أكّد رئيس تيار “المستقبل” سعد الحريري أنّ أي حزب أو تنظيم لن يتمكّن من تطبيع اللبنانيين على منطق الخضوع للسياسات الإيرانية، واللبنانيون لن يغدروا بالأشقاء العرب مهما تعالت أصوات نكران الجميل.
الحريري، وخلال إفطار على شرف عائلات إقليم الخروب في المشرف، أضاف: “ما بالكم أن يفعل اللبنانيون في وجه الهيمنة الإيرانية بعد الذي فعلوه بوجه الهيمنة السورية. همّنا الأساسي هو إعادة تحريك الإقتصاد الوطني والعودة الى النمو وإيجاد فرص عمل للشباب اللبناني، وهذا يتطلّب استقرارًا للمؤسسات بدءًا بانتخاب رئاسة الجمهورية”.
وتابع: “نحن تيار الإعتدال ونبذ الفتنة وتيار المناجاة بحماية عروبة لبنان وحماية علاقاته مع أشقائه”.
وفيما يلي نص الكلمة:
في كل مرة أتشرّف بزيارتكم أشعر أنني في أكثر المناطق التصاقا بقيم تيار المستقبل الأساسية. نحن تيار، لا مشروع لديه سوى مشروع الدولة في لبنان، وأنتم أهل الإقليم، أهل الدولة. نحن تيار، يمارس في يومياته العيش المشترك والوحدة الوطنية، وأنتم، إقليم الخروب، إقليم العيش المشترك والوحدة والتآخي بين جميع طوائف لبنان. نحن تيار الاعتدال ورفض الفتنة وأنتم، أهل الإقليم، أهل الاعتدال ونبذ التطرّف والضلالة والفتنة. نحن تيار التمسّك بعروبة لبنان وأنتم إقليم الخروب، عرين العروبة في لبنان وعنوان الوقوف في وجه كل مشروع لتغيير هويته القومية أو ضرب علاقاته بأشقائه العرب.
نعم أيها الإخوة والأخوات، عندما ننادي بحماية عروبة لبنان، نعني تلقائيا حماية علاقاته مع أشقائه ورفض الهيمنة الإيرانية على سياساته الداخلية والخارجية. اللبنانيون رفضوا هيمنة النظام السوري، باسم العروبة، على لبنان، فما بالكم أنّهم سيفعلون في وجه محاولات الهيمنة الإيرانية، باسم الممانعة والمقاومة؟
اتفاق الطائف حسم مسألة العروبة لتكون عنوانا لهوية لبنان، وليس أداة لسيطرة أي نظام عربي على لبنان. ومن باب أولى أن نؤكد، في هذه المرحلة من تاريخ بلدنا وأمّتنا، أنّ شيئا في لبنان، حزبا كان، أو تنظيما مسلحا أو حرسا عسكريا لمعادلات الممانعة، لن يتمكّن من تطبيع اللبنانيين على منطق الخضوع للسياسات الإيرانية وأدواتها. واللبنانيون الأمناء على عروبتهم لن يغدروا بالأشقاء، وفي طليعتهم المملكة العربية السعودية، مهما تعالت أصوات التحامل ونكران الجميل.
رفاقي، أحبتي وأصدقائي، أتشرّف بزيارتكم هذه المرة، بعد انتخابات بلدية في إقليم الخروب، اخترنا فيها التوافق أولوية، بالتعاون مع الحزب التقدمي الاشتراكي، وأهلا بالأخ تيمور بك جنبلاط اليوم بيننا، والجماعة الإسلامية، واخترنا فيها عدم خوض المواجهات الانتخابية حيث لم تنجح جهود التوافق.
والسبب في ذلك بسيط جدا: إنّ تيار المستقبل ليس ولن يكون يوما في صدد التنافس مع أهله وشبابه وشاباته. بل، عندما يكون التنافس بلدياً، بين عائلات ومجموعات أهلية تنتمي جميعها لعائلة التيار الكبيرة، يقف تيار المستقبل على الحياد: هذه القاعدة التي اعتمدت في كل لبنان وهذه القاعدة التي اعتمدت في إقليم الخروب.
وهذه مناسبة لأتوجّه بالتهنئة لكل الفائزين في كل مدن الإقليم وبلداته ولأدعوهم لشبك الأيدي والسواعد والإرادات الصادقة للعمل من أجل إقليم الخروب وتنميته وحل مشاكله بدءاً من مشكلة النفايات فيه التي سنواصل البحث عن حل لها بالتعاون مع المجالس البلدية المنتخبة أخيراً.
أنا أعلم أن المشكلة البيئية في الإقليم أولوية، ولهذا السبب، كان همنا دائما أن نجد حلولا دائمة للمشاكل المزمنة. من هنا بدأنا بإنشاء محطة تكرير في الجية، وألحقناها بشبكة صرف صحي تغطي حوالي 70 بالمائة من الإقليم يجري حاليا وصلها بمحطة الجية، بالتزامن مع المرحلة الثانية العاملة حاليا لتشمل الشبكة كل الإقليم. ومن هنا أيضا، كان إصرار تيار المستقبل على تحديث معمل الجية الحراري لوقف التلوّث الذي يتسبّب فيه، وهذا مشروع سنبقى نتابعه حتى النهاية إن شاء الله.
وكما تعلمون جميعا، فقد كان موقف تيار المستقبل أساسي بالإصرار على أن تستفيد منطقة إقليم الخروب من مياه سد بسري. والحمد لله، سار هذا الأمر وباتت هناك لجنة برلمانية لمتابعة التنفيذ يرأسها طبعا، النائب محمد الحجار. وفي كل الأحوال، فإن النائب الحجّار “ناخرلي راسي” ليل نهار بقضايا الإقليم ومطالبه. فمن هذه الناحية، لا ينشغل بال أحد!
وبالإضافة إلى المهنيات التي أنجزت في المرحلة السابقة في شحيم وبرجا وكترمايا، وإلى مجمّع المدارس الحكومية، فإنكم ستسمعون قريبا بإذن الله عن بدء تنفيذ مجمّع الأبنية الحكومية في شحيم لتسهيل أعمال المواطنين من كل الإقليم في الدوائر الرسمية وتخفيف معاناة التنقّل.
وشبكات الطرق في منطقتكم، كما في كل لبنان بحاجة دائمة للصيانة وإعادة التأهيل، ولكن الحمد لله أنه تم في السابق تأهيل طريق وادي الزينة – داريّا وطريق السعديات – عين الحور والآن وصلة الزعرورية – جون شارفت على نهايتها.
وقد كان الأساس الأساس وسيبقى بنظرنا، إعادة تحريك عجلة الاقتصاد الوطني والعودة إلى النمو. منطقتكم، غنية بالشباب والشابات المتعلمين والمتفوّقين، وهي كانت دائما خزان الطاقات البشرية في كل الإدارات الرسمية والقطاعات، ونحن نعتبر أن هدفنا الأول هو إيجاد الفرص أمام الشباب ليعملوا ويبدعوا ويبادروا.
كل هذا يحتاج إلى الاستقرار، استقرار في المؤسسات، بدءا من انتخاب رئيس جمهورية، سأبقى أقول ذلك وأكرر حتى ننتخب رئيسا للجمهورية، علما أن أحدا لا يتحدث عن موضوع الرئاسة غيرنا، واستقرار أمني بفضل جهود وبطولات قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني، واستقرار بعلاقات لبنان مع الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة، وخطة عمل نحضّر لها، للنهوض الاقتصادي بالبلد. كل هذا يتطلّب جهود الجميع، وبشكل خاص الشباب، ولهذا السبب أنا مصرّ على أن يعطي المؤتمر العام المقبل لتيار المستقبل أولوية للطاقات الشبابية ولرأي الشباب ولوجود الشباب والشابات على كل مستويات التيار، من أصغر منسقية وصولا إلى المكتب السياسي.
والله كريم، ورمضان كريم، وكل عام وأنتم بخير.