يبدو التيار الوطني الحر مصراً على التمسك بـ”تفاؤله الرئاسي”، على وقع اتساع دائرة “داعمي” ترشيح النائب العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية. فبعد حزب الله والقوات اللبنانية، يبدو زعيم المختارة النائب وليد جنبلاط يقف اليوم في معسكر داعمي عون. ذلك أنه اكد في عدد من الاطلالات الاعلامية أن لا مانع لديه من انتخاب الجنرال رئيسا، معتبرا أن هذا الخيار قد يساهم في فك ارتباط لبنان بالأزمة السورية، ما دفع الرابية إلى الاعتقاد أن هذا الموقف أعطى مزيدا من الزخم والدعم لمعركة زعيمها الرئاسية. غير أن كل هذا لا يحجب الأضواء عن أن عددا من الأفرقاء لا يزالون بين المعارضين لهذا الترشيح، أبرزهم الكتائب وتيار المستقبل المتمسك، حتى الساعة على الأقل، بمرشحه النائب سليمان فرنجية.
مصادر في تكتل التغيير والاصلاح علقت عبر الوكالة “المركزية”، على هذه الصورة الرئاسية، فأكدت “أننا لا نزال على الموقف الذي ندأب على التعبير عنه منذ عامين. ذلك أننا اتخذنا قرارا ولا نزال ملتزمين به: إما أن نستعيد حقوقنا وشراكتنا في الوطن، والوقت مناسب لذلك، وإما لا حل، وقد وصلنا إلى هذه المرحلة بعدما جربنا كل الخيارات. لذلك، نحن لا نغير موقفنا وفقا للموجة السائدة. غير أن الفرق في ما نراه اليوم يكمن في تغيير مواقف الأفرقاء الآخرين. ذلك أن هؤلاء كانوا يعتقدون أن في إمكانهم تجاوز حقوقنا، وباتوا يتلمسون العكس. بدليل أن نوعا من المسلّمة بدأت تتكون لدى معارضي وصول العماد ميشال عون إلى الرئاسة. “نقول للآخرين: اليوم أفضل من الغد، تماما كما كان الأمس أفضل من اليوم، وكلما أسرعتم في انتخاب عون، صب هذا في خدمة الوطن، كما في مصلحتكم، علما أن بعض الأفرقاء يضعفون شيئا فشيئاً”.
وعن اسباب تغير الموقف الجنبلاطي لمصلحة الجنرال بعدما كان زعيم المختارة أبرز داعمي فرنجية، أشارت الأوساط إلى أن “الواقع السياسي هو الذي تغير. ذلك أنهم كانوا يعتقدون أن القفز فوق ترشيح العماد عون (بترشيح فرنجية) سيخلصهم من هذا الترشيح. لكنهم وصلوا إلى مرحلة لم يعد معها من مخرج إلا من هذا الباب، وهو ليس اعتباطيا بل له حيثياته وموجباته. ونحن ننادي من خلاله بالشراكة وبتطبيق الميثاق والدستور”.
وفي مقابل انضمام المؤيدين الجدد، لا يزال عون يواجه معارضة شرسة لا يفوت الرئيس سعد الحريري، والنائب سامي الجميل، وكوادر الحزبين فرصة لتأكيدها. في هذا السياق، تشدد المصادر العونية على “أننا لا نطلب من الرئيس الحريري أن يقتنع بخيار العماد عون، بل نريد حلا، ونطالب بحفظ الشراكة الوطنية. اليوم بات تيار المستقبل أضعف من الأمس، والخيارات التي يتخذها قد اختبرناها طويلا. يجب عدم الهروب من المشكلة الأساسية: نريد استعادة حقوقنا”.
أما في ما يتعلق بحزب الكتائب، نحن لا نطلب موافقة النائب سامي الجميل لأن المكون الذي ينتمي إليه له رأي واضح في الملف، علما أن من الأفضل أن يكون في صفوف المؤيدين، لكنه لا يستطيع أن يقف حجر عثرة في طريق وصول العماد عون إلى بعبدا لأن تفاهم التيار والقوات يؤمن غطاء مسيحيا كبيرا. نحن لا نريد إلغاء طائفة. خلافنا مع الكتائب سياسي ولا يمس الميثاق، على عكس ما هي الحال مع الرئيس الحريري حيث يعتبر الخلاف مسا بطائفة معينة، وهذا ما لا نريده.
ولفتت إلى أن “تيار المستقبل لم يستطع أن يوصل رئيس تيار المردة، ما يعني أنه لا يستطيع تجاوزنا، تماما كما لا نستطيع تجاوزه، ما يعني أن على الجميع احترام وجودنا ودورنا وحقنا، علما أن هذا ليس منة من أحد، وقد حان الوقت ليعود إلى أصحابه”.
وفي وقت تعاني فيه الجلسات الرئاسية تعطيلا متماديا، يبدو أن هذا الداء بلغ جلسات اللجان المشتركة، على رغم مطالبة جميع لاعبي الداخل بسن قانون جديد للانتخابات. تعزو المصادر العونية أسباب هذا الواقع إلى أن “لا جدية في نقاش قانون النتخاب، حتى يقتنع الجميع بتطبيق الميثاق الذي ينص على المناصفة. نحن نفهم المناصفة بالقانون الأرثوذكسي الذي ينتج نوابا مسيحيين يمثلون المسيحيين، ونوابا مسلمين يمثلون المسلمين. ونحن نقول صراحة إن الحل ليس في اللجان المشتركة بل في مجلس الوزراء أو طاولة الحوار، علما أن العودة إلى قانون الستين (في ضوء عقم النقاشات) ستؤدي إلى ثورة سشعبية في البلاد”.