Site icon IMLebanon

مزارعو البطاطا: الأسعار المنخفضة «خراب بيوت»

سامر الحسيني

عبثاً حاول المزارع حسين الديراني أن يصل إلى سعر في ضمان حقل البطاطا العائد له يحمل توازنا بين التكاليف والمبيع، لكن كل جهوده ومجادلاته باءت بالفشل، فالتاجر فرض سعرا مبرما لا يزيد عن 300 ليرة لثمن كيلو البطاطا ولم يكن بوارد هذا التاجر ان يزيد عنه ولو عشرة قروش وفق تعبير الديراني الذي يتشارك مع المئات من مزارعي البطاطا في نكبة انهيار الأسعار الحالية لهذا الموسم.
يروي مزارعو البطاطا ما يسمونه «خراب بيوت»، فسهول الخير تشكو الأزمات الزراعية المتلاحقة وآخرها أزمة مزارعي البطاطا الذين باشروا منذ أيام قليلة بقلع مواسمهم التي تشكو انهيار أسعار المبيع مقابل وفرة إنتاجية لكنها لا تجد طريقها الى الاسواق التصديرية العربية.
أقصى ما يصل اليه سعر مبيع كيلو البطاطا في الحقل أي في ارضه، لا يزيد عن 400 ليرة، فيما كان من المفترض أن يقارب حدود 600 ليرة، والرقم الأخير يحمل أرباحا للمزارع لكن رقم 400 ليرة يصنف دون الكلفة، وخصوصا إذا لم تتجاوز إنتاجية الدونم سقف ثلاثة أطنان.
انهيار اسعار البطاطا في اول ايام قلع الموسم يؤشر الى كارثة اقتصادية وفق ما يؤكد الخبير الزراعي بلال الزغبي الذي يتحدث عن انخفاض متوقع آخر في السعر خلال الأيام المقبلة، لا سيما مع ارتفاع الكميات المعروضة من البطاطا مقابل الطلب المحدود.
الطريق البرية لا تزال مقفلة، وحكاية التصدير البحري لم تشكل البديل ولو بحدوده الدنيا، الأمر الذي حال دون إقدام المزارعين على التصدير، وعليه تغير مسار القوافل الزراعية من الطريق الدولية البرية الى البرادات والمستودعات وجوانب الطرق.
لم تعد شاحنات البطاطا تهتدي إلى الأسواق العربية والخليجية، ولا يسأل عنها أي من تجار السعودية ودبي وجبل علي والاردن ودول الخليج، بل على العكس فالمؤشرات تدل على ان السوق العربية والخليجية تستقبل اليوم بطاطا من الهند وباكستان وحتى من الصين.
من الحقول الى البرادات، تتكدس أطنان من البطاطا بانتظار أعجوبة ما تعيد فتح طرق التصدير المقفلة أمام الانتاج الزراعي اللبناني ان كانت برية أو بحرية، ومن لم يستطع تأمين بدلات البرادات المالية لجأ الى الاسواق المحلية وجوانب الطرق لتصريف ما أمكن من إنتاجه وبالجملة وبأسعار زهيدة جدا ملتزما بالمثل القائل «الخسارة القريبة ولا الربح البعيد».
ينتج سهل البقاع حسب الزغبي ما يقارب 300 الف طن من البطاطا ولا يستهلك لبنان منها سوى ما يوازي ثلث الكمية والباقي من الكمية مخصص للتصدير، ثلثا الانتاج اللبناني من البطاطا الذي كان معدا للتصدير لا تصل كمياته الى حدود الثلث الواحد وفق الزغبي، الامر الذي أدى الى إغراق السوق المحلية وعجز الاستهلاك المحلي عن استيعاب ما يزيد عن 100 ألف طن من البطاطا زيادة على الكمية الطبيعية للاستهلاك المحلي.
يطالب الزغبي بإعلان حالة طوارئ زراعية من اول بنودها إزالة العقبات امام التصدير البحري لإنعاش المزارع والقطاع التصديري وليس اصحاب البواخر والنقل البحري.
من المقترحات لوقف انهيار الأسعار، يرى الزغبي ان زيادة البدلات المالية على الدعم المفروض على تصدير البطاطا من شأنه ان يفتح اسواقا تصديرية، وهذا الامر سينعكس تحسنا في الاسعار ويعمل على تحسينها.
في المقابل، يتحدث المزارع نجيب سعادة بكثير من الغضب عن دور وزارة الزراعة الذي يحمله سعادة الجزء الاكبر من هذه الازمة، فوزارة الزراعة أباحت تصدير البطاطا المصرية في شكل واسع ومن دون تحديد للكميات وليس من الطبيعي ان يدخل في آخر ساعات الاستيراد المباح الى لبنان أكثر من 13 الف طن عدا الكميات التي سبق لبعض التجار ان خزنوها.
وفق سعادة فإن إنتاج عكار تضرر بسبب وجود كميات كبيرة من البطاطا المصرية ثم أتى دور إنتاج مواسم البقاع التي تعرضت بدورها لهذا الضرر من جراء عدم استهلاك كامل إنتاج مواسم عكار التي لا يزال منها كميات في السوق اللبنانية حتى هذه الايام.
جرت العادة ان تزف الايام الاولى لموسع قلع البطاطا في البقاع اسعارا مربحة ثم ينخفض السعر تدريجيا بالتزامن مع توالي أيام قلع الحقول الزراعية، أما حاليا فـ «السعر ولد ميتا» وفق تعبير المهندس الزراعي جورج دمر الذي يشير الى ان من اسباب ازمة البطاطا المنافسة الخارجية وضعف الاستهلاك المحلي من جراء جمود القطاع السياحي الذي كان يعد سوقا تصديرية.