رأت مصادر فلسطينية أن المخاوف من قيام بعض المجموعات الارهابية بتنفيذ عمليات أمنية لضرب الاستقرار اللبناني الداخلي وإيقاع الفتنة مع المخيمات الفلسطينية، تزداد وتيرتها في ظلّ الاعترافات التي أدلى بها موقوفون والمعلومات التي باتت بحوزة الأجهزة الأمنية على خلفية التفجيرات الانتحارية التي وقعت في “القاع” (البقاع) في 27 حزيران الماضي، وهو الأمر الذي دفعَ مخابرات الجيش والأجهزة الأمنية الى رفْع مستوى جهوزيتها وابلاغ القوى الفلسطينية بهواجسها.
ووفق المصادر الأمنية، التي تحدثت لصحيفة “الراي” فان العين مفتوحة على 3 محاور تشكل تهديداً حقيقياً، وهي: النازحون السوريون في المناطق اللبنانية كافة ولا سيما بعدما تبيّن ان التفجيرات الانتحارية في القاع يقف وراءها سوريون، الحدود اللبنانية – السورية والمخاوف من دخول غير شرعي، والمخيمات الفلسطينية في ظلّ الهواجس من قيام بعض “الخلايا النائمة” من مجموعات او أفراد بعملٍ ما يعيد خلْط الاوراق ويُدخِل المخيمات في أتون فتنة ويجرّها الى صراعٍ بلا هدف حيث لا تريد.
وقد حملت الساعات الماضية مؤشراً الى ارتفاع وتيرة هذه الهواجس، حيث تبلّغت اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا برئاسة قائد الامن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي ابو عرب خلال اجتماع طارئ عقد في ثكنة محمد زغيب العسكرية في صيدا مع مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد الركن خضر حمود تحذيرات واضحة من مغبة اي عمل أمني يطيح بالتفاهم اللبناني – الفلسطيني على قاعدة “ممنوع العبث بأمن لبنان والمخيمات وضرورة العمل لقطع الطريق على اي محاولة لاستغلال مخيم عين الحلوة او الانطلاق منه”.وقالت مصادر فلسطينية لـ “الراي” ان الوفد الذي ضمّ قيادات أمنية وسياسية من الصف الأول ومن بينها قائد القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في لبنان اللواء منير المقدح، ونائب ممثل حركة “حماس” في لبنان احمد عبد الهادي، مسؤول العلاقات السياسية لحركة “الجهاد الاسلامي” في لبنان شكيب العينا، الناطق الرسمي باسم “عصبة الانصار الاسلامية” الشيخ ابو شريف عقل، نائب الأمين العام لحركة “انصار الله” الحاج ماهر عويد، استمعت باهتمام بالغ الى المعلومات التي أدلى بها العميد حمود ومخاوفه من قيام مجموعة بإمرة الاسلامي المتشدد عماد ياسين بعمل أمني خارج مخيّم عين الحلوة. علماً ان ياسين فلسطيني في الاصل من مخيم المية ومية، وقد وفد الى عين الحلوة للاتحاق بـ “عصبة الانصار الاسلامية” وانشقّ عنها بعد اغتيال مؤسسها الشيخ هشام شريدي، وخاض معركة ضارية في حي صفوري ضد رئيس التيار الاصلاحي في حركة “فتح” العميد محمود عبد الحميد عيسى “اللينو” حين كان قائداً لكتيبة عسكرية في “فتح”، وقد انتهت بـ “هروبه” من الحي والاقامة في حي “الطوارئ” عند الطرف الشمالي للمخيم، حيث خفّت حركته وتوارى عن الأنظار.
وأشارت المصادر الى انه رغم الارتياح للجهود الفلسطينية السياسية والأمنية المبذولة لمنْع اي فلتان أمني او اقتتال داخلي او فتنة وسرعة تدخل القوة الامنية المشتركة لتطويق ذيول اي إشكال، الا ان القوى الفلسطينية تعهدت ببذل المزيد من الجهود لتحصين الأمن في مخيم عين الحلوة والجوار والتنسيق مع الأجهزة الأمنية في كل القضايا ذات الاهتمام المشترك، فيما أبلغ حمود رسالة شديدة وواضحة وحاسمة بعدم السماح لأي شخص بالعبث بأمن “عين الحلوة” او تنفيذ أي عمل أمني خارجه وضرورة ان تتحمل جميع القوى كامل المسؤولية وصولاً الى منْع “محاولةِ الإرهابيين تحويله قنبلة موقوتة، قد تنفجر في أيّ لحظة بوجه القوى اللبنانية – الفلسطينية معاً وتحويله الى نهر بارد جديد”.
وأوضحت المصادر ان حصول أي عمل أمني انطلاقاً من عين الحلوة، يعني وضع القوى الفلسطينية امام خياريْن لا ثالث لهما وأحلاهما مُرّ، الاول الدخول في اقتتال داخلي لتصفية المجموعات المتهَمة بالعمل الارهابي وعندها ستكون فتنة كبيرة ومخاوف من تداخل الامور مع بعضها البعض ضد كل الاسلاميين، والثاني تدخل الجيش اللبناني والمخاوف من ان يتحول الى نهر بارد جديد (في إشارة الى المواجهات بين الجيش اللبناني وتنظيم “فتح الإسلام” في مخيم نهر البارد الشمالي صيف 2007) وهو ما سيرتدّ بنتائج وخيمة على أبناء المخيّم الذين سيكونون أوّلَ مَن يدفع ثمنَ ما تُبيته تلك المجموعات، من حيث مأساة التهجير مع ما يحمل ذلك من تصفية غير مباشرة لقضية اللاجئين.
في المقابل، ورغم هذه الهواجس، تؤكد القوى الفلسطينية ان الوضع الامني في المخيم ممسوك، نافية ان يكون لتنظيم “داعش” الارهابي اي موطئ قدم. وقد نفى اللواء صبحي أبو عرب لـ “الراي” كلما يشاع في بعض الوسائل عن وجود خلايا لتنظيم الدولة في المخيم، قائلاً إن “جميع القوى في عين الحلوة معنية بالأمن والاستقرار فيه”، مضيفا ان “جميع القوى الموجودة داخل المخيم تشكل قوة أمنية مشتركة لتحقق الأمان لأهلنا في المخيم، وجميعهم متفقون على أهمية المحافظة على أمنه واستقراره مهما كان الثمن، واليد التي ستحاول أن تعبث بالمخيم ستُقطع للحفاظ على أمن أهلنا وشعبنا في لبنان”، مشيرا الى أن “هناك تنسيقاً أمنياً فلسطينياً – لبنانياً، وهذا مفروض كوننا نعيش ضمن هذا البلد، ومن أجل المحافظة على الأمن في المخيم والجوار”.