كتبت صحيفة “الأخبار”: تعيش البلاد على وقع الشائعات الأمنية، بعد الاعتداءات الإرهابية التي ضربت بلدة القاع البقاعية. أما المعلومات التي يؤكد المسؤولون الأمنيون والسياسيون دقتها، فتتحدّث عن دخول لبنان مرحلة أمنية هي الأخطر منذ عام 2011، فيما ردّ السلطة يقتصر على “الإجراءات العادية”… والكثير من الكلام
ماذا بعد القاع؟ وما حقيقة المعلومات التي تتحدث عن أهداف محددة في مناطق مختلفة من شمال لبنان إلى جنوبه، خصوصاً أن كل الدلائل تشير إلى أن ما يُعَدّ للبنان أكبر من أن يُحصَر في نقطة جغرافية محدّدة؟
بحسب المعطيات التي يتناقلها أمنيون ومسؤولون في السلطة السياسية، فإن الحديث عن أعمال إرهابية في لبنان لم يعُد سيناريو محتملاً وحسب، بل “خطّة عمل كانت جريمتا القاع بداية لها”. المثير للقلق بحسب مصادر وزارية أن المؤشرات الأولية للتفجيرات التي وقعت ترجّح دخول لبنان دائرة الصراع والاستهداف عبر موجات تستهدف عدداً من الدول، بعدما قرر تنظيم “داعش” الهجوم أمنياً في عدد من الدول، نتيجة تراجعه العسكري في سوريا والعراق. وأكّدت المصادر الوزارية وأخرى أمنية أن خلفية الأحداث الأمنية تشير إلى “انتقال لبنان من مرحلة محاولة مناكفة حزب الله من قبل التنظيمات الإرهابية، إلى مرحلة تنفيذ عمليات تمسّ الأمن اللبناني برمّته، في مناطقه كافة، والتركيز على إرهاق الجيش عبر زجّه في أحداث أمنية متنقلة”. وكشفت المصادر أن “أمن مطار بيروت عاد إلى الواجهة، خصوصاً بعد العمل الإرهابي الذي طاول مطار إسطنبول”، مشيرة إلى أن “وزارة الأشغال بدأت تدفع باتجاه اتخاذ المزيد من الإجراءات الأمنية في محيط المطار وداخله”، علماً بأن موضوع أمن المطار سبق أن حذر منه وزير الداخلية نهاد المشنوق في أكثر من مناسبة. ولفتت المصادر إلى وجود معلومات سابقة عن إمكان تعرّض المطار لحدث أمني ما، تعزّزت بسوابق في المنطقة، سواء باستهداف الطائرة الروسية فوق سيناء قبل أشهر، أو بالهجوم على مطار أتاتورك قبل يومين.
من جهة أخرى، أبدت مصادر وزارية استياءها من القوى السياسية التي تعاملت مع الحدث الأمني الخطير في البقاع الشمالي “كما لو أنه استحقاق انتخابي”. ووضعت المصادر تصريحات بعض القوى السياسية في سياق المزايدات، معتبرة أن “أسلوبهم في التعاطي مع الحدث يشكّل أحد مظاهر انهيار المؤسسات الرسمية”. وهذا الانهيار ظهر بصورة جلية، من جهة أخرى، في ردة الفعل الباردة التي تعاملت بها السلطة مع الاعتداءات التي تعرّضت لها القاع. فحتى اليوم، لم تتخذ السلطة أي إجراء عملي، باستثناء المعتاد، من كلام عن تدابير أمنية وعدم التمهيد لأي ردّ عملي على الإرهاب يتخطى “المعتاد”، رغم أن المسؤولين يجزمون بأن ما يواجهه لبنان هذه المرة هو أخطر من كل ما سبق أن مرّ به في الأعوام الماضية. وفي هذا الإطار، علمت “الأخبار” أن عدداً من الوزراء سيطرحون مجدداً على الطاولة الحكومية قضية القاع والتدابير الأمنية في البقاع الشمالي، تتمة لمناقشات جرت في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، “ولن يقبلوا أن يكون انعقاد المجلس عادياً لمناقشة جدول أعمال عادي، فيما قضية القاع لم تنته بعد”.