كتبت ملاك عقيل في صحيفة “السفير”:
لم يعد هناك مجال للشك بأن أي ترتيبات تخصّ موقع مدير عام قوى الامن الداخلي، المؤجّل تسريحه لسنتين، وتعيين آخر في الموقع السنّي الامني الاول لن يكون مفصولا عن مصير قيادة الجيش. يذهب اللواء ابراهيم بصبوص والعماد جان قهوجي معا او يبقيان الى حين تأتي التسوية برئيس الجمهورية وبتعيينات عسكرية وامنية.
الولاية الممدّدة لبصبوص بقرار من وزير الداخلية نهاد المشنوق تنتهي في حزيران 2017، فيما يتوقع ان يتمّ تأجيل تسريح العماد جان قهوجي للمرة الثالثة حتى ايلول 2017 تاريخ انتهاء مدة خدمته الفعلية.
هنا، ثمة ملاحظة جوهرية: التمديد الثالث لقهوجي سيكون الاخير، لأنه بخلاف مدير المخابرات او أي ضابط آخر، يمنع قانون الدفاع استدعاء قائد الجيش ورئيس الاركان من الاحتياط. وبالتالي مع حلول خريف 2017 ان انتخب رئيس الجمهورية او لم ينتخب، فان تعيين قائد جديد للجيش سيكون ملزما لمجلس الوزراء.
لذلك تصبح كل التحليلات التي رافقت الترتيبات الادارية التي جرت مؤخّرا في قوى الامن الداخلي والتي أوحت بأن ثمّة من يدفع العميد عماد عثمان الى الواجهة أكثر لخلافة بصبوص في غير محلها في هذا التوقيت السياسي بالذات، علما أن ثمة حماسة في بعض أوساط «المستقبل» لوصول العميد سمير شحادة الى هذا الموقع.
ومن الملاحظ أن القرار الاداري الأخير الذي صار بموجبه فرع المعلومات تابعا للمدير العام وليس لشعبة الخدمات والعمليات التابعة بدورها لرئاسة الاركان، يحفظ بقاء عثمان في موقعه كرئيس للفرع بعد تعيين العميد نعيم الشماس (دورة عثمان نفسها، لكن الاخير يتقدّمه بالاقدمية) رئيسا للاركان، وهذا القرار ليس مرتبطا باحتمال حصول تغيير على مستوى قيادة الجيش يؤدي الى تعيين قائد جيش جديد في مقابل تعيين عثمان مديرا عاما لقوى الامن الداخلي.
فرئيس فرع المعلومات، هو مرشح طبيعي لهذا الموقع «لكن ليس الآن»، ومعظم القوى السياسية تتصرّف على أساس ان التمديد لقهوجي صار محسوما مع رغبة بإخراج لا يستفزّ العماد ميشال عون، وهو ما يمكن استخلاصه من الزيارة التي قام بها وزير الدفاع سمير مقبل الى «الجنرال» في الرابية في الاول من تموز الجاري، وإن لم يتمّ التطرّق الى مسألة قيادة الجيش، ولاحقا من خلال احترام «الشكل» بطرح الموضوع على مجلس الوزراء لكن من دون توافق يؤدي الى إقرار التعيين.
وتشير المعلومات في هذا السياق الى ان المظلّة السياسية متوافرة لتأجيل تسريح جديد يطال الأمين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير الذي ينتهي تسريحه في 21 آب المقبل. صحيح ان خير هو وديعة الرئيس نجيب ميقاتي إلا ان تبني الرئيس تمام سلام وعدم ممانعة الرئيس سعد الحريري سيبقيانه في موقعه.
ويملك خير احتياطيا لأكثر من ثلاث سنوات من الخدمة الفعلية في السلك العسكري. والارجح ان بقاءه سيعزّز أكثر دوافع التمديد لقهوجي، فلا يبدو الاخير يغرّد وحده في سرب تأجيل التسريح فيما التعيينات طالت المجلس العسكري بالكامل ورئاسة الاركان والامانة العامة للمجلس الاعلى للدفاع، فيما يتّجه مجلس الوزراء الى تعيين العميد حاتم ملّاك رئيسا للاركان، اذ إن النائب وليد جنبلاط قرر منذ البداية تبني خيار الاقدمية في الجيش بالنسبة للموقع الدرزي الوحيد في المجلس العسكري.
وأخذًا بمبدأ الأقدمية، يتقدّم العميد حاتم ملّاك (الهيئة العليا للإغاثة ـ رئاسة الحكومة) قائد منطقة الشمال العميد مروان حلاوي ومساعد قائد الشرطة العسكريّة العميد أمين أبو مجاهد.
يذكر أنّ ملاك وحلاوي كانا يخدمان في القصر الجمهوري خلال عهد الرئيس أميل لحود، الأوّل في غرفة الأوضاع، والثاني في الحرس الجمهوري إلى جانب العميد مصطفى حمدان، وهما من دورة العام 1980 في الكليّة الحربيّة، فيما العميد أبو مجاهد من دورة العام 1983. وملّاك لا يزال لديه نحو عشرة أشهر في السلك العسكري، وبترقيته الى رتبة لواء يكسب تلقائيا سنة إضافية.
وفيما تصرّ الرابية على رفضها لاسطوانة التمديد، فإن رئيس «تكتل التغيير والاصلاح»، وفق أوساطه، ينتظر كيف سيتصرف الفريق الآخر حيال هذه الاستحقاقات ليبني على الشيء مقتضاه.
مع ذلك، ثمّة من يؤكّد من داخل البيت العوني بأن المواجهة، ان حصلت، «ستكون مبدئية وبديهية»، لكن من دون «فتح مشكل مع أحد»، حيث لا مؤشّرات توحي بضرب عون يده على الطاولة مشترطا لتمرير تعيين رئيس الاركان تعيين بديل عن جان قهوجي.