أشارت الوكالة “المركزية” إلى أنّه تفادياً لانفجارها من الداخل، سلمت حكومة المصلحة الوطنية كرة النار المتمثلة بملف أمن الدولة إلى رئيسها تمام سلام، مسندة إليه مهمة ايجاد الحل المناسب للخلاف الذي نشب بين المدير العام للجهاز اللواء جورج قرعة ونائبه العميد محمد الطفيلي، والذي أثر بشكل كبير على عمل الجهاز في زمن التفجيرات والحرب على الارهاب.
وبينما كثر الكلام عن احتمال تأجيل تسريح العميد الطفيلي، الذي أحيل الى التقاعد أمس، علمت “المركزية” أنّ الطفيلي ودع اللواء قرعة يوم الجمعة الماضي في مكتبه، وسلم سياراته ومكتبه إلى المديرية العامة لأمن الدولة، طبقا لما ينص عليه القانون. كل هذا يدفع إلى التساؤل عن مصير هذا الموقع الذي شغر بتقاعد الطفيلي، خصوصا أن جهود الرئيس سلام لم تنتج، حتى الآن على الاقل حلا يضع حداً للازمة.
وفي السياق، تستبعد أوساط متابعة عبر “المركزية” أن تعمد الحكومة إلى تعيين خلف للطفيلي قريبا، حتى لا تترك انطباعا يفيد بأن مشكلة شخصية بين المدير العام للجهاز ونائبه كانت وراء تفاقم هذا الملف، بل إن الرئيس سلام أراد أن “يمسك العصا من وسطها” ويترك الأمور “تبرد”، ريثما يجد المخرج المناسب”. وتلفت إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تشغر فيها مراكز معينة في جهاز أمن الدولة. ذلك أنه شهد فراغاً في منصب نائب المدير لمدة 6 أشهر، قبل أن يشغر مركز المدير العام أيضا لفترة وجيزة.
وفي غمرة الحديث عن “سلة متكاملة” قد يتناولها أقطاب حوار عين التينة في الجلسات الثلاث الماراتونية في آب المقبل، أبدت المصادر خشيتها من أن يبقى موقع نائب المدير العام لأمن الدولة شاغراً حتى ذلك الحين، أيّ ليناقشه متحاورو عين التينة في إطار “السلة” التي يحكى عنها، على أن تشمل رئيس الأركان والأمين العام للهيئة العليا للإغاثة، وسواهما من المراكز الشاغرة في الدولة.
وبحسب الأوساط، فإنّ المشكلة لا تتعلق بهوية خلف العميد الطفيلي، بقدر ما ترتبط بضرورة الاعتراف بأمن الدولة جهازا فاعلا في المنظومة الأمنية للدولة، خصوصا أن الحكومة السلامية، وافقت على إعطاء داتا الاتصالات إلى كل الأجهزة فلمَ لم تعطَ حتى الآن الى امن الدولة، فيما المناخ “التفجيري” الذي تعيشه البلاد، والذي كانت تفجيرات القاع المتتالية اليوم آخر تجلياته، يحتم تعاون الأجهزة الأمنية، لا شلل أحدها لتستمر في أداء مهمتها في حماية لبنان.
وتشدد الأوساط أيضا على ضرورة عدم اقحام قضية أمن الدولة في حسابات الربح والخسارة، بل الانصراف إلى البحث عن سبل تفعيل هذا الجهاز، خصوصا في الظرف الأمني الذي تعيشه البلاد.
وعلقت وزيرة المهجرين أليس شبطيني عبر “المركزية” على مآل هذا الملف معتبرة أن “القوى الأمنية تعمل بصورة جدية جدا، بدليل أننا أفضل من كل بلدان العالم على المستوى الأمني. ذلك أنها التي تؤمن الاستقرار النسبي لهذا البلد، فيما الطامحون لخراب البلاد من خارجها، كثيرون والقوى الأمنية تقف لهم بالمرصاد. وإن كان هناك جهاز يعمل أقل من سواه، فهذا لا يعني أنه مشلول. وهنا يمكن القول إن جهاز أمن الدولة يعمل بفاعلية”.
ونبهت إلى أن “العميد طفيلي أحيل إلى التقاعد حكما. وعندما يعرض علينا اسم بديل، نتمنى تعيينه في أسرع وقت. أقول بوضوح إن لا مشكلة لدي في تعيين أي شخص كفوء لتولي هذا المنصب، تماما كما أتمنى ملء المراكز الشاغرة الأخرى كمركز رئيس التفتيش المركزي، وهو الجهاز المختص بمكافحة الفساد.
وعن الصبغة الطائفية التي طبغت هذا الملف، شددت على أن هذا الموضوع أخذ هذا المنحى عندما دخلت الطائفية بين سطوره، علما أن الخلاف ممكن بين شقيقين. لذلك، أدعو الجميع إلى العمل بعيدا من الطائفية، وأعتبر أن كل ما نعيشه من أزمات ناتج من غياب رئيس الجمهورية”.
وفي وقت ربطت “معركة أمن الدولة بما يسمى “حقوق المسيحيين”، تكثر التساؤلات عن مواقف القوى المسيحية من هذا الأمر، بعدما أحيل الطفيلي إلى التقاعد. هنا يؤكد وزير الاقتصاد المستقيل آلان حكيم لـ”المركزية” أن “المعركة الحكومية مستمرة، ولا مشكلة لدينا، سواء كنا داخل مجلس الوزراء أو خارجه. ولنا رأينا في كل المستجدات والقرارات، خصوصا أن الحكومة باقية ما دام لا رئيس جمهورية في المدى المنظور”.
وتعليقا على الحديث عن مماطلة في ايجاد المخارج الناجعة لهذه الأزمة، رجح حكيم أن يكون “التعيين الجديد بحاجة إلى مزيد من الوقت لتتبلور صورته النهائية، علما أننا نعتبر أن مجرد عدم التمديد للعميد الطفيلي، أمر ايجابي جدا قد يكون حاملا بشرى سارة في هذا الملف”.
وختم: “الرئيس سلام يعالج الموضوع على طريقة رجل الاطفاء ليؤمن حلولا هادئة لهذا الملف، ولنا ملء الثقة به للتوصل إلى المخرج المناسب في أسرع وقت”.