أوضح رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ “قرار الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن والامم المتحدة هو الحفاظ على الاستقرار النقدي والامني في لبنان، مع ملاحظة حال التوتر السياسي والمذهبي والطائفي”، معرباً عن اعتقاده أنّ “لا أحد في لبنان يريد العودة بالبلد الى الاجواء التي سادت الحرب الاهلية، لأنّ اللبنانيين تعلموا أنّ لا أحد يمكنه إلغاء الآخر”.
بري، وفي حديث شامل إلى مجلة “الشراع” ينشر غداً الجمعة، رأى أنّ “لبنان يتحول الى مخيم نازحين”، مشدّداً على أن “التوطين مرفوض فلسطينياً وسورياً، أمّا لبنان فهو في مقدمة الدستور ويرفضه جميع اللبنانيين”.
وعن مبادرته الثلاثية، قال: “أنا لا أدير مسرح دمى محلياً، انا اسعى الى حلول وأرى أنّ هناك أولويات مختلفة في الطابق الدولي من البناء الثلاثي، وهناك انشغالات وأولويات عربية واقليمية تستبعد لبنان. أنا أحاول ان اجمع قوى الفعل الوطني لأن ذلك أمر يمثل مصلحة لبنان المقيم والمغترب. أنا في ذلك لا ابيع الامل ولا امثل بياع الخواتم في مسرح الرحابنة”.
وشدّد بري على انّ “الحوار والوفاق مصلحة لبنانية، ولا بديل من الديموقراطية التوافقية”، مشيراً الى أنّ “ما يجري بين تيار المستقبل وحزب الله ليس تقطيع وقت، هو بحث في اليوميات المتوترة وطنياً في الشارع السياسي، وهو جلسة تفقدية للتأكد من انخفاض سقف التوترات، وهو جلسة مفتوحة لمحاولة الاتفاق على عناوين وطنية، وفي الحوار الوطني الامر نفسه”.
وأكد أنّ “انتخاب رئيس الجمهورية اولوية اساسية وحيوية لا تكفي وحدها، بل تحتاج الى قانون انتخابات وإجراء هذه الانتخابات وحكومة اتحاد وطني، وبالتالي كل ما ورد في جدول اعمال الحوار”.
ورأى بري انّ قانون الستين “يوقع نكبة سياسية بلبنان”، لافتاً الى “انّنا في حاجة الى جبهة وطنية موحدة لخوض معركة المستقبل السياسي للبنان”.
واوضح ان علاقته استراتيجية وثابتة مع رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط، واصفاً الرئيس سعد الحريري بأنّه “ضرورة وطنية”. وقال انّ “الحوار سيكثف مع حزب الكتائب بعد شهر رمضان”.
وكشف بري عن وجود “اختلافات بيننا وبين حزب الله بشأن ادارة العديد من الملفات، ولكنّها لا تفسد في الود قضية”، منتقداً “المغالاة اللبنانية في التزام مندرجات القانون الاميركي 2279 ومحاولات تطويع القطاع المصرفي اللبناني والاقتصاد الحر”.
إقليمياً
وفي سياق منفصل، أعرب عن أمله الكبير “بقيامة عربية وإسلامية بعد الحروب الصغيرة والكبيرة الجارية”، مؤكداً أنّ “إمارات المدن والزواريب والجهات والفئات كلها ستذوب بعد حمامات الدم الجارية”.
وشدّد بري على أنّ “العروبة اليوم حاجة من المحيط الى الخليج، في مواجهة مشروع الفوضى الذي تمثله صورة “داعش” الارهابية والتمذهب داخل الاقطار العربية”.
وأشار الى أنّ “هناك علاقة ملتبسة بين العرب وايران”، عازياً السبب الى أنّه “لم يجر بناء وصنع مؤسسة لتحرير العلاقات العربية ـ الايرانية من بعض المشكلات التاريخية”.
ولفت بري الى أنّه يراهن على “الديبلوماسية الناعمة والبعيدة من الاضواء من الرياض الى طهران الى اليمن التي تقوم بها الكويت بتوجيه من أمير الدولة”.
وأعلن أنّه سعى “من أجل ألا تصل العلاقات السعودية ـ الايرانية الى نقطة الانكسار، بحيث لا يعود بالامكان ترميمها”، معرباً عن استعداده “للقيام بأيّ أدوار تسهم في تصنيع العلاقات العربية مع الجمهورية الاسلامية”، ومشيراً الى أنّه تمنى على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي “بذل مساعيه لرأب الصدع، وبناء الثقة في العلاقات الخليجية خصوصاً السعودية مع ايران”.
وأوضح بري أنّ الدعوة الموجهة اليه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لزيارة السعودية لم ترفق بجدول أعمال، وقال: “هناك عشرات العناوين التي تستدعي بحثها، خصوصاً اللبنانية منها”، مشيراً الى أنّ “ما يؤجل الزيارة هو الاولويات بالنسبة الى القيادة السعودية وأولوياتنا”.
وأضاف: “حين أتمكن من زيارة المملكة سأتحدث عن اهمية العلاقة السعودية ـ الايرانية وانعكاساتها على قضايا المنطقة، وفي رأيي أنّ نصف حلول هذه المسائل والملفات هو محلي لبناني ـ لبناني أو سوري ـ سوري، ولكن نصفه الآخر عربي ـ إقليمي، أيّ خليجي وسعودي ـ ايراني”.
ورأى بري أنّه “يمكن قطع الطريق على الفتنة بالوعي والحوار وقيام المؤسسات المرجعية الدينية بدورها وتعميم أفكارها في مواجهة الغلاة”، مضيفاً: “إنّنا في لبنان تمكنا من خلال الحوار الثنائي من خفض سقف التوترات وإبعاد شبح الفتنة، اذا لم نقل قطع دابرها. فالحوار ضرورة ومصلحة، وأول الأعداء المشتركين، عدا اسرائيل، الفتنة والجهل والفقر، وهذه العناوين تمس الجميع”.
وإعتبر أنّ “سايكس بيكو انتهى”، لافتاً الى أنّ “ما هو جار يستهدف الدولة المركزية وينتج فيديراليات وكونفيديراليات على أساس الأديان والمذاهب والاعراق”. وقال: “لقد كنت أول من حذّر من أنّنا نقف أمام مشروع تقسيم المقسم. ليس عندي شك في أنّ الشيعة والسنّة لن يقعوا في مشاريع تقسيمات سكانية ـ جغرافية متنابذة، وأؤكد أنّ الاسلام سينتصر”، مضيفاً: “نحن نشعر بالائتلاف والاختلاف الروسي ـ الاميركي، ونسمع مصطلح لافروف ـ كيري محل سايكس ـ بيكو”.
وأشار بري الى أنّ “ما يجري في سوريا هو تآكل لسوريا الجغرافية كما البشرية. إنّها حرب. تريد اسرائيل كما هو ثابت من تدخلاتها ثمناً في الجولان للموافقة على وقف الحرب، وليس أقله ابتعاد الموقف السوري عن معاداة اسرائيل وتأجير الجولان وتريد تركيا عدم عودة حلب الصناعية، وأن تصبح سوريا سوقاً للسلع التركية وضمان نظام رئاسي حاكم في تركيا. ويريد الجميع في المنطقة الحفاظ على مصالحهم وجماعتهم. والسؤال: أين سوريا وسط ذلك ووسط الحضور الروسي والاميركي ـ الغربي”؟
وأضاف: “أنا شخصياً أبحث عن إبرة سورية في كومة القش هذه وفي ما يسمى لعبة الأمم. إنّ ما حصل في سوريا مؤامرة بدأت ولا تزال. ولو أريد لسوريا نهاية لهذه المعاناة وهذا النزف لكما نجح حوار ايران مع 5+1. لماذا لا يكون حوار سوريا 6 +1″؟
وأعرب بري عن عدم اقتناعه بأنّ “أميركا وروسيا تريدان فعلاً وقفاً لإطلاق النار ويستمر اطلاقه. اسمحوا لي ان لا أصدق”.