Site icon IMLebanon

الشركات الألمانية تتأهب لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

German-Carmakers
توماس كولمان

بعد تصويت البريطانيين في استفتاء لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، لم تشرع حكومة لندن بعد في إطلاق آلية تنفيذ الخروج. غير أن الشركات الألمانية تأمل في انفصال ناعم لبريطانيا عن شركائها الأوروبيين.

في اليوم التالي لنتيجة الاستفتاء البريطاني ناشدت غرفة الصناعة والتجارة الألمانية-البريطانية في لندن الشركات العضوة فيها بالحفاظ على “أعصاب هادئة”، معتبرة أن الأمر يتعلق الآن في كلا ضفتي بحر المانش “بتقارب الطرفين للتحكم في التبعات الاقتصادية والسياسية المحتملة على المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي”. وبصرف النظر عن وجود عضوية بريطانية في الاتحاد الأوروبي أو عدم ذلك فإن كل الأوروبيين يجلسون الآن في نفس السفينة بالنظر إلى أغلبية الموضوعات الاقتصادية والسياسية القائمة، على الأقل من الوجهة النظرية، حيث لا أحد يعرف في الحقيقة ماذا قد يحصل.
وكما هو الشأن بالنسبة للعديد من الفاعلين الاقتصاديين، فإن غرفة الصناعة والتجارة في لندن تعول على براغماتية البريطانيين مع الإشارة إلى أن “شرائح عريضة من قيادة حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي” توجد في نفس الموقف. وتعول الأطراف المعنية على “إيجاد حل عملي على المدى المتوسط يُبقي المملكة المتحدة على ارتباط اقتصادي وسياسي مع أوروبا”.

سيناريوهات وردية

أولريش هوبه، مدير غرفة التجارة الخارجية في لندن يعبر بدقة عن تصوراته بشأن الخروج البريطاني من الاتحاد بشكل هادىء في حديث مع DW ويقول: “الحلم هو أن يكون التفاوض على نوع من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي لتبقى حركة البضائع الحرة والخدمات ورأس المال قائمة في نهاية الأمر”.
لكن مدير غرفة التجارة الخارجية يدرك أن حرية تنقل العاملين موضوع شائك بالنسبة لأنصار الخروج من الاتحاد الأوروبي، ويقول :”هنا ستطرأ بعض الإجراءات التقييدية. لكننا نأمل في الحفاظ على انفتاح، لأنه أمر مهم بالنسبة للشركات العاملة على مستوى العالم”.
واعتبر الخبير أن الأمر سيكون سلبيا جدا إذا ما تم الإبقاء فقط على ضوابط منظمة التجارة العالمية، كما طالب بذلك بعض أنصار الخروج من الاتحاد الأوروبي، موضحا أن ذلك سيكون له تبعيات مضرة بتماسك أوروبا وبالتشابك الوطيد بين الاقتصادين الألماني والبريطاني. وشدد هوبه على أنه لن تطرأ في المستقبل القريب تغييرات على أنشطة الشركات المصدرة إلى بريطانيا، فمادامت مفاوضات الخروج لم تُكتمل، فإن المملكة المتحدة تبقى جزءا من الاتحاد الأوروبي. وحتى غرفة الصناعة والتجارة الألمانية تدعو إلى التحلي بالهدوء، لأنه فقط بعد فترات انتقال “ستطرأ تغييرات بعد سنتين أو حتى أربعة وخمسة سنوات في أقرب الآجال بالنسبة للشركات الألمانية”، حسب قوله.

تحذيرات من الشرق الأقصى

وكانت دول من الوزن الثقيل في الاقتصاد العالمي مثل اليابان تفضل هي الأخرى أن تبقى بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي. وكان رئيس الوزراء الياباني قد حذر خلال زيارة له إلى لندن في مطلع مايو الماضي من أن “الخروج من الاتحاد الأوروبي سيجعل بريطانيا أقل جاذبية بالنسبة للاستثمارات اليابانية”.
ويصل حجم الاستثمارات اليابانية في بريطانيا، حسب ما ذكره رئيس الوزراء دفيد كاميرون إلى حوالي 38 مليار جنيه إسترليني، ما يعادل حسب معدل السعر الأخير نحو 46 مليار يورو. ومن بين المستثمرين الكبار توجد شركة السيارات “نيسان” و”هوندا”. كما إن شركة “هيتاشي” العملاقة تدير استثمارات كبيرة في بريطانيا. وعلى غرار اليابانيين فإن الألمان لهم حضور قوي في قطاع إنتاج السيارات في بريطانيا. واعتبر شتيفان براتسيل من المعهد العالي للاقتصاد في برغيش غلادباخ أن شركات صناعة السيارات الألمانية ستلمس “انعكاسات سلبية” لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وسيطال ذلك بشكل قوي شركتي “نيسان” و “ب ام دبليو” اللتين لهما مصانع كبيرة في بريطانيا، مشيرا إلى أن بريطانيا كموقع اقتصادي خارج الاتحاد الأوروبي ستخسر من جاذبيتها. ومن تم يتوقع براتسيل “انسحابا تدريجيا لصناعة السيارات من بريطانيا”.
وكانت شركة “ب ام دبليو” قد أنتجت السنة الماضية أكثر من 200.000 سيارة من نوع “ميني” في بريطانيا، وصدرت نصف مجموعها إلى دول الاتحاد الأوروبي.
الآن تعيد شركات النظر في سياسة توظيف استثماراتها بسبب حالة عدم الاستقرار واحتمالات التكاليف المرتفعة. ويقول خبير صناعة السيارات براتسيل إنه “يتوقع على المدى المتوسط والبعيد نقل مصانع الإنتاج من بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي”. ويعتقد براتسيل أن مفاوضات الاتحاد الأوروبي مع البريطانيين ستكون صعبة وطويلة، لأن الاتحاد الأوروبي يريد ردع دول فيه قد تصبح مقلدة لبريطانيا.

عودة البيروقراطية

هناك أمر واحد مؤكد الآن، وهو أنه بعد إتمام آلية الخروج من الاتحاد الأوروبي، فإن البيروقراطية ستعود إلى جميع الأنشطة العابرة للحدود. وفي حال إن نجح الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية في التفاهم على إدراج اتفاقية التجارة الحرة عبر الأطلسي، فقد يصبح من الأسهل والأرخص اقتناء سيارة أمريكية واستيرادها إلى الاتحاد الأوروبي عوض شراء سيارة بريطانية.
غرفة الصناعة والتجارة الألمانية أيضا تؤكد أنه حتى في حال التوصل إلى اتفاقيات تجارة مع الاتحاد الأوروبي تلغي الرسوم الجمركية بموجبها، فإن حجم الإجراءات البيروقراطية سيزداد بالنسبة للشركات المعنية.