IMLebanon

القصة الكاملة للفتاة المغتصبة!

daher-el-ein-rapers

 

 

تقرير راجانا حمية وعبد الكافي الصمد في “الأخبار”:

ثلاثة أشهر. لا يوم ولا أسبوع. ثلاثة أشهر من الصمت الذي يقتل. لا أحد يعرف كم عدد المرّات التي فكرت فيها “أ. م” في الإنتحار كي تتخلص من “العار” الذي سيرميه المجتمع في وجهها. أ. م. فتاة لم تكمل طفولتها بعد، لكنها، مع ذلك، تجرّعت، باكراً، ثقافة مجتمعها البالية. كتمت وجعها القاتل ثلاثة أشهرٍ خوفاً من “العار”، ولاذت بصمتها.

أربع مرّاتٍ اغتصبت على يد ثلاثة وحوشٍ بشرية ـ وثمّة من يقول أربعة بحسب التقارير الأمنية ـ وبقيت على صمتها. وهذا مؤلم. أما السبب الذي يزيد الألم؟ فهو المجتمع الذي أسكتها، كما الكثيرات غيرها، بسطوة الذكورة. يسألون: كيف يمكن لفتاة مغتصبة أن تقول انها اغتصبت؟ نعم، لا يمكنها. لا يمكنها في مجتمع لن يعترف بطفلة مغتصبة ـ لا يهمّ ما اسمها ـ كضحيّة. ففي نهاية المطاف، سينظر إليها على أنها: “صارت مرا”. فقدت عذريّتها. لكنها في المجتمع “البالي” هذه العذرية هي كل شيء. أمّا المغتصب؟ فهو ذكر. فحل. مهما تكن التسمية، فلا غبار عليه.

قبل ثلاثة أشهرٍ، تناوب ثلاثة شبّانٍ على اغتصاب أ. م (16 عاماً). استدرجوها. خدّروها. “مزّقوا” جسدها الطري ولم يكتفوا. فبعد نشوتهم، صوّروها عارية وبدأوا بابتزازها. اغتصبوها مجّدداً. مرّتين وثلاث مرات وأربع، وهي معتصمة بصمتها خوفاً. لم تجرؤ على إخبار أحد، حتى عندما أرادت إخبار جدّها الذي تعيش معه، منذ وفاة والدتها وسفر والدها، غرقت في نوبة بكاء طويلة “وعادت لتخبره بأنها تبكي جدّتها التي توفيت قبل فترة”، بحسب ما أشارت عمّتها ابتسام لـ”الأخبار”. بقيت على هذه الحال، “من فزعها”، تقول العمّة، إلى أن “قرّرت أول من أمس أن تخبر عمتها الصغرى وتقول لها انّ أربعة شبان اغتصبوها وهددوها إذا أخبرت أحداً فسينشرون صورها”.

مع ذلك، حربها خاسرة. لن يسعفها المجتمع الذي هو الضالع الأكبر في سكوتها عن جريمة تكرّرت أربع مرّات، ولا حتى الإعلام الذي لم “يبقِ شيئاً خاصّاً للطفلة”. انتهكها كما فعل المغتصبون، كاشفا عن هويتها ليجعلها عرضة للمزيد من الاغتصاب من المجتمع الغارق في ذكورته. تقول العمّة إنّ ابنة أخيها “اغتصبت مرتين، مرّة على يد هؤلاء الزعران الوحوش ومرّة أخرى على يد المجتمع والإعلام، فتارة يقولون برضاها وطوراً يقولون بأنها فلتت بعدما ماتت والدتها”. وهذا مؤلم، عندما يتّفق الكل على الضحية التي لا حول لها ولا قوّة.

كيف حصلت القصّة؟ أول من أمس، ضجّت طرابلس بخبر إغتصاب 3 شبّان لفتاة في السادسة عشرة من عمرها. كان الخبر صادماً. لم يألف أهل المدينة مثل هذه الأخبار، وإن كانوا يعيشون على وقع جولات القتال والموت. أما الإغتصاب الجماعي؟ فلم يروه إلا في الأفلام.

وحتى هذا الوقت، القصّة التي يتداولها الناس في المدينة، فهي أنّ “الفتاة من مواليد عام 2000. والدتها متوفّاة ووالدها مهاجر وتعيش في منزل جدها في محلة أبي سمراء، استدرجها 3 شبّان يعيشون في حي الزاهرية (هناك معلومات أخرى تقول إن هناك شابا رابعا مشتبها به ويجري البحث عنه ويدعى محمد ن) إلى بلدة ضهر العين ـ الكورة، بجوار طرابلس، حيث تناوبوا على اغتصابها داخل شقة بعدما خدّروها”.

سيُحاك حول هذه القصّة الكثير. ستضاف إليها “نتف” روايات ستسهم في نهاية المطاف في نسج قصّة مشوّقة لن تضرّ إلا الضحيّة. ومن هذه “الخبريات” أن الفتاة كانت “تربطها علاقة عاطفية عابرة وسطحية مع واحد من هؤلاء الشبان، واسمه خالد م. وأنه أفشى أمر هذه العلاقة أمام رفاق له في المحلة، قبل أن يتوافقوا في ما بينهم على استدراجها لممارسة الجنس معها داخل شقة في بلدة ضهر العين، يملكها أقارب أحد الشبان وهم مغتربون في الخارج منذ سنوات”. وفي تتمة القصة المتداولة أنّ “صديقها المفترض أبلغها أنه يريد إطلاعها على شقة ستكون في المستقبل منزلهما الزوجي بحسب وعده لها”. هناك، داخل “العش الزوجي” المفترض، حدث كل شيء.

وبحسب المعلومات المتوافرة، بعد صمت طويل، “اخبرت الفتاة عمتها بما حصل معها، فقامت الأخيرة، بعدما وجدت آثار كدمات وعنف على جسدها من آثار جريمة الإغتصاب في آخر مرّة، بعرضها على الطبيب النسائي عاصم معاليقي، في عيادته بمدينة الميناء، وهناك أكد تعرضها للإغتصاب، ما دفع عمتها للإدعاء على الشبان أمام فصيلة مخفر الميناء لقوى الأمن الداخلي، وإبلاغها ما حصل”. وفي هذا الإطار، يشير معاليقي إلى أنّه “حوالى الحادية عشرة والنصف من مساء أول من أمس، حضرت امرأة برفقة فتاة صغيرة وقالت لي (افحصها شفلي ياها إذا بنت أو مرا)”. يتابع “فحصتها وكانت النتيجة صادمة، فقد أمعنوا في تمزيق غشاء البكارة، أضف إلى أنهم مارسوا معها الجنس من الخلف بطريقة وحشية وسرعان ما اتصلت بقوى الأمن الداخلي، حيث حضر بعض العناصر ومعهم الطبيب الشرعي الذي أثبت ما أقوله”… بانتظار كلمة القضاء، حيث جرى تحويل الملف إلى المفرزة القضائية في طرابلس.

لكن، هل هذا كل ما حدث؟ بالتأكيد لا، فجدّ الفتاة لم يستطع تحمل خبر كهذا، “وسرعان ما سقط مغشيا عليه، اذ أصيب بنوبة في القلب ما استدعى نقله إلى المستشفى حيث يقبع في العناية المركّزة”، تقول ابتسام، ابنته وعمة الطفلة.

أما الصدمة الأخرى، فقد حلّت في قلب أمّ أحد المتهمين بجريمة الإغتصاب، وتدعى صباح نهاد العبد، اذ فارقت الحياة بعدما “داهمت استخبارات الجيش منزلها وأخبرتها بأن ابنها الوحيد متّهم باغتصاب فتاة قاصر”. لم تستطع هي الأخرى تصديق الخبر، وأصيبت بنوبة قلبية “بعد أقل من ساعة من تبلغها النبأ، ودفنت بعد ظهر أمس في طرابلس بعد الصلاة عليها في مسجد البرطاسي”.

في الزاهرية، وهي المحلة الشعبية التي يقيم فيها الشبان الثلاثة، لا شيء سوى الصدمة. لا يستطيع الأهالي هناك تصديق ما جرى. ولهذا، رفض الكثيرون منهم التحدّث في الموضوع، مكتفين بإبداء رفضهم الشديد واستنكارهم للأمر وتأكيدهم أن “هذا الأمر ليس من عاداتنا ولا ديننا، ونحن لا نقبله”. لا يحاول سكان الزاهرية تبرير ما فعله هؤلاء، ولكنّهم لا يجدون بداً من الحديث عن أوضاعهم “الزفت”، حيث أن “صديق الفتاة المفترض يعمل حلاقاً، وصديقه الآخر يعمل في محل لتركيب المكيفات، أما الثالث الذي توفيت والدته فعاطل من العمل، وكذلك الحال بالنسبة للمشتبه به الرابع الذي قدم إليهم شقة ضهر العين التي تملكها خالته المغتربة”.

وبحسب مصادر أمنية، فقد أُلقي القبض على المشتبه بهم الثلاثة ليل أول من أمس، فيما اقتيد مشتبه به رابع أمس، على أن “المعلومات لم تؤكد بعد ما اذا كان الأخير، وهو من سلم مفتاح الشقة موجوداً لحظة الجريمة أم أنه أعطى مفاتيح منزله إلى الشبان الثلاثة”.