رنا سعرتي
عرضت بعثة صندوق النقد الدولي برئاسة اناليزا فيديلينو في محاثاتها في بيروت امس، الواقع المالي في لبنان والملفات المشتركة. وشدّدت على دقة الوضع المالي وغياب السياسات المالية الحكومية والمحاسبة العامة في ظلّ ارتفاع الدين العام الى 72 مليار دولار وزيادة العجز السنوي بقيمة 5 مليارات دولار.
يتّضح يوماً بعد يوم ان الاتّكال على المصارف لتمويل حاجات الدولة لم يعد مضموناً، خصوصاً ان المؤشرات الحالية توحي بتراجع مهمّ في نسبة نمو الودائع المصرفية، مما قد يضطر المصارف الى الإحجام عن تمويل الدين العام بالوتيرة نفسها المعهودة، في ظلّ غياب الاصلاحات الاقتصادية التي طالما طالبت بها المصارف وعدم اقرار قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص.
في هذا السياق، أكد وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ»الجمهورية» ان القطاع المالي والمصرفي تحديداً يبقى الدعامة الاساسية لصمود الاقتصاد اللبناني. واشار الى ان القطاع المصرفي بودائعه واحتياطه الالزامي وحجم موجوداته من الذهب والسيولة الفائضة التي تبلغ حوالي 228 مليار دولار، يشكل ثروة للبنان وقاعدة صموده. كما لفت الى حجم التحويلات المالية من الخارج والتي تبلغ حوالي 7,5 مليارات دولار سنوياً.
نظراً لتلك المعطيات، شدد حكيم على «ان الوضع المالي بخير، إلا ان المشكلة الاساسية تكمن في التركيبة السياسية الادارية للدولة اللبنانية والتي أسفرت عن غياب موازنة الدولة منذ العام 2005 لغاية اليوم، وهو أمر مخجل، بالاضافة الى انعدام الثقة بالدولة وحالة من عدم الاستقرار السياسي نتيجة الفراغ في رئاسة الجمهورية».
على سبيل المثال، سأل حكيم: كيف تتجرأ الحكومة التي نعتها رئيسها بحكومة «التمريقات»، التفكير في وضع ملف مراسيم النفط والغاز على طاولة مجلس الوزراء؟
أضاف: الهدف واضح هو استغلال غياب رئيس الجمهورية لتمرير الملفات. وشدّد حكيم على ان مجرد انتخاب رئيس للجمهورية يؤدّي الى رفع نسبة النمو الاقتصادي 4% في خلال عام.
واكد ان بقاء الوضع على ما هو عليه اليوم والاستمرار في الفراغ الرئاسي وتدهور الوضع الاقتصادي، يطرح علامة استفهام حول امكانية الصمود في ظلّ تراجع نمو ودائع المصارف من 12% الى 6% سنوياً اضافة الى تراجع نسبة التحويلات المالية.
لكنه طمأن في المقابل الى ان حجم الودائع اليوم يبلغ حوالي 153 مليار دولار بنمو يبلغ حوالي 11 مليار دولار سنويا، في حين ان عجز الدولة السنوي يبلغ 5 مليار دولار، وبالتالي، يبقى الوضع مضبوطاً لغاية اليوم، إلا ان الدولة لا يمكنها الاستمرار في الاعتماد على القطاع المصرفي وعلى التحويلات المالية لسدّ حاجاتها التمويلية.
وقال حكيم: «الوضع المالي المضبوط هو الذي سمح للسياسيين بالتمادي في اخفاقاتهم، متناسين ان هذه الحكومة هي حكومة مؤقتة شُكّلت لفترة 3 أشهر الى حين انتخاب رئيس للجمهورية، وسيصبح عمرها 3 اعوام. مما يعني ان هذا الوضع يلائم طموحات البعض من خلال استغلال الفراغ في رئاسة الجمهورية لتمرير ما يشاء».
وفيما اوضح ان ركائز الاقتصاد يجب ان تعتمد على قطاعات حيوية للدولة اللبنانية كالقطاع الزراعي، الصناعي، التجاري وقطاع البناء، أسف حكيم ان تكون الحكومة غير مبالية لرؤية اقتصادية سبق وأعدّتها وزارة الاقتصاد من أجل مناقشتها وبلورتها داخل الحكومة.