IMLebanon

“انقلاب ناعم” على الطائف!

hezbollah

فيما أجمع لبنان الرسمي والسياسي على إدانة العملية الارهابية لـ “داعش” في نيس في مقابل مواقف لـ “تيار المستقبل” بقيادة الرئيس سعد الحريري كانت أوّل مَن “بارك” للرئيس رجب طيب أردوغان والشعب التركي “على انتصار المسار الديموقراطي على الحركة الانقلابية العسكرية”، فإن أوساطاً سياسية في بيروت لم تتأخّر في “إسقاط” هذين الحدَثين على الواقع اللبناني عبر صحيفة “الراي” الكويتية انطلاقاً من نقطتين:

الاولى ان لبنان استعاد بقوة في الفترة الاخيرة هاجس الهجمات الإرهابية وتحديداً منذ التفجيرات الانتحارية في بلدة القاع البقاعية (قبل 20 يوماً) وسط ارتفاع وتيرة المخاوف من مخططات خطيرة قد تنطلق من أحد المخيمات الفلسطينية (عين الحلوة – صيدا).

اما الثانية، فسياسية وترتكز على المأزق السياسي الذي تعيشه البلاد في ظل الفراغ المتمادي في رئاسة الجمهورية والذي يتشابك في جوانبه الأساسية مع الاشتباك في المنطقة ولا سيما بين السعودية وايران، كما يخفي داخلياً في طياته محاولة لـ “انقلاب ناعم” من “حزب الله” وحلفائه على اتفاق الطائف لمصلحة إما “أعراف” جديدة في الحكم تفرّغ الطائف من مضمونه – وهو ما تعنيه بالنسبة الى خصوم الحزب “السلّة المتكاملة” للحلّ التي يدعو اليها رئيس البرلمان نبيه بري – وإما أخْذ البلاد الى “الفراغ القاتل” المحكوم بموعد الانتخابات النيابية المقبلة في مايو 2017 وما يعنيه ذلك من خطر الانزلاق نحو مؤتمر تأسيسي ينسف النظام الحالي برمّته.

وبدا ان الانشغال بالأحداث المفصليّة خارجياً، شكّل فسحةً للقوى السياسية لـ “التقاط أنفاسها” قبل انطلاق أسبوعٍ سيشهد جلستين لمجلس الوزراء، واحدة مخصصة لاستكمال مناقشة الوضع المالي والثانية عادية لبحث بنود عدة بينها ملفات خلافية أرجئت من الجلسة السابقة، وسط خشية دوائر سياسية من ارتفاع وتيرة التباين حيال الملفات ما يستدعي “ترحيلها” تفادياً لتفجير الحكومة التي تبقى آخر المؤسسات العاملة ولو بالحدّ الأدنى الذي يحول دون إعلان لبنان “دولة فاشلة”.

وفي هذا السياق برز موقفان لتيار “المستقبل” من محاولة الانقلاب في تركيا، الأول للرئيس الحريري الذي سارع الى إطلاق سلسلة تغريدات “تويتر” شدّد فيها على أن “سلامة تركيا وحماية المكتسبات التي تحققت لشعبها، هي ضمانة لكل شعوب المنطقة والعالم الاسلامي خصوصاً”، معربا عن “التضامن مع الشعب التركي والسرور بعودة الأمور الى طبيعتها، ونجاح الرئيس اردوغان في قيادة تركيا الى شاطئ الأمان”.

والثاني لرئيس كتلة “المستقبل” النيابية فؤاد السنيورة الذي هنّأ اردوغان والشعب التركي بفشل محاولة الانقلاب. وقال ان “مشاهد تصدي المواطنين للدبابات في شوارع اسطنبول لهو اكبر دليل على تمسك الشعب التركي بدولته ونظامه الديموقراطي، الذي يحمي الاعتدال والوسطية”، مضيفاً ان “فشل هذه المحاولة الآثمة للانقلاب، ستزيد الشعب التركي والمسؤولين عنه تمسكا بالنظام الديموقراطي وتعزيزا لقيمه والمبادئ التي يرتكز اليها”.

اما في ما خصّ “مذبحة نيس”، فكان بارزاً ما كتبه رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط اذ اعلن: “لن أغوص في التفسيرات كي أفهم مغزى المجزرة في نيس. فحتى الادانات التقليدية لم تعد تفيد بشيء. كل مرة نعيش مأساة رعب جديدة في دورة من العنف لا يمكن تخيّله. غير أنني أعرف شيئاً واحداً، وهو أن الشرّ متأصل في الطبيعة البشرية منذ قابيل وهابيل. وأعرف أيضاً أن كل الأديان، تقريباً، تحمل في طياتها بذوراً من العنف. وأعرف أيضاً أن كل المجتمعات مريضة أو قابلة للمرض”. وأضاف: “الألمان والنازية، الغربيون والاستعمار من بين آخرين. الأميركيون وثقافة العنف والعنصرية. لكن وبالعودة إلى نيس، فإذا استمرت هذه الدورة العنفية في فرنسا وأوروبا، فهي تهدّد بتقويض أسس الجمهورية العلمانية وتهدّد بخلق موجة تطرّف يمينية، فاشية، كارهة للأجانب في فرنسا وأوروبا، وبإيقاظ جميع شياطين القومية والانتماء الديني، وتهدّد بإيجاد تبرير لحملات صليبية وما قد يترتّب عليها من موجات عنف غير متوقع”.