كشفت المذيعة التركية هند فيرات في قناة “سي إن إن ترك” تفاصيل المكالمة التي أجرها مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بعد نجاحها في إقناعه بإجراء مكالمة عن طريق “فيس تايم”.
وفي لقاء مع جريدة “بيلد” الألمانية تحدثت فيرات عن رأيها بخصوص محاولة الانقلاب الفاشلة، مشيرة إلى أن الهاتف الذي أجرت به الاتصال مع أردوغان هو هاتفها الشخصي.
وتشير فيرات إلى أن يوم الجمعة الماضي الذي حدث فيه الانقلاب كان عاديا، حيث أنها بعد أنهت مناوبتها كانت عائد إلى منزلها، ليرن هاتفها بعد ذلك ويخبرها: “هند، هناك أمر غريب يحدث، غريب جداً.. الجيش ينزل إلى الشارع”، تبع ذلك اتصال من مدير تحرير غرفة الأخبار في أنقرة مؤكدا على نفس المعلومات.
قامت بعد ذلك بالاتصال مع المدير العام وجرى نفس الحوار، ثم تحدث معها مصدر إخباري آخر قائلاً: “هند، الجنود أوقفوا 15 شرطياً في إسطنبول وجمعوا أسلحتهم، لذا اذهبي لغرفة الأخبار، الليلة غريبة”.
وأشارت إلى أنها أرسلت عبر برنامج “واتساب” لطاقم غرفة الأخبار في أنقرة تبلغهم بضرورة الذهاب للمكتب فوراً، قبل أن تترك ابنتها لدى والدتها، وتتواصل مع المصادر الإخبارية وهي في طريقها.
كواليس المقابلة
توضح فيرات كواليس ما قبل مكالمة أردوغان، وتؤكد أن أن العديد من السياسيين لم يعلموا بالأمر حينها، لكن مصادر أمنية أخبرتها بأمور عدة.
وتبين أنها عندما دخلت غرفة الأخبار كانت مشاهد الجيش على جسر البوسفور ظاهرة على الشاشة، لتجلس أمام الكاميرا وتبدأ الحديث عن أنقرة.
وتشير إلى أن غرفة الأخبار قريبة جدا من المجمع الرئاسي في أنقرة، وهو الأمر الي جعلهم يشعرون بالذعر كلما ألقت الطائرات بقنابلها، لافتة إلى أنها كانت قلقة جداً، وأنها كانت تتصل خلال الاستراحة مع مصادر إخبارية، بينهم مسؤولون رئاسيون.
أما الرئيس التركي، فتروي الإعلامية أنه كان في تلك اللحظة في مرمريس، وتحدثت إلى اثنين من مساعديه التنفيذيين، فقال أحدهم وهو حسان دوغان إن “الرئيس سيدلي ببيان للصحافة”، لتنقله كخبرٍ عاجل.
لكن بعد مضي ساعة من الاتصال لم يتم نشر أي بيان، مؤكدة أنهم لم يكونوا يعلمون بأن مروحيتين أطلقتا النار على الفندق الذي كان يقيم فيه الرئيس.
بعد ذلك عادت فيرات واتصلت بدوغان مرة أخرى، و قالت له إن “هناك الكثير من الأقاويل عن أن الرئيس لم يدلِ ببيان” واستفسرت عن حالهم إن كانوا بخير، فأجابها بأنهم قد أدلوا ببيان عبر تطبيق بيرسكوب، لترد عليه بأنه “ما من أحد على علم به، فلتدلوا ببيان آخر لسي إن إن ترك”.
وتشير فيرات إلى أنه وقت إجراء المكالمة مع دوغان كان الرئيس التركي قد ترك الفندق الذي كان يقيم فيه بمرمريس، وعليه فلم يكن متوفر أي كاميرات أو معدات بث، لتعرض عليهم إجراء حوار عبر الهاتف.
دوغان بدوره سأل الرئيس أردوغان ثم عاد ليستفسر منها إن كان لديها برنامج سكايب أم لا، فقالت له “دعنا نجريه عبر برنامج فيس تايم”، ليتصلوا بها حالا عبره فشاهدت الرئيس على الشاشة، وصاحت بالمحررين من الأستديو حيث تجلس تخبرهم بأن الرئيس على الهاتف وعليهم الإسراع.
وتوضح هند أنها كانت منفعلة وقلقة على الوضع في بلادها، وكانت يداها ترتجفان، وقد قامت بإطفاء المايكروفون الخاص بها لجعل صوت الرئيس التركي مسموعا وبدأ اللقاء.
تفاصيل اللقاء
وبشأن إذا ما كان الاتصال عبر “فيس تايم” الأهم في ذلك الوقت، قالت فيرات “نعم، بالتأكيد كانت اللحظة الأكثر أهمية. إضافة إلى لذلك، إلى تلك اللحظة لم يكن أحدٌ قد شاهد الرئيس وكان هناك مزاعم أيضا حول حياته وموته”.
وتابعت: “الناس شاهدوا وسمعوا أردوغان من الهاتف. نداؤه إلى إنقاذ وتثبيت الديمقراطية غيّر الصورة بأكملها. نعم كانت نقطة التحول”.
وسألت الصحيفة الألمانية فيرات عن الاتصالين الذي جاءاها خلال المكالمة وعن مدى تأثيرهم على تاريخها المهني تقول: “نعم يحصل معي أمور غريبة، تخيل كنت على الهاتف مع أهم شخصية في ذلك المساء فيما كان الجيش يحاول تنفيذ انقلاب، وبدأ هاتفي بالرنين”.
وتوضح: “الاتصال الأول، كان خبرا عاجلا أيضا، فقد هجم الانقلابيون على جهاز المخابرات الوطني في وقت سابق، فاتصلت مع متحدث باسم الجهاز، نوح يلماز، وفي تلك اللحظة عاود الاتصال بي، لكن التوقيت كان خاطئاً!”
وتشير إلى أن الاتصال الثاني كان من أحد صديقاتها وتدعى، تونا، وتبين أنها “لم تكن تشاهد التلفاز في تلك اللحظة بسبب عطل فني في منزلها، وكانت تتصل لتسألني إن كنت بخير أم لا”.
وبشأن ردة فعلها على تونا، تقول فيرات: “لاحقاً اتصلت بتونا وأخبرتها أنه (أصبحت مشهورة جداً من الآن وصاعداً)، وعلمت أيضاً أن بعض أصدقائي فكروا في الاتصال بي في تلك اللحظة لكي يظهروا أسماءهم على تلك الشاشة!”.
بعد اللقاء
بعد أن حمي الوطيس، وباتت الطيارت تحلق على مستوى منخفض وقريب منهم وكانوا ينزلون للملاجئ كانت تتساءل “يا إلهي، هل يحدث هذا بالفعل؟”.
وبعد أن كان الوضع مهزوزا بشكل كبير أبلغت مراسلي القناة بضرورة العودة لمنازلهم على شكل مجموعات وكذلك فعلت هي، لافتة إلى أنه بقي مدير التحرير ومحرر وموظفان من القسم الفني في الملجأ.
وحول تعليقها إذا ما كانت خائفة من عقاب الانقلابيين بعد الحديث عن اقتحام القناة، قالت إنهم كانوا خائفين بالفعل من الطائرات الحربية، ولم تدر أنهم يخططون للمجيء لمكتب أنقرة.
وأكدت أنها أدت عملها وستفعل ذلك مجددا إن حدث ذلك اليوم أيضا. وأنها تريد أن تترك لطفلتها وطنا بديمقراطية قوية، مشيرة إلى أن الديمقراطية والحرية، ضروريات كالماء والهواء.