كتبت ميسم رزق في صحيفة “الأخبار”:
بعد فشل التوافق على قانون انتخابي، لم يجِد الرئيس نبيه برّي حلاً إلا بالضغط على المتحاورين عبر الدعوة إلى عقد ثلاث جلسات متواصلة للبحث في السلة المتكاملة. غير أن طرح رئيس مجلس النواب لم يلقَ ترحيباً من قبل تيار المستقبل، ما دفع بالرئيس فؤاد السنيورة إلى تكثيف اتصالاته مع قوى الرابع عشر من آذار بهدف إلغاء الجلسات عبثاً يُحاول رئيس مجلس النواب نبيه برّي التوصل إلى نقاط مشتركة مع أطراف طاولة الحوار في ظل اصطدام المتحاورين مجدّداً بحائط قانون الانتخابات. وبعد فشل التوافق، ذهب الرئيس برّي إلى خيار آخر قائم على “مؤتمر دوحة مصغّر” و”صُنِع في لبنان”، يُصار من خلاله إلى الاتفاق على سلّة متكاملة تشمل رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب والحكومة، سيترجم بجلسات مفتوحة في الثاني والثالث والرابع من شهر آب المقبل. ومع تكرار برّي التحذير من نزول الناس إلى الشوارع إذا ما بقي قانون الستين، ثمّة من يُحاول نصب فخ لرئيس مجلس النواب يهدف من خلاله إلى تطيير الجلسات الثلاث، خوفاً من اضطراره إلى القبول باتفاق شامل تحت الضغط.
في هذا الصدد، علمت “الأخبار” أن رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة بدأ منذ الخميس 23 حزيران بتحريك اتصالاته مع عدد من شخصيات فريق الرابع عشر من آذار لدفعها في اتجاه إفشال الجلسات. فقد كان الرئيس السنيورة أول من أبدى اعتراضه على عقد جلسات متواصلة، وقال علناً أمام الرئيس برّي إنه “لا يريد هذه الخلوة، وإن من الأفضل أن تسير الأمور بسياقها الطبيعي، وأن تستمر طاولة الحوار كما هي عليه الآن، حاصرة النقاش بموضوع رئاسة الجمهورية”.
لكن السنيورة الذي شعر بأن “الجلسات فرضت بالأمر الواقع” سرعان ما بدأ عند خروجه من الجلسة بالإعداد لـ”لوبي” آذاري يرمي من خلاله إلى إفشال مبادرة برّي. وقالت مصادر آذارية بارزة إن “أول باب طرقه الرئيس السنيورة هو باب الأمانة العامة لفريق الرابع عشر من آذار، حيث تواصل مع المنسق العام النائب السابق فارس سعيد طالباً منه شنّ حملة على مبادرة الرئيس برّي”. وبالفعل لم يتأخر سعيد في البدء بما هو مطلوب منه، وسارع إلى شنّ حملة على المبادرة، معتبراً أن “لا يجوز تكرار ما حصل في الدوحة، لأن ذلك سينتج رئيساً للجمهورية من دون صلاحيات، وسيتم فرض قانون انتخابات لا يناسب أحداً، وقائد للجيش غير متوافق عليه”. وما لبث رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع أن أطلق موقفاً مؤيداً للرئيس السنيورة، مؤكداً في حديث إلى جريدة “الرأي” الكويتية أنه “ضد أي اتجاه لدوحة لبنانية لأنه ينطوي على قفز فوق الدستور والمؤسسات، وأن أي تفكير من هذا النوع سيكون مدمراً”. وطلب السنيورة من سعيد، بحسب المصادر، “زيارة معراب للتنسيق مع جعجع”. وبالفعل اجتمع سعيد أمس بجعجع في معراب بحضور رئيس جهاز الإعلام والتواصل ملحم الرياشي. ومن هناك، أطلق سعيد مجدداً السهام على مبادرة برّي، معتبراً أن “أي انزلاق أو خروج عن اتفاق الطائف سنواجهه بطريقة سلمية ديموقراطية وعبر التمسك بالدستور اللبناني أكثر فأكثر”.
وكشفت المصادر أن سعيد “تشاور مع جعجع في موضوع رفض المبادرة، ونقل إليه مساعي الرئيس السنيورة لإعادة جمع مكونات فريق الرابع عشر من آذار تحت هذا العنوان”. كذلك أشارت إلى أن “سعيد أبلغ رئيس القوات أنه عازم على زيارة بكفيا خلال اليومين المقبلين للقاء رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل وطرح الموضوع عليه للتوصل إلى اتفاق معه في هذا الشأن”.
وقالت المصادر إن “الهدف من هذه الزيارات هو تشكيل كتلة موحّدة ضد خلوة الرئيس برّي، لأننا نتخوّف من أن تأخذنا هذه الخلوات إلى اتفاقات لا نريدها ولا تتوافق مع طروحاتنا”، وخصوصاً أن “طرح السلّة المتكاملة يتقدّم على كل الطروحات؛ فبعد أن كان هذا الطرح مرفوضاً نهائياً في وقت سابق، تبيّن خلال جلسة الحوار الأخيرة أنه بات هناك إمكانية للنقاش الجدّي فيه، وبات حسم الرئيس السنيورة موضوع إجراء الانتخابات الرئاسية قبل الانتخابات النيابية في خبر كان”. وفي وقت لا يبدو فيه تيار المستقبل متحمّساً لطرح السلّة المتكاملة، يصرّ السنيورة على طرحه، وهو لن يتراجع عن “خطته” لإفشال مبادرة برّي. ولتحقيق هذا الهدف، لفتت المصادر إلى أنه “تكفّل باستمالة المستقلّين داخل فريق الرابع عشر من آذار، كي ينضموا إلى الحلف الجديد في وجه رئيس المجلس”، مشيرة إلى أنه في حال لم يتراجع بري عن عقد الجلسات الثلاث فإن “تيار المستقبل قد يُعلن مقاطعتها إذا نجح في إنشاء قوة آذارية ضاغطة”.