كتب طوني أبي نجم
لا يمكن لأي عاقل أن يفكر ولو للحظة أن 5 انتحاريين من “الدواعش” كانوا يستهدفون بلدة القاع، وذلك لاعتبارات عدة أهمها أن استهداف بلدة مثل القاع لإحداث بلبلة مثلا لا يحتاج الى 5 انتحاريين، فواحد كان يكفي.
قلنا انتحاري واحد كان يكفي للبلبلة، أما إن كان الهدف إخافة أهل القاع أو دفعهم الى ترك بلدتهم، فكل دواعش الكون لن يكفوا لتحقيق مثل هذه الغاية.
في القراءة البسيطة لما حصل أن الانتحاريين الخمسة لم يكونوا يستهدفون القاع، التي أرادوها ممراً للوصول الى أهدافهم، والتي يمكن أن تمتد من بعلبك بقاعاً الى الضاحية الجنوبية لبيروت. لكن المرور بالقاع لم يكن نزهة فانفضح أمرهم واشتبكوا مع أهل البلدة فاضطروا الى تفجير أنفسهم.
أما في القراءة الأكثر تعقيداً فتصبح احتمالات استهداف القاع واردة من ضمن حاجة “حزب الله”، بعد كل ما مُني به في معارك ريف حلب، إلى شدّ عصب بيئته وتخويفها مجدداً من الانتحاريين، فكانت هذه العملية المعقدة والتي اشتهر بها النظام السوري أيام كان يرسل الانتحاريين الى العراق بعد تدريبهم في المعسكرات البعثية (واتهامات نوري المالكي للنظام السوري لا تزال موجودة في الأرشيف)
الثابتة الوحيدة في ما جرى هو أنه تسديد لفواتير مشاركة “حزب الله” في الحرب السورية منذ سنوات، سواء كان المقصود استهداف مناطق خاضعة لنفوذ “حزب الله”، أو كان الأمر يتعلق بشد العصب ضمن بيئة الحزب للاستمرار بالقتال في سوريا.
مع بداية انخراط “حزب الله” في الحرب السورية، راهن مسؤولو الحزب على حسم الأمور بسرعة قياسية. لم يدركوا ولا للحظة أن المعارك يمكن أن تستمر لسنوات، وأنهم قد يدفعون أثماناً باهظة كالتي يتكبدونها اليوم.
هو نفسه أسلوب “حزب الله” في حرب تموز 2006، حيث لم تكن قيادته أجرت تقييماً دقيقاً لأي رد فعل إسرائيلي على عملية خطف الجنديين التي نفذها الحزب على الحدود الجنوبية للبنان. فكانت الحرب التي سقط فيها للبنان أكثر من 1200 شهيد إضافة الى دمار اقتصادي غير مسبوق، لنسمع من بعدها نظرية “لو كنت أعلم” التي تكفي لوحدها لإدانة قيادة “حزب الله” التي لا تجري الحسابات الدقيقة لما تقترفه.
واليوم لا يملك الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله ما يقوله لجمهوره عن أكثر من 1500 قتيل سقطوا في معارك سوريا، سواء تنفيذاً للأجندة الإيرانية أو دفاعاً عن نظام بشار الأسد غير “لو كنت أعلم”.
أما نظرية “لولا “حزب الله” لكانت “داعش” وصلت الى جونية” فسقطت إلى غير رجعة. ويبدو اليوم أن اللبنانيين باتوا مسؤولين أن يدفعوا من دمهم ولحمهم الحي في قراهم وبلداتهم، أثماناً باهظة دفاعاً عن “حزب الله” ومغامراته المجنونة في سوريا!