علي عبد الرضا
رغم محدودية الموارد الإقتصادية في لبنان، وضعف النمو الصناعي، إلا أن قطاع المجوهرات تمكن من عبور الحدود اللبنانية نحو العالمية. ووفق أرقام وزارة الصناعة، فإن هذا القطاع يستحوذ نحو 16% من الناتج القومي، إذ يقدر حجم سوق الذهب اللبنانية بنحو 4.5 مليارات دولار. وتعتمد مبيعات الذهب، بشكل رئيس، على السوق الخارجية، فلبنان لا يشكل سوقاً واعدة داخلياً، بسبب ضعف القدرة الشرائية.
تعرض القطاع للاهتزازات، إلا أنه تمكن من الصمود، وفق نقيب معلمي صناعات الذهب والمجوهرات في لبنان بوغوص كورديان، الذي يقول لـ”المدن” إنه “في السنوات الأربع الماضية، تراجعت نسب التصدير إلى نحو 40%، بسبب الأوضاع الإقليمية، وقد تراجع الطلب على هذه الصناعات. ورغم ذلك، فإن صناعة المجوهرات تمكنت من الإنتشار في القارات، وباتت التصاميم اللبنانية مقصداً. ويكفي القول إن نحو 80 إلى 85% من صناعات الذهب تتوجه إلى الخارج. ما يعني أن نحو 15 % من الإنتاج يصرف في لبنان”.
وعن أسباب اختراق المصنوعات الذهبية اللبنانية الأسواق العالمية، يشرح كورديان: “يعود ذلك إلى اليد الماهرة الفنية اللبنانية، بالإضافة إلى إدخال عنصر الابتكار. فالعديد من الصناعيين اللبنانيين يعملون على ابتكار تصاميم فريدة من نوعها، تسجل بأسمائهم في مجلس الذهب العالمي. ويمكن القول إن هذه التصاميم تشبه، إلى حد ما، براءات الإختراع. وهذا ما أوصل التصاميم اللبنانية نحو العالمية”.
ويلفت كورديان إلى أن صناعة المجوهرات في لبنان تحولت من مهنة حرفية إلى مهنة تجارية، تساعد في رفد الإقتصاد اللبناني بالعائدات المالية. وتستحوذ المجوهرات بين 35 و40% في المئة من الصادرات اللبنانية. أما بالنسبة إلى الأسواق الأكثر طلباً للمجوهرات اللبنانية، فهي، وفق كورديان، “أسواق الخليج، التي تستهلك حصة كبيرة من المنتجات اللبنانية، تليها الدول الأميركية والأوروبية”. ويستدرك: “إلا أن ذلك لا يعني أن هذا تصنيف الدول ثابت، خصوصاً في ظل الإنتشار اللبناني في دول العالم. والدليل على ذلك ما تستعمله نجمات هوليود من تصاميم لبنانية فريدة من نوعها”.
بعد الأزمة العالمية في العام 2008، سطع نجم الذهب بشكل لافت، وارتفعت الأسعار بين ليلة وضحاها لأكثر من 50%، وهو ما دفع العديد من التجار لتحقيق أرباح خيالية. ورغم أن الأزمة العالمية جمدت قطاعات إقتصادية عديدة، إلا أن قطاع المجوهرات، وخصوصاً في لبنان، استفاد من هذه الأزمة. وفي هذا السياق، تقول المديرة التنفيذية لـ”مؤسسة أنطوان حكيم للمجوهرات”، كارول حكيم، في حديث إلى “المدن”، إن “التجار استفادوا من إرتفاع أسعار الذهب في تلك الحقبة. واليوم ومع إنخفاض أسعار الذهب، بدأنا نلاحظ حركة شراء لافته في السوق اللبنانية، خصوصاً أن هذه السوق لا تشكل سوقاً واعدة للصناعيين أو التجار، بسبب قلة عدد السكان وإنخفاض القدرة الشرائية. لذا، فإن السوق الخارجية تدخل في صلب إستراتيجيات البيع”. وتشير حكيم إلى أن أسعار الذهب وتذبذباتها “لا تنعكس بالطريقة نفسها على التجار والصناعيين، فالتجار لا يعتمدون بشكل كبير في تحديد هامش أرباحهم على أسعار الذهب، بل على التصاميم والإبتكارات”. ووفق حكيم فإن بيع “الشكل الخاص، أو تصميم المجوهرات يحدد بشكل رئيسي سعر المصوغات الذهبية”. وتؤكد حكيم أن بيع التصاميم التي تتميز بها دور المجوهرات في لبنان، هي ما سمحت لها باختراق الأسواق العالمية، من طريق المعارض والمؤتمرات العالمية التي تجري سنوياً في أهم الدول.
في المقابل، يعاني قطاع المجوهرات في لبنان عراقيل عدة، ووفق كورديان، فإن قلة الاهتمام باليد العاملة، وغياب التحفيزات المالية والمعنوية، يضران بصناعة المجوهرات. إذ إن هذه الصناعة تحولت بفضل اليد العاملة الفنية والماهرة من حرفة إلى تجارة عالمية. لذا، فإن عدد العاملين يتقلص يومياً، فلا يوجد أكثر من 1800 أو 2000 صناعي محترف في لبنان. وهو ما يعتبر ثغرة لتطوير هذه الصناعة.