أشارت “المركزية” الى ان اجواء جلسة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت مع بطاركة الشرق وممثليهم قبيل انتهاء زيارته لبيروت الاسبوع الماضي لم تكن “سمنا على عسل”، فقادة الطوائف المسيحية لم يتوانوا عن تسمية الاشياء بأسمائها وتحميل دول الغرب مسؤولية ما آلت اليه اوضاع المسيحيين في الشرق الاوسط عموما ولبنان ودول الجوار خصوصا، حتى ان بعضهم “بقّ البحصة” معتبرا، كما تكشف مصادر اطلعت على تفاصيل ما دار في لقاء المصارحة لـ”المركزية”، ان كل ما تعرض ويتعرض له المسيحيون في المنطقة منذ عام 1943 مع خروج فرنسا منها، وما اعقب ذلك من قيام دولة اسرائيل بعد نكبة فلسطين وتهجير اهلها والمسيحيين منهم بأعداد كبيرة ناهزت النصف مليون في اتجاه لبنان وما زالوا فيه حتى اليوم، مرتبط مباشرة بقلة اهتمام الغرب بمسيحيي المنطقة وتغليب مصالحهم الخاصة على مصلحة المسيحيين واستمرار وجودهم في هذه البقعة من العالم، حيث يشكلون حاجة ماسة لسائر المكونات لجهة منع اندلاع الصراعات المذهبية.
وتوضح المصادر ان البطاركة وفي معرض شرحهم لوجهة النظر هذه، اشاروا الى ان بعض دول الغرب كان الداعم الاساس لانظمة ديكتاتورية ضيّقت الخناق على المسيحيين كما حصل في العراق، ثم أسهمت عمليا في اطاحة بعضها الاخرعلى غرار ما جرى مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين حيث نتج عن هذه الخطوة تهجير نحو مليون ونصف مليون مسيحي ولم يبق حتى اليوم سوى 320 الفاً لا قدرة لهم على المغادرة، ينتظرون الظرف المناسب للحاق بركب من سبقهم في اتجاه الخارج. واكدوا ان مسيحيي سوريا باتوا في معظمهم موزعين على دول العالم والخشية تتنامى من ان تلفح رياح التهجير المسيحيين في لبنان اذا لم تتخذ اجراءات عملية تضع حدا للنزف المسيحي المستمر، خصوصا ان دول الغرب وعوض الاقدام على ما يمكن ان يثبّت هؤلاء في ارضهم تفتح ابوابها للهجرة، متجاهلة مدى تأثيرها على تفريغ الشرق الاوسط من ابرز مكوناته.
اما الملف الرئاسي وبعدما رمى ايرولت كرته في ملعب اللبنانيين، داعيا اياهم الى الاتفاق في ما بينهم على ان يحظوا بالدعم والمساعدة من فرنسا لتأمين الغطاء الخارجي للاتفاق، فكان كلام للبطاركة، اكد ان “الاتفاق لو كان ممكناً لكنا انتخبنا رئيساً منذ زمن ولم ننتظر الفرج من الخارج”، فالجميع في لبنان وخارجه باتوا على قناعة ان ما يعوق انتخاب رئيس هو الخلاف السعودي- الايراني المنعكس كباشا سنياً- شيعيا في الداخل يدفع المسيحيون ثمنه رئاسياً، ويترجم مباشرة بتعطيل النصاب الدستوري لجلسات الرئاسة، وكل اعتقاد خلاف ذلك مجرد تكهنات. اما دور دول الغرب في مجال مساعدة اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا على انجاز الاستحقاق فأساسي واكثر، ذلك انها بمجرد ممارسة بعض الضغط على ايران التي توعز لحلفائها في لبنان بتعطيل النصاب، يمكن ان تفرج عن الرئاسة، علما ان لدى هذه الدول المقدرة على ذلك من خلال اوراقها السياسية والاقتصادية التي تفعل فعلها حكما اذا ما وُجدت الارادة بذلك، لكن المشكلة ان هذه الدول ترجح كفة مصالحها على اي اعتبار للوجود المسيحي في لبنان الذي يدعّمه انتخاب رئيس جمهورية يدير البلاد في ظروف تكاد تكون الاصعب تاريخيا في ظل مخاطر الارهاب المحدقة به ووجود اكثر من مليوني نازح على اراضيه.
وانتهى اللقاء بحسب المصادر الى تحميل البطاركة وزير خارجية فرنسا رسالة بوجوب ان يعي الغرب وقادته مدى اهمية الدور الممكن ان يضطلعوا به لحمل ايران على التخلي عن ورقة لبنان الرئاسية، عوض تحميل مسيحييه وزر الكباش الاقليمي.