Site icon IMLebanon

الاتفاق النفطي خارج السلة السياسية 

baabda-residence

 

 

توقفت أوساط نيابية ووزارية عبر صحيفة “الحياة” “أمام الاتفاق الذي حصل بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وبين رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل وقضى بإخراج ملف التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما من التجاذبات السياسية والبدء بمجموعة من الخطوات على صعيدي الحكومة والبرلمان من شأنها التسريع في وضع خريطة طريق للإفادة من الثروات النفطية للبنان. وسألت إذا كان هذا التفاهم يأتي من ضمن السلة السياسية التي طرحها رئيس المجلس وبالتالي ينسحب على ملف رئاسة الجمهورية؟”.

استبعدت مصادر مقربة من رئيس المجلس أن “يكون للتطبيع النفطي هذا علاقة مباشرة بالسلة السياسية التي كان طرحها الأول لإخراج البلد من التأزم السياسي الذي يتخبط فيه، خصوصاً بعد دخول الشغور في رئاسة الجمهورية عامه الثالث، والتي يفترض أن تكون موضع نقاش في الجلسات الثلاثية للحوار الوطني الموسع المقررة في الأسبوع الأول من آب المقبل”.

ولفتت المصادر نفسها إلى أن “لقاء بري ـ باسيل في حضور الوزير علي حسن خليل أدى إلى حلحلة العقدة التي ما زالت تؤخر إفادة لبنان من ثروته النفطية، وقالت لـ «الحياة» إن تفاهمهما لا يقوم على صفقة ثنائية بين رئيس المجلس و”التيار الوطني” يمكن أن تتطور في اتجاه التوافق على مقايضة بين البدء بخطوات عملية لاستخراج النفط والغاز من ناحية وبين التسليم بانتخاب رئيس “تكتل التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية”.

وذكرت أنه “مضى نحو عام على الفتور المسيطر على علاقة بري بباسيل على خلفية التباين في التعاطي مع ملف النفط، وقالت إن هذا الفتور أدى الى انقطاع كل أشكال التواصل بينهما”، مشيرة إلى أن “بداية الانفراج في العلاقة بينهما بدأت منذ نحو أسبوعين، وتحديداً منذ تحدث باسيل في جلسة لمجلس الوزراء بإيجابية عن موضوع استخراج النفط والغاز لمنع إسرائيل من أن تضع يدها على هذه الثروة الموجودة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بلبنان”.

اضافت: “ومع أن باسيل لم يستطرد في شرح موقفه في هذا الخصوص، فإن وزراء ممن شاركوا في هذه الجلسة اعتبروا أن وزير الخارجية انتهز الفرصة ليوجه، من مجلس الوزراء، رسالة إيجابية إلى رئيس البرلمان.”

في هذه الأثناء، تطوع الوزير خليل ومعه زميله في حركة “أمل” الوزير غازي زعيتر بنقل مضمون ما سمعاه من باسيل إلى بري الذي تعامل مع كلامه في الجلسة بإيجابية. ولم يكتف باسيل بتوجيه رسالة إيجابية من خلال مجلس الوزراء إلى بري، بل سارع إلى طلب موعد لمقابلته وكان اللقاء بينهما في حضور خليل.

وفي هذا السياق أيضاً، بادر بري الى استباق موعد اجتماعه بباسيل وطرح مع رئيس الحكومة تمام سلام إمكان إدراج المراسيم التطبيقية التي تجيز للحكومة البدء بخطة عملية لاستخراج النفط على جدول أعمال مجلس الوزراء. لكن سلام، كما تقول مصادر وزارية أخرى لـ”الحياة”، أبدى “تفهمه بلا شروط لطلب رئيس البرلمان، لكنه بقي على حذره من طرحها، بذريعة أنه يشترط التوافق عليها قبل طرحها لئلا يختلف الوزراء في الجلسة وتعرَّض الحكومة لاشتباك سياسي هي في غنى عنه الآن”.

إلا أن لقاء بري ـ باسيل أدى الى سحب التحفظات التي كان وضعها الأخير ودفع في اتجاه إخراج المراسيم التطبيقية من أدراج “المحفوظات” تمهيداً لإقرارها في أقرب جلسة للحكومة بالتزامن مع بدء رئيس لجنة الطاقة النيابية النائب محمد قباني التحضير للتقدم باقتراح قانون في هذا الخصوص.

لذلك، رأت المصادر الوزارية أن “التزامن بين إصدار المراسيم التطبيقية هذه عن الحكومة وبين إعداد قباني اقتراح قانون، لا يعني أن هناك نية لربطها بانتخاب رئيس الجمهورية”.

وعزت المصادر السبب إلى “أمرين: الأول يعود إلى أن ملف الرئاسة لا يطرح بين بري وباسيل وإنما في مكان آخر ومن ضمن السلة السياسية التي يتم التداول فيها، والثاني مرده إلى أن لانتخاب الرئيس الجديد، لجهة التوافق على اسم المرشح العتيد، حسابات سياسية أخرى لا تمت بصلة الى «التطبيع» النفطي الذي أنجز بين رئيس المجلس وباسيل.”

وعليه، نصحت المصادر هذه، في ضوء ما توافر لديها من معطيات ومعلومات، بـ”عدم إصدار الأحكام المسبقة على لقاء بري ـ باسيل، وتقول إن تحييد الملف الرئاسي عن الملف النفطي بات بحكم المؤكد، وبالتالي فإن أي اجتهاد من خارج هذا السياق هو في غير محله”. وأكدت أن “الملف الرئاسي لا يزال يراوح مكانه، وتقول إن ما يجري تداوله من أن حظوظ العماد عون باتت متقدمة على منافسه زعيم تيار “المردة” سليمان فرنجية، يبقى حتى إشعار آخر مجرد رغبة تفتقر إلى معطيات تدعم مثل هذا الترجيح”.

ولفتت المصادر الى أن “ما يشاع منذ فترة عن أن هناك إمكاناً لانتخاب عون رئيساً في النصف الثاني من الشهر المقبل، أي بعد انعقاد الجلسات الثلاثية للحوار الوطني، يبقي في سياق حرص من يدعمه على تسريب ما يدعوه إلى التفاؤل، على رغم أن المواقف منه لم تتبدل”. وسألت عن “هوية الجهة السياسية التي تستمر في “تهبيط الحيطان” على زعيم تيار “المستقبل” الرئيس سعد الحريري وتقديمه للرأي العام على أنه وحده يقف حجر عثرة لمنع عون من التربع على سدة الرئاسة الأولى، وهي تحاول توظيف الموقف الأخير لرئيس “اللقاء النيابي الديموقراطي” وليد جنبلاط من أنه «إذا كانت هناك مصلحة لانتخابه فلا مانع عندي شرط أن يتأمن عليه إجماع مسيحي وبالتالي التعامل معه على أنه يدعمه على بياض بلا شروط”.

واعتبرت أن “من يدقق في موقف جنبلاط هذا يكتشف أنه لا يضع فيتو على انتخابه رئيساً، وكذلك الحال بالنسبة الى بري الذي لم يدل بموقف يُشتمّ منه أنه عدل عن تأييد فرنجية لمصلحة عون، وتقول إن الهدف من الحرب النفسية ـ السياسية التي تستهدف الحريري يكمن في خلق مناخ يدعوه الى الاسترخاء وبالتالي التسليم بتأييد عون”.

ورأت أن “حزب الله وإن كان يؤيد ترشيح عون، فإنه في المقابل لا يرى أن الظروف السياسية الراهنة المرتبطة بالتطورات والتقلبات الحاصلة في المنطقة تشجع على انتخابه، لكنه يحرص على تمرير موقف داعم له لأنه لا يريد أن يخسر مَن أمّن له الغطاء السياسي لبقاء سلاحه في الداخل ولمشاركته في الحرب الدائرة بسورية إلى جانب رئيس النظام فيها بشار الأسد”.

وأكدت أن “حزب الله يبيع عون الموقف تلو الآخر في دعمه لترشحه للرئاسة مع أنه يعرف جيداً أن هذا الدعم لا يُصرف في الوقت الحاضر طالما أنه يصر على ربط الأزمة في لبنان بالتقلبات التي تمر بها المنطقة، ولن يبدل موقفه ما لم تتبلور الحصيلة النهائية لهذه التطورات وتحديداً في سورية، وهو على تنسيق تام مع إيران التي تمسك بالورقة اللبنانية ولن تفرط فيها حتى إشعار آخر. فإيران تدعو الى التكيف مع التأزم الذي يحاصر لبنان لأنها ليست في وارد توفير الدعم للجهود الرامية إلى انتخاب رئيس جديد قبل أن تعرف ما لها وما عليها في سورية ليأتي الحل في لبنان على قياس التسوية في سوريا”.

كما أن المصادر تتعامل مع السلة السياسية المدرجة على جدول أعمال الجلسات الثلاثية للحوار على أنها “غير واضحة، خصوصاً بالنسبة إلى ماذا تعطى الأولوية: لانتخاب رئيس جديد أم لوضع قانون انتخاب يسمح بإجراء الانتخابات النيابية ليتولى البرلمان المنتخب انتخاب الرئيس”.

وسألت عن “الجهة القادرة على توفير الضمانات التي يطالب بها معظم الأطراف في حال اعتماد خيار انتخاب الرئيس أولاً أو إطاحته لمصلحة إقرار قانون انتخاب يسمح بإجراء الانتخابات النيابية التي تمهد لانتخاب الرئيس”. كما تسأل “ما إذا كانت السلة المطروحة تأتي لمصلحة انتخاب عون أم أنها لا تلحظ خياراً كهذا على أن توفر التطمينات التي يريدها “حزب الله”؟”.