كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:
أدت المشاورات العربية الى الاتفاق رسمياً على موعد القمة العربية إذ ستنعقد في 25 و26 تموز الجاري في نواكشوط موريتانيا، على مستوى الملوك والقادة، يسبقها اجتماعان تحضيريان: في 23 تموز على مستوى وزراء الخارجية، وفي 21 و22 تموز على مستوى الموظفين الكبار والمندوبين الدائمين. وفي 21 و22 من تموز أيضاً ينعقد المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي على مستوى وزراء الاقتصاد.
وحتى الآن لا تزال هناك مسائل غير واضحة لا سيما بالنسبة الى ما هو لوجستي وفقاً لمصادر ديبلوماسية عربية وما يتصل أيضاً بأمن القادة والملوك والمسؤولين العرب كافة الذين سيشاركون في أعمال القمة، بحيث أن نواكشوط تفتقر الى الخدمات والقدرة على الاستضافة والحماية، كما أن مطارها حوله علامات استفهام تقنياً.
ولم تقبل موريتانيا بالتخلي عن الاستضافة لصالح مقر الجامعة في القاهرة، إذ تعتبر الأمر فرصة لها سياسياً وديبلوماسياً، وهي ستتسلم في القمة الرئاسة، من مصر، حيث يتحضر الرئيس عبد الفتاح السيسي للحضور الى نواكشوط ومعه وفد ضخم لتسليم هذه الرئاسة.
وسيشارك رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، وكذلك وزير الخارجية جبران باسيل في هذه القمة، لكن من غير الواضح ما إذا سيشارك وزير الاقتصاد المستقيل آلان حكيم، في أعمال المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي أم ان لبنان سيتمثل برئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي روجيه نسناس، مثلاً، أو وزير الاقتصاد بالوكالة.
في كل الأحوال، تؤكد المصادر أن القمة لن تتخذ قرارات مفصلية وكبيرة، إنما ستكون قراراتها روتينية في حدود معقولة نسبة الى التفاوت في المواقف العربية من القضايا والمشاكل التي تواجه العرب، وذلك في إطار جدول الأعمال اذي أقرته الدورة 145 العادية للجامعة على مستوى وزراء الخارجية التي انعقدت في آذار الماضي، والتي أرجأت آنذاك عقد القمة من نهاية آذار الى موعد يحدد لاحقاً. وبالتالي، ستكون القمة مناسبة لإعادة التأكيد على الوحدة العربية إزاء ما يواجه الوضع العربي من تعقيدات، في العلاقات، وفي المواقف تجاه الأزمات الكبرى، والتأكيد على أن الدول العربية لا تزال تجتمع وتتخذ القرارات. الوضع العربي صعب، ليبيا مقسمة، والعراق مشرذم، وسوريا غير واضحة المصير في ظل استمرار القتل والاجرام. فضلاً عن تفاوت وجهات النظر حول انشاء القوة العربية المشتركة لمكافحة الارهاب، واليمن والمفاوضات الدائرة بين أطراف النزاع والتي يؤمل أن تحقق نتيجة لما لهذه الأزمة من انعكاسات عربية. كما هناك العلاقات الخليجية مع لبنان، جراء “تسلّط” “حزب الله” على مقدرات الدولة وقراراتها، فضلاً عن أن الوضع اللبناني يتأرجح بين الأزمات الداخلية، والضغوط الاقليمية، في ظل استمرار الفراغ الرئاسي أكثر من سنتين، والعبء الأمني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يلقيه عليه وجود اللجوء السوري على أراضيه.
في القمة سيكون الأمين العام الجديد للجامعة أحمد أبو الغيط قد تسلم مهامه حيث سيتم ذلك في بداية تموز، خلفاً لنبيل العربي.
البارز في جدول الأعمال “العادي”، إدانة إسرائيل لاحتلالها الأراضي الفلسطينية، وإدانة بناء المستوطنات، وكل ذلك مطروح تحت بند الصراع العربي الإسرائيلي.
وهناك فقرة متصلة بالتضامن مع الجمهورية اللبنانية، وقد نأت دول الخليج عن التصويت عليها في الدورة 145، لكنها أقرت وهي على جدول الأعمال. ومن غير الواضح بعد ما إذا كانت ستطلب بعض الدول ادراج “حزب الله” على لائحة الارهاب وان تطلب من القمة تبنيه، بعدما تبنته الدورة 145، وكافة الاجتماعات الوزارية العربية والاسلامية في المدة الأخيرة، انما أي منحى من هذا النوع، سيجعل موقف لبنان الرسمي متحفظاً كالعادة، وبالمقابل سيقترب لبنان أكثر من المواقف العربية في ما خص كافة القضايا المطروحة الأخرى. وما من شك في أن اعتراف الأمين العام “للحزب” حسن نصرالله بوضوح بتلقي تمويله من إيران، سيحرج أكثر الموقف الرسمي اللبناني، لا سيما وانه عندما نأَتْ دول الخليج عن بند التضامن مع لبنان كان ذلك بمثابة إشارة سياسية ورسالة واضحة حول الاستياء من الحزب ومواقفه وأدائه في الداخل وفي بعض الدول العربية، وان الخليج لن يتضامن مع لبنان في ما خص الحزب. ويطلب لبنان في مشروع القرار الدعم العربي لرفضه توطين اللاجئين السوريين، وإدانته للخروقات الاسرائيلية للأجواء اللبنانية وللقرار 1701.
ويرتقب أن تكون هناك إدانة للحوثيين ودعم للسلطة في اليمن، ودعم الانتقال السياسي السلمي للسلطة في ليبيا، وإجراء الانتخابات العراقية، والمطروح إدانة لتركيا بسبب التوغل التركي في الأراضي العراقية. وهناك التعيينات الإدارية، وإعادة النظر بالنظام الداخلي ومراجعة الميثاق.
والموضوع السوري مطروح أيضاً، فضلاً عن أنه سيكون محور مباحثات جانبية بين القادة لا سيما وأن استمرار العقبات أمام الحل السلمي قد يهدد بدوره بنشوء موجة عنف كبيرة. وسيؤكد العرب على تنفيذ القرار 2254، مع الاشارة الى استمرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة.
القرار الكبير اذا اتخذ هو حول تصنيف القمة الحزب بالإرهاب. أما غير ذلك، فإن القرارات تعد عادية، ما لم يطرأ أي جديد.