يمكن لأسعار النفط في المدى القصير أن تتغير هبوطاً وصعوداً باستمرار، اعتماداً على التطورات السياسية بشكل خاص في الدول الكبرى المنتجة للنفط.
وفيما لا تزال أحدث المؤشرات تظهر أن السوق قد تكون متوازنة حالياً، سيما تقارير الوكالة الدولية للطاقة التي تشير إلى تنامي المخزونات، وفقاً لبيانات شهر أبريل/ نيسان الماضي. ويعود الفضل في ذلك إلى تحسن الطلب، والتعويض عبر زيادة إنتاج النفط الإيراني. كذلك من المتوقع أن يتحسن الطلب على نحو طفيف في النصف الثاني من العام مقارنة بالنصف الأول منه، وسيتركز غالباً في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
كما يرى الخبراء أن ثلث إلى نصف النمو العالمي سيحدث في الصين والهند (تتراوح تقديرات العام من 0.51 مليون برميل يومياً إلى 0.75 مليون برميل يومياً)، أي أن الاتجاهات الاقتصادية الحديثة في كلتا الدولتين ستكون مهمة ومصيرية لتوازن السوق. بينما تشير البيانات الحديثة إلى نمو أقوى في الهند، مما يعني استمرار حالة عدم التأكد من قوة الطلب الكلي.
وبالتأكيد، فإن التساؤلات فيما يتعلق بالأسس والقواعد والمفاهيم، وفيما يتعلق بحالة عدم التأكد تبقى في جانب العرض، وتتعلق بالإنتاج في عدد من البلدان الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط. وفي أسوأ الأحوال، قد يتراجع إنتاج نيجيريا 0.5 مليون برميل يومياً في النصف الثاني عما كان عليه في عام 2015، بينما يستمر توقف إنتاج ليبيا، ويتراجع إنتاج فنزويلا 0.25 مليون برميل يومياً (أو من الممكن أن يتوقف كلياً)، ويستقر الإنتاج الإيراني بزيادة نحو 1 مليون برميل يومياً عن العام الماضي.
من ناحية أخرى، فإن تزايد العرض المحتمل من النفط الليبي الخام فائق الجودة- بسبب التقدم الذي تحرزه القوات النظامية في حربها- سيكون ذا تأثير ملحوظ في الأسواق. ويقال إن الثوار النيجيريين على استعداد للتفاوض مع الحكومة، مما قد يضيف الكثير إلى الكميات المعروضة.
وفي كلتا الحالتين، قد يرتفع الإنتاج 0.5 مليون برميل يومياً بحلول نهاية العام الحالي، لكن المعدل سيكون أقل بكثير قبل ذلك الوقت.
فيما يبرز إنتاج النفط الصخري أيضاً، فقد شهدت منصات استخراجه في الحقول تزايداً طفيفاً، إلا أنه قد يكون من المبكر انتظار تدفق رؤوس أموال جديدة. ويرى معظم المراقبين تراجعاً إضافياً بنحو 0.5 مليون برميل يومياً في النصف الثاني من عام 2016، بالرغم من ترجيح التعافي-أو الاستقرار على الأقل-في العام المقبل.
وحتى لو تعرض العالم لخسائر هائلة في العرض من نيجيريا و/أو فنزويلا، مع توقعات بنمو معتدل في الطلب، وتراجع في إنتاج النفط الصخري- تظل المخزونات عند مستويات مرتفعة جداً. وهذا يجعل من الصعب توقع “تعافي” الأسعار لتصل إلى 60 أو 70 أو 80 دولار، مع غياب المزيد من الاضطرابات في عرض النفط. لكن باستثناء حدوث تعافٍ كبير في كل من ليبيا ونيجيريا، أو ضعف مؤثر في الاقتصاد العالمي، من المستبعد نشوء ضغوط جدية تدفع الأسعار إلى الهبوط مجدداً. وبالتالي، يبدو أن 50 دولار للبرميل هو السعر أو الثمن المثالي في الوقت الراهن.