ألقى أمين عام الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن كلمة خلال الإفطار الرمضاني السنوي للمجلس التنفيذي، في مطعم الساحة في بيروت، قال فيها: “إن أحب اللقاءات وأجملها كل عام هو هذا الاجتماع النقابي والاجتماعي حول مائدة شهر رمضان المبارك، شهر المحبة وصفاء النوايا، شهر العمل والدعاء من أجل لبنان أفضل وعالم عربي خال من النزاعات والحروب، ومجتمعات تلفظ كل أنواع الإرهاب والتكفير والحقد وأبشع وسائل العنف الذي لم يعد يقتصر على بلداننا العربية، بل عم العالم بأسره تفجيرا وقتلا وذبحا ما بات يستدعي قيام جهة دولية قوية وجدية وصادقة لمواجهة هذه الظاهرة الأخطر في تاريخنا المعاصر لتجفيف مواردها المادية وقطع سبل تواصلها الميدانية تمهيدا لإبادتها واقتلاعها من وطننا ومحو أسباب توسعها وانتشارها وهو قيام الكيان الصهيوني العنصري، وهو الكيان النموذج للارهاب بكل أشكاله منذ عصابات الهاغانا إلى قيام دولة الاحتلال الاسرائيلية – الدينية – العنصرية والإرهابية التي لا تنفك تقتل الأبرياء وتقصف المدنيين وتذل العابرين المتنقلين في أرجاء بلدهم السليب وأرضهم المغتصبة”.
وقال: “كم كنا نود أن نقول كلاما مطمئنا في إفطار هذا العام، كلام أفضل من كلمة إفطار السنة السابقة يروي غليل الصائمين كما قطرات المياه. لكن وبكل أسف تمضي الأمور من سيء إلى أسوأ بدءا من تداعي السلطة السياسية بدءا من رأس الهرم بانتخاب رئيس للجمهورية والذي يستمر الشغور فيه دون أفق وباب ضوء مرورا بشلل التشريع بسبب تعطيل النصاب في المجلس النيابي وصولا إلى تعثر وتبعثر الحكومة وتضارب المصالح الفئوية وحسابات المحاصصة وتقاسم المغانم ويترافق كل ذلك مع المزيد من الفساد وهدر المال العام في كل مرافق الدولة من كهرباء وبهذه المناسبة لا بد من التوقف عما يجري في الشركة وما تتعرض له والاعتداء على الحقوق والحريات النقابية إلى الاتصالات والخدمات العامة، وصولا إلى أزمات النفايات وتلوث البيئة وتحكم الاحتكارات بتفاصيل الحياة اليومية للمواطنين. وغير ذلك مما يطول شرحه بما لا تحتمله هذه المناسبة الكريمة سوى أن التوقف عند أزمة النازحين من الأخوة السوريين وتكاثر أعداد العاطلين عن العمل مع ما تنشره الصحف عن عمليات صرف تعسفي وجماعي بالمئات لا بل بالآلاف ومع استمرار تآكل الأجور والامتناع عن تطبيق الاتفاق العائد إلى تصحيحها الدوري منذ مطلع العام 2012، كل ذلك يضعنا كاتحاد عمالي عام أمام تحد لاتخاذ قرارات عملية بالتحرك والانقضاض على هذا الواقع المرير رغم كل المخاطر السياسية والأمنية، حيث لا خطر أدهى من العوز والبطالة واستجداء الدواء ولقمة العيش ولا طريق أسهل من دفع الناس إلى ارتكاب الجرائم الاجتماعية والأخلاقية على اختلافها فضلا عن تأمين البيئة الحاضنة للتطرف والكراهية والإرهاب”.
وأضاف: “وعلى ذلك عاهدناكم دائما كاتحاد عمالي عام ونجدد العهد أمامكم في هذه الأمسية الرمضانية المباركة بأن نمضي قدما للدفاع عن حقوق العمال وتحقيق تطلعاتهم وزيادة تقديماتهم الاجتماعية. ومن هنا، يثمن الاتحاد العمالي العام في لبنان القرار الذي اتخذه أعضاء مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا سيما ممثلي العمال بمشاركة أطراف الإنتاج ممثلي الدولة وأصحاب العمل والإعداد الجيد لدراسات المدير العام لديمومة هذه التقديمات السخية، وهو الموقف الوطني والاجتماعي بإقرار رفع مساهمة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي – فرع المرض والأمومة تغطية كلفة العناية الطبية للأمراض المستعصية، السرطانية والتصلب اللويحي والتليف الكبدي والضغط الرئوي”.
وتابع: “تصادف هذه المناسبة الكريمة مع انتخابي أمينا عاما للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، وهو تكليف أعتز به ليس بسبب أهمية الموقع وحساسيته في هذه الظروف، وليس لأنها المرة الأولى التي ينتخب فيها في المشرق العربي ومن لبنان لهذا الموقع القيادي الأول في الحركة النقابية العربية، إنما للثقة التي أولاها القادة النقابيون العرب للبنان ولاتحاده العمالي العام ولتجربته النقابية الديموقراطية الرائدة وإيمانه بالحرية والتنوع وتداول المسؤولية. كما أنني أوجه تحية خاصة وصادقة لزملائي في المجلس التنفيذي للاتحاد وهيئة مكتبه ترشيحي ودعمي الذي بدونه ما كان للبنان هذا الموقع الرائد”.
وقال: “اسمحوا لي أيها الأخوة أن أستعير بعضا مما قلته على منبر الأمم المتحدة في منظمة العمل الدولية في مطلع الشهر الحالي أثناء انعقاد الدورة ال 105 لمؤتمر العمل الدولي بأننا في الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب الذي من صلبه الاتحاد العمالي العام في لبنان عقدنا العزم ورصصنا الصف وصوبنا البوصلة وحددنا الأهداف، فأقمنا مؤتمرنا الثالث عشر في منتصف شهر أيار (مايو) في جمهورية مصر العربية بحضور منظمة العمل العربية والاتحاد العالمي للنقابات ومنظمة الوحدة النقابية الأفريقية بالإضافة إلى منظمة نقابية دولية أخرى. ليشهدوا على شفافية وديموقراطية انتخابات الأمين العام وهي انطلاقة جديدة لعلاقات أراها رصينة وقوية مع منظمات نقابية ذات أهداف مشتركة. وهي أهداف واضحة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وفق مبادىء منظمة العمل الدولية وأهدافها السامية وانتصارا للحقوق والحريات النقابية والحق بالتنظيم على أساس الديموقراطية والاستقلال”.
أضاف: “لقد لعب الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب دورا تاريخيا على الصعيد القومي وفي دعم الاتحادات الوطنية في كل بلد عربي وهذا الاتحاد الذي يقع على عاتقه اليوم مهمات استعادة هذا الدور الريادي للعمال العرب في الوحدة والتنظيم والعمل الفاعل فضلا عن تحد من نوع آخر في مواجهة الإرهاب والتكفير ومواجهة الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين وكافة مشاريع الهيمنة الامبريالية السياسية والاقتصادية”.
وتابع:” عهدي لكم أيها الزملاء أعضاء المجلس التنفيذي أن أكون أمينا على هذه المبادئ وأن أسعى ما استطعت لتحقيقها بمساعدتكم ودعمكم كما بمساعدة ودعم الأخوة الأشقاء قيادات وأعضاء الاتحادات النقابية العربية من الشقيقة مصر والأخوة في العراق وسوريا وجميع الاتحادات العمالية العربية في المشرق والمغرب العربي وأفريقيا”.
وختم: “شكرا لكم جميعا على مشاركتكم هذا اللقاء الرمضاني راجيا من الله تعالى أن يكون العام القادم عاما للسلام والأمن والاستقرار والعيش الكريم في لبنان وعلى امتداد الوطن العربي”.