كتب غسان ريفي في “السفير”:
تتطلّع قيادة “الجماعة الاسلامية” في لبنان الى فتح صفحة جديدة مع السعودية، وذلك بعد فترة من الجفاء الناتج عن الموقف السعودي السلبي من “حركة الاخوان المسلمين” عموماً، وترجمته في أكثر من مكان على الساحة الإقليمية لا سيما في مصر، فضلاً عن تحفظ “الجماعة” على تجاهل المملكة لـ”حراكها اللبناني” شأنها في ذلك شأن أكثرية المكونات السنية، انطلاقاً من القرار السعودي السابق القاضي بحصرية الدعم للرئيس سعد الحريري.
وتسعى “الجماعة” من خلال العلاقة المستجدة والإيجابية مع السفير السعودي علي عواض عسيري الذي التقته مرتين خلال الأشهر الثلاثة الماضية، الى ترجمة هذا الانفتاح الى حوار مع الإدارة السعودية. وهي طلبت في اللقاء الأخير مع عسيري موعداً لزيارة الرياض، وما تزال تنتظر الجواب.
وعليه، تتجه “الجماعة” للاستفادة من القرار السعودي الجديد القاضي بالانفتاح على كل المكوّنات السنية في لبنان. فهي تعتبر أن كسر جدار الجليد بينها وبين الحريري خلال الانتخابات البلدية الأخيرة كان بفعل اقتناع “زعيم المستقبل” بالقرار السعودي بضرورة لمّ شمل البيت السني والتعاطي مع مكونات الساحة السنية بنظرة تشاركية تفاعلية. وهذا بنظر “الجماعة” أمر بالغ الأهمية بغض النظر عن نتائج الانتخابات، ويمكن البناء عليه في المستقبل لتحقيق الغاية المنشودة بـ “ترتيب البيت السني”.
ولا تخفي قيادة “الجماعة” أنّ موقفها في الوصول الى وحدة سنية مع الحفاظ على التنوع يتقاطع مع الرغبة السعودية، “فلا يجوز أن تتجه كل الطوائف الى اصطفافات بالرغم من الخلافات التاريخية بين مكوناتها، وأن تبقى مكونات الطائفة السنية مشرذمة ومتناحرة”.
ولا شك في أن اللقاء الأخير بين “الجماعة” وعسيري “كان إيجابياً جداً، وأكد الأخير خلاله أن المملكة تعتبر “الجماعة” شريكاً لبنانياً أساسياً وهي تتطلع الى تعاون مع كل الأطراف السنية”.
وتقول مصادر قيادية في “الجماعة” لـ “السفير” إن “وجهات النظر بيننا وبين عسيري كانت متقاربة جداً، ولكن الأمر يحتاج الى حوار عميق مع الإدارة السعودية من أجل تحقيق التكامل والتعاون المنشودين، حيث من المفترض أن يُصار الى توضيح الكثير من الأمور لا سيما في ما يتعلق بحركة “الأخوان المسلمين” في العالم بالنشاط المحلي لـ “الجماعة”.
وترى هذه المصادر أنه من “الضروري أن تقوم المملكة بإجراء حوارات مع مختلف مكوّنات الساحة السنية، لكي تستمع الى مجمل الآراء وتكون مطلعة على حقيقة الواقع ضمن هذه الساحة، وأن تقدّم الدعم اللازم الى السنّة في لبنان، وليس لطرف سني واحد، لأن هذا الدعم الأحادي أثبت عدم جدواه”.
وتشير إلى أن “العلاقة مع الحريري تحسّنت عما كانت عليه في السابق”، لافتة الانتباه الى “إيجابية الانتخابات البلدية الأخيرة التي ساهمت في تبديل السلوك السياسي للحريري لجهة الانفتاح على المكوّنات السنية الأساسية والتعاون معها، واقتناعه بضرورة العمل التشاركي بعدما كانت تسيطر عليه فكرة العمل الفردي”.
وتؤكد المصادر أن “الجماعة” تعاونت مع الحريري في الانتخابات البلدية، ولكن في بعض المناطق غلب الطابع العائلي على الطابع السياسي. فكان هناك اختلاف في وجهات النظر من دون أن يتحوّل الى خلاف أو الى توتر. وتشير إلى أن العلاقة مع الحريري بعد الانتخابات ما تزال إيجابية، وهي تحتاج إلى مزيد من الحوار والتأطير لإنهاء حالة الإرباك التي كانت قائمة بين “الجماعة” وبين “المستقبل”، كما أن العلاقة مع ميقاتي ممتازة، وقد اتسمت بالتعاون خلال الفترة الماضية.
لذلك ترى “الجماعة” وجوب توسيع رقعة العلاقات الإيجابية في الساحة السنية للاستفادة منها في الاستحقاقات المقبلة.