IMLebanon

خريطة القاع الجيوسياسية

kaa-1

 

 

كتب نذير رضا في صحيفة “الشرق الأوسط”:

كشفت التفجيرات التي هزت بلدة القاع الحدودية مع سوريا الاثنين 27 حزيران، عن خاصرة أمنية رخوة قبالة مناطق انتشار تنظيم “داعش” على الضفة السورية من الحدود، والتلال الحدودية اللبنانية، نظًرا لتسّرب انتحاريين من مناطقها الزراعية مرتين خلال عامين إلى داخل الأراضي اللبنانية.

وبينما يفترض الخبراء والمعنيون أن تلك المنطقة “يجب أن تكون آمنة، كون المنطقة الواقعة على الضفة السورية من الحدود خاضعة لسيطرة الجيش النظامي السوري وحلفائه”، دحض الانكشاف الأمني الفرضيات المرتبطة بـ”الأمان على الضفة اللبنانية”، وطرح فرضيات أخرى لكيفية وصول الانتحاريين الأربعة إلى منطقة مأهولة بالسكان، من غير توقيفهم.

وتقع بلدة القاع شمال بعلبك على الحدود اللبنانّية ­ السورية في البقاع الشمالي، وهي آخر قرية على خط بعلبك ­ حمص، يقابلها على بعد كيلومتر واحد، معبر بلدة جوسية السورية إلى ريف القصير في محافظة حمص. وتمتد الأراضي الزراعية والجردية فيها جنوًبا إلى جرود رأس بعلبك اللبنانية التي يسيطر “داعش” على أجزاء من تلالها الحدودية مع سوريا، حيث يحتفظ بخط إمداد له إلى جرود مدينة قارة في أقصى شمال غربي محافظة ريف دمشق، ومنها يحتفظ التنظيم بخط تهريب إلى البادية السورية.

والواقع أن وجود “داعش” في الضفة السورية من الحدود، بقي مجرد احتمال من ضمن احتمالات كيفية اختراق البلدة، إذ تشير التقديرات إلى ترجيح تسلل الانتحاريين من مخيمات اللاجئين في منطقة مشاريع القاع. ويقول مصدر بارز في المنطقة لـ”الشرق الأوسط”: “في الحالتين، سواء أكانوا عبروا من داخل الأراضي السورية أم من مخيمات اللاجئين، فإنهم استخدموا الزوايا والأودية ليختبئوا عن مراكز ونقاط الجيش اللبناني المنتشرة بكثافة في تلك المنطقة”.

على الضفة السورية من الحدود، تقدر عناصر “داعش” بنحو 1300 مقاتل، ينتشرون من جرود رأس بعلبك المحاذية للقاع، باتجاه جرود عرسال جنوًبا، ويمتلكون منافذ للعبور إلى العمق السوري. وعلى أطراف القاع، ثمة مخيم للاجئين السوريين في منطقة مشاريع القاع، وهي منطقة زراعية حدودية، على الراغبين بالوصول إليها، أن يعبروا حاجز الجمارك اللبنانية وحواجز للجيش اللبناني. ويمثل الواقعان في القاع، خطًرا عليها، كما يقول سكان البلدة التي تسكنها أغلبية ساحقة من المسيحيين، ومعظمهم يؤيدون حزب “القوات اللبنانية”. وتجنًبا لتدهور أمني مسبق، كانت جرت بعض الترتيبات كإبقاء اللاجئين السوريين من بلدة ربلة في داخل البلدة، بينما تم نقل لاجئين آخرين من القصير وريفها إلى منطقة واقعة شمال القاع.

الخروقات، تؤكد أن هناك ثغرات أمنية كثيرة، تمثلها البلدة الحدودية مع سوريا، وتضم طريق بعلبك – حمص الدولي. فقد تسّرب منها انتحاري في عام 2014 استهدف نقطة للجيش اللبناني في نهر العاصي، قبل أن تقع التفجيرات فجر الاثنين على بعد كيلومتر عن حاجز الجمارك الذي يسبق حواجز قوى الأمن الداخلي والأمن العام على معبر ساقية جوسية.

وفي ظل الوقائع الأمنية المستجدة، قالت مصادر في القرية لـ”الشرق الأوسط” إن إجراءات الأمن الذاتي “ستبدأ ليل الاثنين ­ الثلاثاء”، حيث اتخذت فرقة “صقور القاع” المؤلفة من نحو مئة شاب من أبناء البلدة والمقيمين فيها، قراًرا بالحراسة على مداخل القرية وداخل أحيائها، ومؤازرة الجيش اللبناني والقوى الأمنية في مهماتها، في عملية تأمين استباقي للبلدة من الخروقات. وسيتشابه هؤلاء، مع فعاليات اجتماعية تجري الحراسة وتؤازر القوى الأمنية الرسمية في جرود رأس بعلبك.