Site icon IMLebanon

حلب… أسطورة أم مقبرة “حزب الله”؟

كتبت صحيفة “الشرق الأوسط”: لا تزال تداعيات معركة خلصة الواقعة في ريف حلب الجنوبي، التي قُتل على إثرها عشرات العناصر مما يُسمى “حزب الله” والنظام السوري، تطوّق الحزب في الداخل اللبناني مع تنامي حالة التململ في بيئته الحاضنة، خصوصا أن قسما من جثث العناصر لا تزال محتجزة لدى “جيش الفتح” إضافة لأحد الأسرى.

وفي مسعى لاستيعاب حجم الاستياء وامتصاص غضب جمهوره، أطلق الحزب في الأيام القليلة الماضية “حملة دعائية منظمة”، عبر وسائل الإعلام التابعة له وأخرى مقربة منه، كما عبر وسائل التواصل الاجتماعي رد فيها بحملة “حلب أسطورة حزب الله” على حملة أطلقها معارضون سوريون حملت عنوان “حلب مقبرة حزب الله”.

وتزامنت الحركة على وسائل التواصل الاجتماعي مع حملة إعلامية منظمة غيّبت الخسائر البشرية غير المسبوقة التي مني بها الحزب منذ قرار مشاركته في الحرب السورية في عام 2012، وركّزت على خسائر طرف المعارضة. ففي حين أقر الحزب نهاية الأسبوع الماضي بمقتل 25 من عناصره في معركة خلصة، ادّعى مقتل 250 من مسلحي المعارضة، وهو ما نفته الأخيرة جملة وتفصيلا.

وبدا لافتا خروج إحدى الصحف اللبنانية المقربة من الحزب يوم أمس بإعلان حصيلة نهائية لمعركة خلصة، بلغت 31 قتيلا من عناصر ما يسمى “حزب الله”، معتبرة أن هذا “العدد الكبير من الشهداء في معركة واحدة، لم تتعوّده المقاومة في معاركها السابقة، باعتباره يتجاوز الـ28 شهيدًا في بداية معركة القصير في عام 2013”. ورأت الصحيفة أن هذا العدد “لا يشير إلى ضراوة القتال فحسب، وإنما أيضًا إلى تحول حلب إلى الجبهة الأولى في معارك مقاتلي (ما يسمى) حزب الله، وارتفاع ثمن القتال من أجل بقاء سوريا في خندق المقاومة، وهو الهدف الأول الذي انخرط من أجله الحزب في الميادين السورية”.

وينشط مناصرو الحزب وبشكل لافت على مواقع التواصل الاجتماعي باعتبار أنهم يتعاطون مع الموضوع بوصفه جزءا من “الجهاد الإعلامي” و”الحرب النفسية على العدو”، ويقول الناشط السياسي المعارض لما يسمى “حزب الله” مجيد مطر لـ”الشرق الأوسط”، إن الحزب “خبير بموضوع الدعاية ويتعامل معها باحتراف مطلق”، لافتا إلى أنه “عمد أخيرا إلى توظيف عامل السرعة التي تعتمد عليها وسائل التواصل الاجتماعي لتعميم شعاراته بمسعى لرفع معنويات جمهوره المنخفضة بشكل غير مسبوق”. وأضاف: “لا شك أن التململ الذي تعيشه بيئة الحزب يتنامى مع مرور الأيام، وقد بات الناس يخرجون علنا ليسألوا عن أولادهم ويطالبوا بعودتهم إلى ديارهم”.

ويؤكد مطر، أن “التبريرات” التي كان يقدمها الحزب للانخراط بالحرب السورية لم تعد تُقنع جمهوره الذي لم يعد قادرا أصلا على استيعاب المزيد من القتلى، متحدثا عن “حالة إرباك، باتت تجعل نصر الله يعد للعشرة قبل قرار الخروج للإدلاء بمواقف تلعب بمعظم الأحيان على العاطفة وتستحضر حرب تموز ومفهوم المقاومة بمحاولة لإقناع بيئته بحتمية المعركة العبثية”.

ومن المقرر أن يُطل نصر الله غدا (الجمعة) في إحياء ذكرى أربعين القائد البارز في ما يسمى “حزب الله”، مصطفى بدر الدين. وتندرج الإطلالات المتتالية لأمين عام الحزب، وبحسب معارضيه في سياق شد عصب شارعه كل فترة يشعر فيها بحالة من التململ والإرباك.

وبحسب علي الأمين، الباحث السياسي والمعارض البارز للحزب، فإن الخسائر التي مني بها في معركة خلصة “أعادت فتح السجال في أوساطه حول الجدوى من التورط في الحرب السورية وإلى متى سيستمر، إلا أنها لم تحد من قدرة (حزب الله) على التأثير ببيئته الحاضنة من خلال استحضار موضوع التهديد الوجودي”. وقال الأمين لـ”الشرق الأوسط”: “لا شك أن وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي أحد مصادر التعبئة الأساسية بالنسبة للحزب الذي لا يزال قادرا من خلالها على الاستقطاب رغم الأزمات التي سببها له تورطه بالحرب السورية والأثقال الكبيرة التي يحملها نتيجتها”. وأشار الأمين إلى أنه وبالمقابل، فإن “مظاهر الاحتفاء بالشهداء التي كان يتقنها ويبرع بها الحزب تراجعت كثيرا في الآونة الأخيرة مع ازدياد عدد القتلى”، مضيفا أن “الخطاب العنتري السابق للحزب ومقولة نصر الله الدائمة والشهيرة (كما وعدتكم بالنصر سابقا أعدكم بالنصر مجددا) لم يعد يرددها لأن هناك شعورا متناميا بأن الحرب لا تزال طويلة، وعلى الناس أن تعتاد هذه الفكرة”.