كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:
مع استمرار أجواء الحذر ما بعد تفجيرات القاع، تؤكد مصادر وزارية، أنه لا يمكن الربط بين اللاجئين السوريين وموضوع الارهاب والانتحاريين، إذ تبين من التحقيقات، أنه لم تضبط من بينهم حالات ارهابية. كما تبين أن نسبة المخالفات التي يرتكبها اللاجئون لناحية الجريمة العادية موازية تماماً لنسبة الجريمة التي يرتكبها اللبنانيون، مع أن هناك فارقاً في مستوى المعيشة بين اللبنانيين والسوريين اللاجئين.
وتفيد هذه المصادر، أن في لبنان حالة معيّنة هي اللجوء السوري والضغوط المتأتية من ذلك، وأن شعباً عبء على شعب آخر. هناك حذر دائم، لكن لا يجوز رمي التهم جزافاً، إنما يفترض إبراز العوامل التي تسهل وتبدي الحرص من المخاطر، بحيث أن اطلاق التهم بالارهاب جزافاً يعني استدراج هؤلاء الى عداوة مع لبنان واللبنانيين، ما يسهل مهمة الارهابيين ويمنحهم أرضاً خصبة لزرع مخططاتهم. وبالتالي، الارهاب لا يأتي منهم، وإذا تم استفزازهم فإن ذلك يعني تسهيل مهمة الإرهابيين واجتذابهم الى ذلك. لذلك الارهاب عدو كل العالم، واستهدف قبر النبي محمد.
وتقول المصادر: “إن لبنان مع العودة الآمنة للسوريين الى بلادهم، والى مناطق آمنة ومحمية هناك. ومن تمكن من انتخاب الرئيس السوري في السفارة السورية في لبنان، يمكنه العودة الى مناطق هناك ليس فيها حرب وقتل وتدمير”.
والدولة استجابت الى موقف كل من “حزب الله” والتيار “الوطني الحر” بعدم السماح بإقامة مخيمات يتجمع بها النازحون السوريون، مع أن هناك آراء كثيرة كانت تفضل التجمع في مخيمات. قد تكون التجربة مع اللجوء الفلسطيني ذات أثر على هذا الموضوع.
وتطالب المصادر المجتمع الدولي بأن يشعر فعلاً مع اللاجئين والدول المضيفة لهم والعمل لعودتهم الى المناطق الآمنة في سوريا، وعدم الاستمرار في التذرع بأن ليس هناك من قرار في مجلس الأمن يحمي المناطق التي يعتبرها لبنان آمنة في سوريا ويمكن عودتهم اليها. وتتساءل المصادر هل التدخل الروسي في سوريا تم بقرار في مجلس الأمن؟، فمن تحدى الإرادة الدولية ودخل الى سوريا، ألا يمكن أن يقوم مجلس الأمن في المقابل، بالتنبه الى مخاطر اقتلاع شعب من أرضه، وتأثيراته على أرض غيره في تغييرات ديمغرافية؟. يجب على الدول المساعدة في تخفيف العبء عن لبنان.
وتنظر المصادر بعدم ارتياح الى موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي قال فيه إنه سيمنح الجنسية التركية للاجئين السوريين في تركيا، مع ما يحمله ذلك من بوادر يأس من إمكان التوصل الى حل سياسي للأزمة السورية قريباً. ومردّ عدم الارتياح هذا، هو التساؤل هل أن المطلوب أن تتحمل دول الجوار عبء اللاجئين؟. ان الأمر إذا كان كذلك يمثل مشكلة كبرى.
وتشير المصادر الى أن لبنان لن ينجرف الى أي تدابير أمنية مع الحكومة السورية، وكذلك مع المعارضة السورية على حد سواء، بحيث ان أي شكل من هذه الأشكال سيؤدي الى خلق مشكلات. لبنان لديه سياسة النأي بالنفس، وهو يتبعها وينفذها، لذا لن ينسق أمنياً مع أي من الجهتين تلافياً لأن يستدرجه ذلك الى الانغماس في الصراع السوري والتحول الى جزء منه وهو ما لا يريده. أي تنسيق يحتاج الى العودة عن قرار النأي بالنفس، مع الاشارة الى أن التنسيق في مجال الأمن العام يتم بصورة اعتيادية.
وتشدد المصادر على أن الجيش اللبناني والقوى الأمنية يقومون بواجباتهم في حماية اللبنانيين والاستقرار والأمن. ومنذ 5 تشرين الثاني 2015 لم يدخل أي سوري جديد الى الأراضي اللبنانية.
وتؤكد مصادر ديبلوماسية في نيويورك، أن اجتماع القمة الدولي الذي دعت إليه الولايات المتحدة والذي سينعقد في الأمم المتحدة على هامش أعمال افتتاح الجمعية العامة في أيلول المقبل، يهدف الى تشجيع الدول على استقبال اللاجئين السوريين وليس دول الجوار فقط، وهذا ينطوي على مشاركة مسؤولة لتحمّل العبء. وستحض واشنطن الدول على أن تتعهد في الاجتماع بالأرقام التي ستستضيفها. ولبنان سيشارك في الاجتماع لكنه استضاف أكثر من قدراته الاستيعابية ولا يوجد أي خطر من فرض أية شروط عليه.
لكن قرار أردوغان هو قرار وطني تركي وقرار سيادي، ولا يعني أنه يهدف الى استباق التوطين للاجئين السوريين حيث هم. ولبنان يجب أن يقارب الأمور المتصلة بهذا الموضوع بصورة شاملة وعقلانية، فهو غير موقع على اتفاقية 1951 الدولية حول اللاجئين، ودستوره يمنع التوطين، كما يمنع منح الجنسية إلا بمرسوم يوقّعه رئيس الجمهورية، وهو الآن غير موجود. تركيا موقعة على الاتفاقية وقد أغرقت أوروبا باللاجئين، ولديها مشكلة “داعش” الذي انقضّ عليها، كما لديها مشكلة الأكراد، وتريد أن تنشئ جداراً آمناً على حدودها مع سوريا، ما يعني أن لديها مقاربة مختلفة لموضوع اللاجئين السوريين لا تنسحب على أية دولة مضيفة لهم.