:
لم تكن جلسة الحوار الـ19 التي ضّمت معظم الأقطاب اللبنانيين وُعقدت يوم أمس في دارة رئيس المجلس النيابي نبيه بّري في منطقة عين التينة في العاصمة بيروت “مفصلية” كما سبق له أن توقع. بل كان العكس هو الصحيح، إذ كّرست “الاستعصاء السياسي المفتوح” الذي تعيشه البلاد منذ عام 2014 ،وذلك بعدما اصطدم المتحاورون مجدًدا بحائط “قانون الانتخاب”، ما شّرع النقاش بشأن “سلة الحل المتكامل” التي من المفترض أن تكون البند الرئيسي على جدول أعمال الجلسات الحوارية الـ3 المتتالية التيُحدد لها موعد متأخر في شهر آب المقبل.
فشل أركان الحوار بمهمتهم الأساسية بالاتفاق على الخطوط العريضة لقانون تجري على أساسه الانتخابات البرلمانية المقبلة في عام 2017 ،ينتظر أن ينعكس اليوم على جلسة اللجان النيابية التي كان أعضاؤها يعّولون على تفاهم بحد أدنى يسّهل مهمتهم، ثم إن هذا الفشل سيرخي بظلاله على الجلسة 41 لانتخاب الرئيس، التي يصادف موعدها يوم غد الخميس، ماُ يثّبت الوضع الحالي إلى أجل غير مسمى. وبدا رئيس مجلس النواب بّري حاسما في مستهل الجلسة الحوارية التي ترأسها يوم أمس، حين جّدد رفضه التمديد للبرلمان الحالي، محّذًرا من اعتماد “قانون الستين” (الانتخاب على مستوى الأقضية) خلال الانتخابات النيابية المقبلة. وتوجه بّري لأركان طاولة الحوار قائلا: “لا تفّكروا بعد اليوم بالتمديد… والناس ستنزل إلى الشوارع إذا أجريت الانتخابات على أساس قانون الستين”.
وبحسب مصدر مشارك في طاولة الحوار، فإن الجلسة الأخيرة “لم تخرج بأي اتفاق، بل هي كّرست الخلاف المتجذر بين الأفرقاء”، لافتا إلى “أننا حتى الساعة لم نتفق على وضع العربة أمام الحصان أو العكس”.
وقال لـ”الشرق الأوسط” موضًحا: “يبدو أن طرح السلة المتكاملة التي تضم قانون الانتخاب ورئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة تقّدم على غيره من الطروحات. فهو بعدما كان مرفوضا نهائيا بوقت سابق، تبين يوم أمس أن هناك إمكانية للنقاش الجدي بخصوصه إذا ما جرى التفاهم على الأولويات”.
من جهته، قال وزير الاتصالات بطرس حرب، وهو أحد أقطاب الحوار، إّنه تم في جلسة يوم الثلاثاء “حسم موضوع إجراء الانتخابات الرئاسية قبل تلك النيابية”، مشيرا في تصريح لـ”الشرق الأوسط” إلى أّنه” وللمرة الأولى لمسنا شبه إجماع على عدم جواز السير باستحقاق نيابي يسبق الرئاسي لأسباب عدة تم تفنيدها خلال الجلسة”. وشّدد حرب إلى أّنه “وعلى الرغم من المنحى الجدي الذي يتخذه البحث، فالجميع يعي تماما أن لا إمكانية لإحداث أي خرقُيذكر في جدار الأزمة، طالما الفريق الذيُيعّطل جلسات انتخاب الرئيس ليس بوارد تعديل موقفه، لأننا بذلك سنبقى ندور بحلقة مفرغة”. ولا يبدو تيار “المستقبل” متحمسا كثيرا لطرح “السلة المتكاملة”، حتى ولو كانُيظهر نوعا من الليونة خلال مناقشته، إذ يتخوف التيار من أن يكون الجلوس للاتفاق على السلة أشبه بالمشاركة في “مؤتمر تأسيسي” يؤدي بنهايته لتعديلات جوهرية بالنظام اللبناني. وجّدد رئيس كتلة “المستقبل” النائب فؤاد السنيورة خلال مداخلته في جلسة الحوار التأكيد على أولوية انتخاب رئيس الجمهورية، مشدًدا على ضرورة “مبادرة جميع النواب بالنزول إلى المجلس النيابي وذلك كما تقتضيه أحكام الدستور، وتقتضيه أيضا الممارسة الديمقراطية الصحيحة
للانتخاب وليس للتعيين، ولينجح عندها من ينجح، وبالتالي من ينجح يصبح هو رئيس البلاد”.
واستهجن السنيورة “محاولات البعض الدفع باتجاه التخلي عن أولوية انتخاب رئيس الجمهورية بالمطالبة بإقرار قانون جديد لانتخاب مجلس النواب قبل انتخاب الرئيس، مع القول بأن المشكلة المستجدة جراء ذلك يمكن حلها بالتعهد من قبل الجميع بالمشاركة في عملية انتخاب رئيس جمهورية بعد إنجاز الانتخابات عملية التعطيل لانتخاب الرئيس، وذلك على حساب الدستور، ونحن من هذا الصدد لا نعتقد أن هناك مجالاً النيابية”. وأضاف: “ها نحن اليوم هنا، حيث يبدو أنه مطلوب منا إعطاء جوائز ترضية لمن يستمر في لذلك”.