الصراع على «ريوع» مناقصات النفايات خرج الى العلن، وبات يهدد بالعودة الى النقطة الصفر؛ فقد رفض مفوض الحكومة لدى مجلس الإنماء والإعمار وليد صافي توقيع أمر المباشرة بالعمل لشركة «جهاد للتجارة والتعهدات» في مطمر كوستابرافا، في حين تحدّث وزير الداخلية نهاد المشنوق عن «مناقصة مشبوهة» و{اختلاف في الأسعار» يثيران «الشبهة» بعد إعلان فوز شركة «خوري للمقاولات» في مطمر برج حمود
هديل فرفور
رفض مفوّض الحكومة في مجلس الإنماء والإعمار وليد صافي، أمس، توقيع أمر مباشرة العمل لشركة “جهاد للتجارة والتعهدات”، الفائزة بمناقصة تنفيذ أعمال مطمر الكوستابرافا. ومن المقرر أن يعقد مجلس الإنماء والإعمار، اليوم، جلسة طارئة لمناقشة قرار مفوض الحكومة و”اتخاذ ما يراه مناسباً”.
يقول صافي في اتصال مع “الأخبار” إنه “عند فتح العروض المالية للمناقصات المتعلّقة بأشغال الحماية البحرية ومعالجة جبل النفايات وإنشاء المطمر في منطقة برج حمّود، تبيّن أن شركة “خوري للمقاولات” فازت على أساس عرض بقيمة 109 ملايين دولار، وتبيّن بالتالي أن الأسعار المُقدّمة من قبل شركة “جهاد للتجارة والتعهّدات” أعلى بكثير من تلك المُقدّمة من شركة “خوري للمقاولات” عن الاعمال نفسها. وأضاف: “بالمقارنة بين أسعار الشركتين ظهر أن بإمكاننا توفير أكثر من 20 مليون دولار على الدولة”. وبحسب صافي، فإن مجلس الإنماء والإعمار سيبحث اليوم في خيارين: إمّا مُفاوضة المتعهّد (جهاد العرب) لخفض السعر وإمّا إعادة النظر في المُناقصة.
وكان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق قد صرّح قبل دخوله جلسة مجلس الوزراء، أمس، بأنه “يجب إعادة النظر في مناقصة مشبوهة جرت في مجلس الإنماء والإعمار حول النفايات، واختلفت أسعارها، مما يثير الشبهة حولها”. رفض المشنوق “التوسّع” في التصريح، وبالتالي رفض توضيح ماهية “الصفقات المشبوهة”. ونقلت مصادر في وزارة الداخلية قوله إنه “سيكتفي حالياً بهذه الإشارة”.
يكتفي المقاول جهاد العرب بالردّ على قرار مفوض الحكومة بالقول “إنّ المناقصتين المتعلّقتين بمطمر برج حمود والأخرى الخاصة بمطمر الكوستابرافا لا تُشبه إحداهما الأخرى، وبالتالي لا مجال للمقارنة في الأسعار”.
وكانت شركة “جهاد للتجارة والتعهدات” قد فازت في مناقصة إنشاء المركز المؤقت للطمر الصحي في الكوستابرافا في 18 أيار الماضي بسعر بلغ 62 مليون دولار، في حين فازت شركة “خوري للمقاولات”، أول من أمس، بمناقصة “أشغال الحماية البحرية ومعالجة جبل النفايات وإنشاء المركز المؤقت للطمر الصحّي في منطقة برج حمّود” بسعر بلغ 109 ملايين دولار. واعتُبرت أسعار الشركة الاولى أعلى بكثير من أسعار الشركة الثانية عن أشغال متشابهة، علماً بأن مناقصة برج حمود تتضمن أشغالاً كثيرة لا تتضمنها مناقصة الكوستابرافا.
وبيّنت نتائج مناقصة منطقة برج حمّود فروقات أسعار لافتة بين الشركات الخمس المتقّدمة، إذ بلغ الفارق بين السعر الأدنى والسعر الأعلى للعروض نحو 77 مليون دولار. هذا الأمر دفع البعض الى الشك في أن الاسعار المقدمة من شركة “خوري للمقاولات” بخسة ويمكن أن تؤدي الى عدم إنجاز المشروع بالمواصفات والشروط المطلوبة.
إلا أن مصادر شركة “خوري للمقاولات” استغربت في اتصال مع “الأخبار” الحديث عن أن أسعارها بخسة، ورأت أن هذه الأسعار “ينبغي أن تُكسِب الشركة ميزة، لا أن تُثار حولها الشكوك”، لافتةً الى أن “الملف المُقدّم من قبلنا يحوي على تفاصيل تُظهر بالأرقام أن الأسعار كانت مدروسة من قبلنا”. من جهته، يرى مفوّض الحكومة لدى مجلس الانماء والاعمار أن الأسعار المُقدمة من قبل هذه الشركة “لا تُعدّ بخسة”، لافتاً الى أن “الاستشارين وجدوها معقولة”.
الجدير بالاشارة أن الشركات التي تقدّمت الى مناقصة برج حمود، هي، فضلاً عن شركة “خوري للمقاولات”، ائتلاف هايكون ــ ميلاد أبو رجيلي (119.5 مليون دولار)، ائتلاف معوّض إدّه ــ “هيدرومار” (158مليون دولار)، ائتلاف General Engineering Technology (كرستيان بطرس قمير وشركاه)، وشركة ميشال أبي نادر (MAN ENTERPRISE sal)، ومؤسسة نقولا سروجي للتعهدات (155 مليون دولار)، وشركة بيوتك Butec (نزار يونس وشركاه) (170 مليون دولار)، وشركة عبد الرحمن للمقاولات/ حورية (186 مليون دولار).
مصادر متابعة رأت أن ما يجري على صعيد المناقصات لا يمكن تفسيره إلا بوجود اتفاق مسبق على فوز شركة معينة في مناقصة برج حمود، إلا أن الاسعار التي قدّمتها شركة “خوري للمقاولات” يبدو أنها أعادت خلط الامور، ما استدعى ردود فعل تحاول فرض العودة الى الاتفاق والالتزام بالمحاصصة المرسومة مسبقاً.
في هذا الوقت، تتزايد المؤشرات على اتجاه مجلس الإنماء والإعمار لتمديد مهلة الإعلان عن مُناقصَتي الجمع والكنس والنقل لقضاءي المتن وكسروان من جهة وأقضية بعبدا وعاليه والشوف من جهة ثانية، والتي كانت مُقرّرة يوم الاثنين المُقبل. يأتي تأجيل موعد المناقصات في ظلّ الحديث عن انسحاب بلدية بيروت من مناقصة الجمع والكنس بحجة “إدارة البلدية لنفاياتها بشكل مُستقلّ”. لكن اللافت أن البلدية بقيت مُشاركة في مناقصة الفرز والمعالجة، المُقرر الإعلان عن نتائجها في 4 تموز المُقبل.
وكان المجلس البلدي لبلدية بيروت قد انعقد أمس، للبحث في قرار إدارة النفايات. وبحسب مصادر المجلس، فإن من المقرر اليوم أن ينعقد المجلس للاطلاع على دفاتر الشروط المُعدّة لتلزيم المهمات المتعلّقة بإدارة النفايات. تقول المصادر إن الخطوة الأولى تكمن على صعيد الكنس والجمع، “أما مسألة الفرز والمعالجة، فهي تحتاج الى وقت ودراسة، وبالتالي لا يمكن للمجلس أن يتخّذ قرار الانسحاب من المناقصات حالياً، ذلك أن إنشاء معامل الفرز وغيرها من شأنه أن يستغرق وقتاً”. هل هناك توجه الى تلزيم شركة خاصة القيام بأعمال الكنس والجمع؟ نعم، تُجيب المصادر. هل ستكون شركة “سوكلين” هي المُرّشحة للقيام بهذه المهمة لبلدية بيروت؟ “لا نستطيع القول نعم، ولا نستطيع أن ننفي”، تُجيب المصادر نفسها. يأتي هذا الحديث في ظل إصرار شركة “سوكلين” على التكتّم على مسألة مُشاركتها في مناقصة الجمع والكنس.
باختصار، لا تزال مناقصات النفايات رازحة تحت المحاصصة الجارية التي يمكن أن تطيحها كلها.