Site icon IMLebanon

الحريري من صيدا: “سرايا المقاومة” عبء على لبنان

لفت الرئيس سعد الحريري إلى أنّ “سرايا المقاومة” تستفز أهالي صيدا كما تستفز كل لبنان وأصبحت تشكل عبئاً على السلم الاهالي، مشدّداً على أنّ صيدا لم ولن تقبل بأن تصبح “السرايا المسلحة” جزءاً من نسيجها الإجتماعي.

الحريري، وخلال إفطار رمضاني في صيدا، أوضح أنّ صيدا قوتها بكرامة أبنائها وبتمسكهم بالعيش المشترك وبرفضهم الإنسلاخ عن بيئتهم وأهلهم وشركائهم في الوطن، مشيراً الى أنّ صيدا وكل عائلاتها دافعت بحياة شبابها وأبطالها عن كرامة المدينة ضدّ الإحتلال الإسرائيلي وأدواته وضدّ النظام السوري وإستخباراته.

وقال: أمن أهلنا وإستقرارهم في صيدا وكل لبنان هو أولوية الأولويات، وأرفع الصوت من صيدا بالتضامن مع أهلنا في القاع وشهدائها الذين لا علاقة لهم بمحاور القتال والحروب والفتن في المنطقة، مضيفاً: نحن في “تيار المستقبل” تيار الإعتدال ونحن الحصن المنيع بوجه التطرف والإرهاب. ولا أحد يحمي لبنان وكل اللبنانيين إلا الدولة والجيش والقوى الأمنية الشرعية ووحدة كل ابناء لبنان.

وإذ أشار إلى أنّ مشكلة الارهاب انطلقت من سوريا وهي تنتهي بالحل السياسي فيها وبأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته، إعتبر الحريري أنّ المنظمات الإرهابية هدفها نشر الفوضى والخراب في كل المنطقة، ولكن البيئة الحاضنة لهذه المنظمات هي الحرب المستمرة في سوريا، لافتاً إلى أنّ الحل يكون بتأمين عودة كل اللاجئين الى سوريا وإنقاذ لبنان وكل المنطقة من كل وحوش الظلم والتطرف والإرهاب.

نصّ كلمة الحريري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل رمضان وأنتم بخير.

هنا عشت أحلى فترة من عمري، وهنا عرفت كيف يكون الناس الطيبون، وكيف تكون الحياة بلا تعصب وبلا كراهية، حتى تحت القصف وفي أيام الحرب.

صيدا الدرس الأول، والبستان الأول، والصديق الأول، والمكافأة الأولى،والقصاص الأول،  وصيدا الحب الذي لا نهاية له.صيدا، أول حديقة لأحلام رفيق الحريري، فيها وضع حجر الأساس لمشروع إعادة الإعمار ومنها انطلق وأطلق ورشة الإعتراض على الحرب الأهلية.

هنا تكوّن مفهوم رفيق الحريري للحياة المشتركة بين كل اللبنانيين، في هذه المساحة من الوطن التي كانت ولا تزال وستبقى جسر التواصل والتعايش بين كل الطوائف والمكوّنات الروحية.هنا ربي  رفيق الحريري وهنا ربّانا على حبّ لبنان والولاء للبنان والإنتماء للعروبة والوفاء لفلسطين والإندماج بالبيئة الأوسع لأهلنا في الجنوب.

هكذا هي  صيدا، وهكذا هم كل أهل صيدا،وكل عائلات  صيدا التي دافعت  بحياة شبابها وأبطالها عن كرامة المدينة وحريتها،ضد الإحتلال الإسرائيلي وأدواته، وضد الدخول السوري ومخابراته وضد كل المتطاولين على سلامة صيدا بسلاح الإستقواء والهيمنة.

لصيدا تاريخ عريق بالدفاع عن هويتها العربية وعن دورها الوطني، وهذا التاريخ  لا تبيعه ولا تتنازل عنه لأي كان، حتى لو كان عنده مال وسلاح للتوزيع وشعارات مقاومة وممانعة للزينة!

صيدا قوتها بكرامة أبنائها، وبتمسكهم بالعيش المشترك وبرفضهم الانسلاخ عن بيئتهم وأهلهم وشركائهم في الوطن. ولهذا السبب، لم تقبل صيدا ولن تقبل بأن تصبح  السرايا المسلحة جزءا من نسيجها الإجتماعي، ان كلمة سرايا المقاومة لوحدها تستفز أهل صيدا كما تستفز كل مناطق لبنان لأنها مرتبطة بالنزاعات الأهلية والحوادث الإجرامية، واصبحت تشكل عبئا كبيرا على السلم الأهلي والنظام العام.

أهلي وأحبائي،

لصيدا حاجات تنموية كبيرة، كسائر المناطق، ولكن ما يمييز صيدا إن لديها استراتيجية تنمية مدنية، تشارك فيها كافة فئات المجتمع بالتنفيذ والتخطيط والمراقبة، بالتعاون مع نواب المدينة الرئيس فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري. ومن ضمن هذه الاستراتيجية تمت إزالة جبل النفايات، وإنشاء معمل لمعالجتها، وقد اصبح الان حديقة عامة، حديقة الرئيس محمد السعودي الذي نوجه له التحية. ومن ضمن هذه الاستراتيجية ايضا، تم إنشاء وتشغيل المستشفى التركي التخصصي للصدمات والحروق. ولاستكمال ربط المدينة بمحيطها، تم تنفيذ جسر سينيق، والإنتهاء من المرحلة الخامسة من أوتوستراد الجنوب، ومشروع تأهيل المدينة التاريخية والإرث الثقافي. والان يجري العمل على تنفيذ المرحلة الأولى من المرفأ التجاري الجديد ومشروع متحف تاريخ صيدا ومشروع تأهيل القلعة البرية وكاتيدرائية القديس نيكولاوس.

وفي المرحلة المقبلة بإذن اللهْ، سيتم إنشاء فندق سياحي في صيدا وتطوير وتفعيل شاطئ المدينة للسياحة، ومشروع تطوير مرفأ الصيادين وتأهيل وتفعيل “الزيرة” وتفعيل النشاطات والمهرجانات السياحية وتأهيل الكنيسة المارونية القديمة وإنشاء مكتبة عامة جديدة اضافة الى إنشاء مركز طوارئ وإسعاف.

كما سيتم  تأهيل خط السكة الحديد ليصبح ممرا عاما اخضر، وإنارة الكورنيش البحري على الطاقة الشمسية، وذلك من ضمن مشاريع أخرى عديدة، هدفها تحسين حياة الصيداويين وخلق فرص العمل للشباب والشابات وتحقيق الأمن والإستقرار الذي يشكل أولوية الأولويات للتنمية المستدامة في صيدا.

وفي الحقيقة، فأن صيدا تصلح لأن تكون نموذجا للعمل في كل لبنان، ونموذجا لعمل  تيار المستقبل في كل لبنان. ولكن من اين عسانا نأتي ببهية الحريري في كل منطقة وكل مدينة وكل قطاع من لبنان؟ لسوء الحظ، لا يوجد سوى بهية واحدة، ولحسن حظ صيدا، فإن بهية ساهرة عليها وعلى شبكة الأمان والإستقرار فيها!

نعم، بالنسبة لنا، فإن امن أهلنا وإستقرارهم في صيدا وفي كل لبنان هو اولوية الأولويات. هذا  كلام لا نخجل منه، بل نفتخر به، وهو أساس المدرسة التي  انطلقت من صيدا لكل لبنان والعالم، المدرسة التي ترعرعنا فيها والتي سنستمر فيها، مدرسة رفيق الحريري.

وهذا الكلام يكتسب كل معناه عندما نرى ما يحدث من حولنا، وعندما نرى الإرهاب يدق  ابواب بلدنا كما حصل في بلدة القاع منذ عدة ايام. ومن هنا، من صيدا، ارفع الصوت بالتضامن مع أهلنا ببلدة القاع البقاعية وشهدائها المواطنين الأبرياء، الذين لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بمحاور القتال والحروب والفتن في المنطقة.

من هنا، من صيدا، ارفع الصوت لإدانة هذه الهجمات الإرهابية المجنونة، الجبانة، التي لا مهمة او وظيفة لها سوى القتل المجاني والإساءة لديننا الحنيف وللمسلمين وإثارة الغرائز ولنشر الفتن والخراب.

ومن هنا، من صيدا اعود واكرر القول: نحن تيار المستقبل، تيار الإعتدال، نحن الحصن المنيع بوجه التطرف والإرهاب، ولا احد يحمي لبنان وكل اللبنانيين إلا الدولة والجيش والقوى الأمنية الشرعية ووحدة كل ابناء لبنان وتماسكهم مع الدولة، وضمن الدولة، وخلف الدولة. والحقيقة ان هجمة العمليات الإنتحارية قد اصابت الأردن، قبل لبنان وتركيا من بعده، واحدثت  هزة في الأمن الإقليمي.

أهلنا في القاع واجهوا الهجمة برباطة جأش وبوعي وطني وبإصرار على تحميل الدولة وقواها العسكرية والأمنية الشرعية مسؤولية التصدي للإرهاب وإقتلاعه من أرضنا. ولا يجب على الدولة ان تتردد تجاه مسؤولية كهذه ويجب عليها ان تستنفر كل الإمكانات لحماية سيادتها على أرضها وسلامة أبنائها، وضرب أي مخطط هدفه ضرب الأمن والفتنة.

المنظمات الإرهابية هدفها نشر الفوضى والخراب في كل المنطقة ولكن البيئة الحاضنة لهذه المنظمات هي الحرب المستمرة في سوريا، والظلم والقتل والتهجير والدمار الذين أغرق بشار الأسد فيها سوريا و”فيزا” الخروج والعودة التي اعطاها نظام الأسد للإرهاب في سوريا ومنها لكل المنطقة.

هذه المشكلة انطلقت من سوريا، وهذه المشكلة تنتهي في سوريا، وبالحل السياسي فيها، وبإن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته لإنهاء الحرب وتأمين عودة كل اللاجئين الى سوريا وإنقاذ لبنان وكل المنطقة من كل وحوش الظلم والجهل والتعصب والتطرّف والإرهاب.

والله كريم، ورمضان كريم وكل عام وإنتم بخير.