خضر حسان
تكرار إنقطاع التيار الكهربائي وما يرافقه من إنقطاع للمياه جراء عدم تغذية محطات الضخ بالكهرباء، يشكّل مدخلاً لرفض كل ما تحاول مؤسسة الكهرباء تمريره مع الشركات مقدمي الخدمات، ومعهما بعض المستشارين في وزارة الطاقة. وأبرز مستجدات “التمرير” تحت عنوان تمديد أو تجديد عقود مقدمي الخدمات، هو إبتداع “خصخصة الصيانة”، وتثبيت المياومين الشيعة بشكل خاص.
الجزء الأول من الصفقة يُروج له من باب تفادي أزمة الصيانة، التي يفترض أن تكون من مهمة مقدمي الخدمات، لكن مؤسسة الكهرباء لا تقيم وزناً لمراقبة عمليات الصيانة التي يفترض أن تستبق أي مرحلة جديدة، وخاصة مرحلة الصيف التي يزداد الضغط على الشبكات ويرتفع مستوى سحب التيار الكهربائي، وفي الوقت عينه، تكون المحولات عرضة للتلف أو الأعطال. وتدخل حادثة الحريق الذي أصاب المجموعة الأولى في معمل الذوق الحراري، الجمعة 24 حزيران/ يونيو، في دائرة الإهمال، إذ إن الحريق نجم عن تسرب مادة الفيول، وفق بيان أصدرته المؤسسة. مع أن المؤسسة تدفع لمقدمي الخدمات مقابل الصيانة المفترض تنفيذها، لكن في الواقع، فإن الشركات تتقاضى أموالاً دون القيام بواجبها.
وتأتي محاولة إبتداع “خصخصة الصيانة” في وقتٍ تعجّ المؤسسة بالمياومين ذوي الإختصاص والكفاءة في الصيانة، وبعضهم نحج في مباريات مجلس الخدمة المدنية، وينتظر دخوله الملاك. بمعنى ان بدعة الخصخصة لا حاجة تقنية لها.
أما الجزء الثاني، فيضاف إلى الفشل الإداري الذي وقعت فيه إدارة المؤسسة ومقدمي الخدمات ووزارة الطاقة. فمع إستمرار إدارة المؤسسة بتمييع إتخاذ قرار حيال تمديد أو عدم تمديد عقود مقدمي الخدمات، وسكوت الوزارة عن ذلك، يُردد في أروقة الوزارة أن بعض المستشارين في الوزارة يحاول التوصل إلى اتفاق يضمن بموجبه تمديد عقود مقدمي الخدمات، وبما أن العقبة الأساسية أمام التمديد هي قضية تثبيت المياومين، فإن الإتفاق يقضي بإدخال المياومين الشيعة تحديداً ملاك المؤسسة، إلى جانب عدد من المياومين المسيحيين. إذ من المعروف أن أكثرية المياومين هي من الشيعة. وعليه، فإن تثبيت الشيعة يُفقد قضية المياومين زخمها، ويسهل بذلك تمديد العقود، خصوصاً أن الوزارة والمؤسسة لا يكترثان لضعف أداء مقدمي الخدمات على مدى سنوات عملهم.
السيناريو الذي يتم الإعداد له هو الأقرب إلى الواقع، فعدم الإلتزام بالمهلة القانونية لإعلام المياومين الذين يعملون مع الشركات، بأن فترة عملهم ستنتهي بعد شهرين، بالإضافة إلى عدم إبلاغ الإدارة للشركات رسمياً بردّها حول التمديد أو عدمه، يعني أن عملية خلق مساحة للمناورة باتت أمر واقع، لكن دون الإعلان عن ذلك صراحة، لأن المياومين يرفضون مبدأ التمديد فكيف إذا ترافق التمديد مع غموض مصير من لم يتقدم بعد لإمتحانات التثبيت عبر مجلس الخدمة المدنية، إلى جانب التأخير في تعيين الناجحين في مراكز عملهم، ومنهم 4 ناجحين لم توقع الإدارة بعد أوراق تعيينهم، برغم وضوح مراكز عملهم ومهماتهم دون وجود أي خلافات حولها.
لكن حتى مع التوجه إلى إعتماد هذا المخرج لتمديد العقود، تلفت مصادر “المدن” إلى أن أي اقتراح، حتى وإن كان التمديد الرسمي للشركات، فيحتاج على الأقل إلى شهرين داخل أروقة الوزارة والمؤسسة ومجلس الوزراء، لإدخاله حيز التنفيذ، ما يضع مقدمي الخدمات حُكماً خارج اللعبة. أما إستمرار عملهم بعد انتهاء العقود المرتقب في شهر آب المقبل، ومن دون تعليل رسمي، فهو مخالفة للقوانين لا تفيد سوى تعقيد ملف مقدمي الخدمات أكثر فأكثر.
وفي السياق، يفترض بالمياومين الشيعة رفض ما يتم تحضيره في الأروقة، لأن القبول بالتثبيت مقابل بقاء الشركات، بعد المحطات الكثيرة التي مر بها ملف التثبيت، يعني أولاً ضرب مصداقية العمل النقابي والتحرك في الشارع لنيل الحقوق، ويعني ثانياً التأكيد على أن المرجعيات السياسية التي تدير لعبة التوظيفات في الإدارات الرسمية هي الحَكَم في هذه اللعبة، وليس القانون. وقبول الصفقة، يعني تمديد ازمة الكهرباء بفعل فشل السياسة الحالية للمؤسسة ومقدمي الخدمات ووزارة الطاقة.