Site icon IMLebanon

نزار زكا ضحية كمين إيراني… وسعد لـIMLebanon: على لبنان التحرّك ولو اهتزّت العلاقات! (رولان خاطر)

تقرير رولان خاطر

في 18 ايلول 2015، شوهد نزار زكا للمرة الاخيرة في شوارع طهران. كان يستقل سيارة أجرة إلى المطار للسفر إلى بيروت. لكنه لم يصعد الى الطائرة. بعدها لم يعرف عنه خبر، إلى حين بث التلفزيون الايراني في 3 تشرين الثاني الماضي، تقريراً، كشف فيه عن مكان إقامة زكا، أي في السجن، متهماً إيّاه بأنه جاسوس له “صلات عميقة” بأجهزة الاستخبارات الأميركية.

بالأمس، أعلن المدعي العام لطهران المدعي عباس جعفري دولت ابادي، ان تهمة التواصل مع الجيش الاميركي وجهت الى اللبناني نزار زكا وثلاثة ايرانيين يحملون جنسية مزدوجة، وان ملفاتهم رفعت الى المحكمة. كما اتُهم بأن له علاقة بالحركات الاحتجاجية التي وقعت في العام 2009 بعد اعادة انتخاب الرئيس المحافظ السابق محمود احمدي نجاد.

واكد التلفزيون الايراني ان زكا تربطه علاقات كثيرة عميقة مع الاوساط العسكرية والاستخباراتية الاميركية. وبث صورا لرجل باللباس العسكري في قاعدة عسكرية مؤكدا انه نزار زكا.

أما كيف وصل زكا إلى المعتقلات الإيرانية، فلا يختلف اثنان على أنه أسلوب “خبيث”. زكا الذي يعيش في واشنطن، ويحمل صفة “مقيم” في الولايات المتحدة، هو رئيس السياسة العامة في التحالف العالمي لتكنولوجيا المعلومات والخدمات (WITSA) ، والأمين العام للمنظمة العربية للمعلوماتية والاتصالات (أجمع)، وهدفها مناصرة تكنولوجيا المعلومات في منطقة الشرق الأوسط، لبّى دعوة نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة شاهيندوخت مولافردي، لحضور مؤتمر في طهران، تكلم خلاله الرئيس الايراني حسن روحاني عن توفير مزيد من الفرص الاقتصادية للمرأة والتنمية المستدامة.

يومها، كان آخر أيام الحريّة، للمواطن اللبناني.

المنحى القانوني لقضية زكا

يؤكد الخبير القانوني الدكتور أنطوان سعد لـIMLebanon أنّ هناك محاولة استدراج غير قانونية لزكا إلى ايران بحجة حضور محاضرة ثقافية، إذ لا حق قانونيا للسلطات الايرانية لاستدراجه واعتقاله.

وفي مفهوم العلاقات الدولية، كما يشرح سعد، عندما تتم الدعوات لحضور مؤتمرات دولية أو أيّ أمر يتعلق بالعلاقات الدولية، كالمؤتمر الذي دعي إليه زكا، فهناك انظمة وضوابط، وبالتالي، فإنّ ايران خرجت عن الأعراف والتقاليد التي عمرها مئات السنين، والتي تقول إنه في حال استضافة بلد اي شخص على ارضه، اذا أخطأ هذا الشخص وارتكب اي أمر مخالف للقانون يعتبر عندها شخصا غير مرغوب فيه، إنما استدراجه بحجة حضور محاضرة ثقافية بعنوان معين، ومن ثم اعتقاله، فيكون الاعتقال تعسفياً وغير قانوني ومخالفا للقوانين والأعراف والتقاليد الدولية. فالدعوات لا يفترض ان تتحوّل إلى كمين.

سعد، اكد أنه طالما ان زكا يحمل الجنسية اللبنانية، وهو مواطن لبناني، فالدولة اللبنانية وحدها لها الحق بمحاكمته على أي عمل اقترفه، خصوصاً أنه لم يقترف أي جرم على الأراضي الإيرانية، وبالتالي، المطلوب في هذا السياق من إيران ان تطلب من الدولة اللبنانية، محاكمة زكا على تصرفاته التي اعتبرتها وفق مفهومها انها تمسّ بالأمن القومي الايراني، وعليها أن تثبت ذلك بالأدلة القاطعة،  أما اذا رأت الدولة اللبنانية أن هذه الملاحقة سياسية فتمنع عنه الملاحقة والمحاكمة، فلا تستطيع الدولة اللبنانية ان تحاكم لبنانياً وفق مقتضيات والشروط الايرانية.

وأضاف سعد: “لو صحّت تهمة التجسّس على زكا، وافترضنا أنه على علاقة مع الاستخبارات الأميركية، فهو لم يقم بفعل التجسّس داخل ايران، وهذا الأمر يمنع السلطات الايرانية قانونياً من محاكمته وبالتالي، فإن ايران ليست الدولة الصالحة لمحاكمته “، مجددا التأكيد أن استمرار اعتقاله يعتبر أمراً تعسفياً.

أما إذا اعتبرنا أنه على علاقة بالحركات الاحتجاجية التي حصلت في العام 2009 في طهران على اثر انتخاب الرئيس السابق احمدي نجاد، كما أعلن مدعي طهران، فهذا الأمر يوجب على ايران ان تطالب الدولة اللبنانية بمحاكمته اذا ثبت فعلاً انه يمسّ بالأمن القومي الايراني.

تحديد المسؤوليات

في ظل الحديث بشأن أحقية تدخل الولايات المتحدة الأميركية في هذه القضية للافراج عن زكا، يؤكد سعد لـIMLebanon  أنّ المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على لبنان، وعلى وزارتي العدل والخارجية. فالمطلوب من وزارة العدل ان تخاطب السلطات الايرانية طالبة محاكمة زكا في لبنان. والمطلوب من وزارة الخارجية أن تسترده لأنّ زكا لم يرتكب جرما في ايران.

من هنا، تطلب الحكومة اللبنانية من وزارة الخارجية استدعاء السفير الايراني في لبنان للطلب منه هذا الأمر واستدعاء زكا، وإلا توجيه رسالة شديدة اللهجة لايران.

ولو أن لبنان يتمتع بسيادة قراره كما يقول سعد، فإنّ الأمور قد تصل إلى اهتزاز في العلاقات الديبلوماسية الايرانية – اللبنانية لأن ما حصل يشكل عدوانا على مواطن لبناني بالأسلوب الذي استدرج فيه.

قضية نزار زكا، هي قضية سيادة، وهيبة دولة قبل أن تكون قضية فرد محصورة في الزمان والمكان. قضية زكا تتطلب رجال دولة، ورجال قرار، فيما للأسف رجال دولتنا “مخصيين”، وجمهوريتنا فُضت بكارتها وانتُهك “شرجها” يوم قبل سياسيوها أن يمرغوا رؤوسهم في الوحل خنوعاً وخوفاً أمام ما يُسمّى قوة سلاح “حزب الله” التافهة الوهمية… والأسف الأكبر أن حكومة الذلّ و”مرقلي ت مرقلك” كما وصفها بعض الوزراء، ستقف متفرجة أمام معاناة نزار زكا في أقبية “الوحش” الايراني، وستكون كما عهدناها شاهدة زور في ملفه أمام الإنسانية جمعاء.