رولا عطار
كانت تداعيات حرب السنوات الست التي تمر بها سوريأ، هي الحجة الدائمة للحكومة كي تبرر أسباب إصدارها أي قرار يزيد تعقيد الوضع الإقتصادي. وكان آخرها قرار زيادة أسعار المشقتات النفطية ورفع أجور المواصلات العامة، الذي مازالت تتفاعل معه آراء الإقتصاديين، الذين ترى غالبيتهم، أن الطريقة التي تعمد فيها الحكومة إلى اتخاذ القرارات، تضر بمصالح المستهلك والمنتجين وأصحاب المؤسسات على حد سواء.
تمثلت استراتيجية الحكومة، خلال الأزمة بزيادة الإيرادات العامة من خلال سياسة “عقلنة الدعم”، التي خفضت الدعم بشكل كبير عبر تحرير أسعار السلع الأساسية، مثل الخبز وأسعار المشتقات النفطية. وأدت هذه السياسة إلى تراجع الإنفاق العام على الدعم وتخفيض عجز الموازنة. ما تسبب بزيادة تكلفة الإنتاج المحلي، وبضغوط تضخمية. وأدى ذلك إلى تدهور قيمة العملة المحلية. ومن نتائج هذه السياسة الإضرار بالإقتصاد وانخفاض الطلب المحلي وزيادة تكلفة الإنتاج والواردات. ما ساهم في تعميق الإنكماش.
وفي السياق، يرى رئيس “اتحاد غرف الصناعة السورية”، فارس الشهابي، أنه “كان من المفترض أن تتبع الحكومة سياسة تشغيلية حاضنة تمنح محفزات وإعفاءات ضرورية لمختلف القطاعات ولجميع الطبقات المنتجة في المناطق المتضررة، لمساعدتها على التعافي والصمود، وكي تكون نتيجة المعادلة الإقتصادية إيجابية لمصلحة النشاط الإقتصادي المضاد للغلاء والتضخم، وبشكل تراكمي متنامٍ ومستقر وليس لمصلحة الغلاء والتضخم. وبالتالي، تأتي القرارات الصادرة عن الحكومة متكاملة مع بعضها لتخلق نشاطاً إقتصادياً تراكمياً.
لكن الإجراءات الحكومية الأخيرة، جاءت لتدعم دوامة الغلاء والتضخم المدمرة، وتزيد من قوتها. فما دامت أسعار المشتقات النفطية مرتبطة بشكل مباشر بأسعار الصرف وأسعار الصرف مرتبطة بتوفر القطع الذي لن يوفره اليوم سوى الانتاج، فلماذا لم نصدر القرارات التي تدعم تعافي منظومة الإنتاج الزراعي والصناعي، وتدعم تنشيطها وتصديرها لتنخفض أسعار الصرف وتنتفي الحاجة عندها لرفع أسعار المشتقات النفطية.
يضيف الشهابي: من المؤكد أن تكاليف الإنتاج سترتفع، وكذلك الأسعار في الفترة المقبلة. وبالتالي، سنضطر قريباً إلى رفع أسعار المشتقات مرة جديدة، من دون أن يكون لدينا القدرة على رفع الأجور بشكل يمتص الغلاء أو نكون قد أعدنا الدورة الإنتاجية إلى طبيعتها للتصدي لهذا التضخم المتنامي”.
من جهته، يرى رئيس “اتحاد غرف الزراعة السورية”، محمد كشتو، في حديث لـ”المدن”، أن قرار رفع الأسعار “يجعلنا أكثر تخوفاً خلال المرحلة المقبلة وحتى مع الزيادات التي تضاف على رواتب الموظفين كتعويض شهري، نعتبرها غير كافية لتغطية النفقات والتكاليف. وهي أضعاف الزيادات التي تقر. وما يقلقنا هو هذا الارتباك الذي يصيب العمل الإقتصادي نتيجة قرارات الفريق الحكومي. فبدلاً من تقييدنا، لماذا لا نُعطى الفرصة للعمل بحيث تدور عجلة الإقتصاد مجدداً كي يتم استثمار الموارد المتاحة بشكل أفضل”.
وتتجه آراء أخرى إلى القول إن رفع الدعم يجب ألا يتم بطريقة انتقائية، بل بخطة متكاملة، وإن أداء الحكومة غير مقنع. لكن ما تجدر الإشارة إليه هو أن الحكومة تشتري ليتر المازوت وليتر البنزين بسعر 0.85- 1.00 دولاراً أي بين 425 و500 ليرة، وتبيعه بنصف القيمة أو أقل. وذلك بالرغم من توقف إنتاج النفط وشرائه من الخارج. وبالتالي، هي لاتزال تدعم فارق السعر بين الشراء والبيع. وفق ما يوضحه عضو “اتحاد المصدرين السوريين” إياد محمد، في حديث إلى “المدن”.
ونتيجة قرارات الحكومة عموماً، على مدى السنوات الماضية، تحمّل المواطن آثاراً سلبية متراكمة. ووفق مصادر في مجلس الشعب السوري لـ”المدن”، فإن المواطن إستهلك مدخراته تحت تأثير قرارات الحكومة، ويحصل الاستهلاك في ظل توقف شبه كامل للحركة الإنتاجية، وبالتالي لا يعوض المواطن الموارد التي ينفقها.