Site icon IMLebanon

الحريري في طرابلس اليوم

 

كتب غسان ريفي في صحيفة “السفير”:

لا تشبه زيارة الأيام الثلاثة المقررة للرئيس سعد الحريري لطرابلس الجمعة 24 حزيران، سابقاتها من الزيارات، لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون، بل هي ستكون مختلفة كلياً.

سيحاول “زعيم المستقبل” من خلالها مصالحة طرابلس بمختلف مكوناتها وفئاتها وطبقاتها الاجتماعية، بعدما شعر أن انقطاعه عنها بسبب وجوده خارج لبنان، وعدم الايفاء بوعوده وعهوده المالية والانمائية معها، وإغلاقه حنفية المساعدات فيها، فضلا عن تنازلاته السياسية وقراراته ومواقفه غير الشعبية، قد أخرجت المدينة من تحت عباءته. وكانت نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة أكبر دليل على ذلك، حيث كان الحريري الخاسر الأكبر فيها.

فمن حيث الشكل لن يتجمع أبناء المناطق الشعبية الطرابلسية في صفوف طويلة أمام فندق “الكواليتي إن” لاستراق نظرة لابن الشهيد رفيق الحريري، ولن يقطعوا الطرق ويتدافعوا من أجل الدخول مع الوفود الشعبية للقائه، أو الحصول على مساعدة مالية كما كان يحصل بين عامي 2005 و2009. بل إن الحريري طلب من منسقية طرابلس إعداد لقاءات محددة مع كوادر “المستقبل”، وفاعليات مهنية ونقابية واجتماعية، وشخصيات سياسية ومدنية مختلفة. وهو ربما يخرج عن المألوف، ويذهب بنفسه إلى أبناء بعض المناطق الشعبية، بدل أن يأتوا هم إليه.

أما في المضمون، فإنّه لم يعد من السهل على الحريري إقناع مستمعيه بوجهات نظره ومواقفه السياسية، كما كان يحصل سابقا.

ويمكن القول إنّ ثمة مفارقات عدة في الزيارة الحريرية إلى طرابلس، حيث إنها من المرات النادرة التي يشارك فيها زعيم “المستقبل” في إفطارات في معرض رشيد كرامي الدولي، حيث كان قبل مغادرته لبنان يدعو فاعليات طرابلس الى قصر قريطم على غرار ما كان يفعل والده الشهيد. وخلال وجوده في الخارج كان يخاطب الطرابلسيين والشماليين عبر شاشة من مقر إقامته في السعودية أو في فرنسا.

ومن المفارقات أيضاً، أن الرئيس نجيب ميقاتي في رأس لائحة المدعوين الى إفطار طرابلس غروب اليوم، ويليه النائب محمد الصفدي، والنائب أحمد كرامي، والوزير السابق فيصل كرامي، وذلك بعد خمس سنوات من “الحرب” التي فتحها الحريري على ميقاتي وكل حلفائه خلال ترؤسه حكومة “قولنا والعمل” وبعد استقالته أيضا، الى أن انكسر الجليد بينهما في اللقاء الذي استضافه رئيس الحكومة تمام سلام، ونتج منه التحالف البلدي في طرابلس. وفي ذلك إقرار ضمني من الحريري بالثنائية السياسية السنية على المستوى اللبناني، وبأنه لا يستطيع أن يخوض أي استحقاق في طرابلس من دون الرئيس ميقاتي أو حليف قوي.

ومن أبرز هذه المفارقات استثناء الوزير أشرف ريفي من الدعوة الى كل نشاطات الحريري في طرابلس من إفطارات وأمسيات سحور وغيرها. وذلك بعد اتساع هوة الخلاف بينه وبين الحريري على خلفية قرار استقلاليته عنه، وإصراره على مواجهة خياراته السياسية. وقد جاءت نتائج الانتخابات البلدية وما تلاها من تصريحات رفع فيها ريفي السقف السياسي تجاه الحريري شخصيا، لتكرس هذا الخلاف الذي سرعان ما تحول الى قطيعة. لكن في كل الأحوال، فإن ريفي غير موجود في طرابلس، حيث غادر الى النروج لحضور مؤتمر.

كما استثني من الدعوة النائب الاسبق مصباح الأحدب، الذي لم يوفر الحريري وتياره من انتقاداته طيلة الفترة السابقة.

وتقول مصادر قيادية في تيار “المستقبل” إن زيارة الحريري لطرابلس تأتي في إطار التوجه العام لإعادة التواصل مع الناس وهي غير مرتبطة بأي شكل من الأشكال، لا بحدث سياسي محدد، ولا بنتائج الانتخابات البلدية. ولكنّها تهدف الى شرح توجهات الحريري السياسية لجهة الحفاظ على الاستقرار، وعدم الانجرار الى الفتنة المذهبية، وإيجاد حل للفراغ الدستوري، والتخفيف من تداعيات الحرب الاقليمية على لبنان عموما، وعلى طرابلس والشمال خصوصا.

وتؤكد هذه المصادر أنه لم يعد للرئيس الحريري خصومات على المستوى النيابي في طرابلس، بل هو تجاوز ذلك الى تفاهمات تهدف للوصول الى تفاهمات على مستوى الوطن تساهم في تعزيز الاستقرار.

أكد الرئيس نجيب ميقاتي أنه سيحضر الافطار الذي سيقيمه الحريري في طرابلس اليوم. وقال ميقاتي، خلال افطار اقامه على شرف الاعلاميين في مطعم الشاطئ الفضي في الميناء، انه في الانتخابات البلدية لم يكن مع استفراد الحريري فهو في النهاية ابن الشهيد رفيق الحريري، علما ان التحالف البلدي ليس بالضرورة ان ينسحب على الاستحقاق النيابي والامور مرهونة بأوقاتها.