Site icon IMLebanon

“انتصارات” الأمين العام في ميزان.. الانكسارات

 

كتب علي الحسيني في صحيفة “المستقبل”:

كعادته وفي كل المناسبات التي يستغلّها لتوجيه سهامه باتجاه الداخل والخارج، أطل الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بمناسبة “يوم القدس العالمي” الجمعة 1 تموز، مُنصّباً نفسه “والياً” على الأمة العربية والإسلامية على وجه الخصوص، فراح وبحسب ما تهوى نفسه وما تقتضيه المشاريع التي أصبح حزبه جزءاً منها، يفرز شعوب المنطقة على قاعدة “مقاومون” و”عملاء”، فكان للدول العربية النصيب الأكبر من هجومه، وذلك إنطلاقاً من الإستغلال الدائم للقضية الفلسطينية التي أصبح الإيراني بحسب الترويجات التي يقوم بها “حزب الله”، يمتلك الحق “الحصري” فيها وفي كل القضايا التي تتعلق بها.

يقول نصرالله في خطابه أن “خيار المقاومة بدأ يصنع إنتصارات حقيقية في لبنان وفلسطين وعلى مستوى المنطقة، وفي سياق تحولات كبرى نجد أن هناك من دخل بقوة ليُحبط هذا المشروع ويسقطه”. هي مفارقة كبرى أن يتحدث عن “إنتصارات” وعن محاولات لإسقاط المشروع الذي ينتمي اليه أي “المقاومة”، فهل يعتبر أن توجيه السلاح إلى صدور اللبنانيين وبعدها إلى الشعب السوري والتنكيل به، إنتصار؟. ثانياً، هي مشكلة بحد ذاتها، إذ لم يُدرك نصرالله أن أهم الأسباب التي أدت إلى سقوط “مقاومته”، بدأت يوم قرر مشاركة طاغية الشام ومساعدته على قتل السوريين وتشريدهم من بلدهم ومن ثم احتلال أرضهم تحت حجّة حماية “المقامات” والحدود والطائفة الشيعية.

عن أي قوّة يتحدث نصرالله عندما يقول إن “اسرائيل تعترف أن هناك قوة حقيقية وهي حزب الله وتملك عقيدة المواجهة والرد بالمثل”، وهو يعلم تماماً أن أكثر من ثلثي عناصره أصبحوا يتواجدون اليوم على الأراضي السورية، ومع هذا لم يتمكنوا حتى اليوم من تحقيق إنجاز يُذكر يُمكن أن يتباهى به أمام جمهوره أو أن “يُهديه” لأهالي وأبناء عناصره الذين سقطوا في الداخل السوري. وأي قوّة يقصد وهناك أكثر من الفي قتيل وثلاثة آلاف جريح سقطوا للحزب في سوريا منذ دخوله في الحرب هناك في العام 2011. أمّا لجهة نفيه أن تكون إيران قد أوقفت الدعم عن بعض حركات المقاومة الفلسطينية بسبب المواقف التي اتخذتها هذه الاخيرة من الأزمة السورية، فيُمكن أن يُحال إلى اليوم الذي رفضت فيه عناصر من “الجهاد الإسلامي” القتال إلى جانب الحزب في “القلمون” وإنقطاع العلاقة بين الطرفين من بعدها، والامر نفسه حصل مع حركة “حماس” التي طُرد قادتها من سوريا لمجرد رفضها الوقوف إلى جانب الحزب والنظام السوري في بداية الأزمة السورية.

بالأمس إستعاد نصرالله عبارة “لولا” وذلك من باب أن الحرب الإستباقية التي قام بها “حزب الله” في سوريا، هي التي منعت وصول أعداد كبيرة من الإنتحاريين والسيارات المُفخّخة إلى لبنان. لكن حبّذا لو تابع كلامه حول أرواح الأبرياء التي ما زالت تسقط في لبنان وسوريا من أطفال ونساء وشيوخ، عدا تشريد مئات الآلاف وتجويعهم، ومع هذا وبالرغم من كلمة “لولا”، لم يخرج لبنان منذ تدخل الحزب في الحرب السورية من دائرة الإستهداف، إلا إذا كان يعتبر نصرالله عمليات القتل التي تقوم بها الجماعات الإرهابية بين الحين والآخر، تأتي في إطار التنسيق بين الإرهابيين وضحاياهم.

ومن باب الإستهداف المُستمر بحق بلدة “عرسال” التي ما زالت عصيّة على “حزب الله” والنظام السوري، يُشير نصرالله إلى أن “انتحاريي القاع لم يأتوا من مخيمات النازحين في القاع بل أتوا من جرود عرسال”. ومن يعرف جيّداً طبيعة الجرود المترابطة بين سوريا ولبنان وخريطة المنطقة جغرافياً وتوزيع الجماعات المُسلـّحة فيها، يُدرك تماماً أن نقاط تواجد عناصر من تنظيم “داعش” وخصوصاً في منطقة مشاريع القاع، لا تبعد أكثر من مئتي متر عن النقاط التي يتواجد فيها عناصر “حزب الله”، وأن يقول نصرالله بأن الإنتحاريين أتوا من جهة عرسال، فهو بذلك يُدين حزبه المتواجد في الجرود وهو القائل منذ عامين تقريباً، أن تسعين في المئة من جرود عرسال أصبحت تحت سيطرة “حزب الله”.

يستنتج نصرالله أن “في السياسة لا يفترض أن ينفذ داعش عمليات في تركيا لأنها تساعدهم ولكن عقيدة التكفير هي السبب”، لكنه لم يوضح كيف أنه ولغاية اليوم، لم يستهدف “داعش” الأراضي الإيرانية علماً أن إرهاب “التنظيم” وصل إلى كل أوروباً واميركا وجميع الدول العربية من دون إستثناء. وهذا يؤكد مُجدداً أن من يقف وراء تسليح وتدريب “داعش”، هما النظامان الإيراني والسوري، وأن عمليات الخرق التي كان يُحدثها في بعض المناطق السورية، كانت تتم بالتنسيق مع نظام الأسد، والأمر هذا كان أكده منذ سنوات رئيس الوزراء العراقي السابق نور المالكي من خلال إتهامه النظامين السوري والإيراني، بإرسال مجموعات أصولية إلى العراق لتفجّر المساجد والحُسينيّات”.

من المؤكد ان اللبنانيين لا يطلبون من نصرالله ولا حزبه، حمايتهم ولا الدفاع عنهم، فهم ومن خلال دولتهم وجيشهم، يُمكنهم ان يصدوا أي عدوان وان يمنعوا أي عمل تخريبي. فكل ما يُطالب به اللبنانيون، هو إنسحاب “حزب الله” من سوريا وإعادة الشباب إلى وطنهم، وإلى احضان أمهاتم وعائلاتهم.