شدد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة على أنه سيتأكد من التزام البنوك المحلية بقانون “مكافحة تمويل حزب الله”، الذي يستهدف المصادر المالية للحزب وذلك بعد أسابيع من هجوم بقنبلة استهدف مصرف لبنان والمهجر بعد أن شرع في إغلاق حسابات مرتبطة بالحزب.
سلامة، وفي تصريح، قال: “يجب تفعيل القانون الأميركي من أجل إبقاء البنوك اللبنانية في إطار النظام المالي العالمي وتحقيق الاستقرار للاقتصاد المثقل بالديون في الوقت الذي يتضرر فيه النمو وقطاع السياحة من الحرب الدائرة في سوريا”.
وأضاف “بالطبع هذا اقانون خلق الكثير من التوتر في البلاد، والتوتر ليس جيدا للبنان لكننا بشكل عام احتفظنا بأهدافنا”.
والقانون الذي سن في كانون الأول الماضي ينذر بحجب أي مصرف يتعامل مع حزب الله من السوق الأميركية إذ تصنف الولايات المتحدة الحزب كمنظمة إرهابية، وقد أدى ذلك الى خلاف بين المصرف المركزي وحزب الله الذي يرى أنه انتهاك للسيادة.
وأكد سلامة ووزارة الخزانة الأميركية مرارا على أن قانون مكافحة تمويل حزب الله لم يوضع للإضرار باقتصاد لبنان أو لمنع اللبنانيين من الطائفة الشيعية من حق استخدام الخدمات المصرفية.
ولم يكشف سلامة عن عدد الحسابات المصرفية التي أغلقت حتى الآن أو عدد من يخضعون للتحقيقات، وقال: “هذه العملية تحظى باحترام المصارف وهناك لجنة للتحقيقات الخاصة تنظر في كل طلب لإغلاق حسابات يصفونها بأنها تخالف القانون.”
ومع وصول الدين الحكومي إلى 136.7% من الناتج المحلي الإجمالي في 2015، محتلا المرتبة الثالثة عالميا بين البلدان الحاصلة على تصنيف وكالة فيتش، فإن الثقة في مصرف لبنان المركزي ذات أهمية كبيرة إذ ينظر إليه على أنه من المؤسسات القليلة الفاعلة في البلاد.
ويشدد سلامة على أنّ “القطاع المصرفي في لبنان هو حجر الزاوية للاستقرار في البلاد… لبنان يجري تمويله من خلال القطاع المصرفي فقط.”
وتتعرض المرونة الاقتصادية التقليدية للبنان إلى ضغط متزايد جراء عدم الاستقرار في المنطقة وعبء اللاجئين الضخم، ويتوقع سلامة أن يدور النمو بين 1.5% و2% في 2016 بما يتماشى مع توقعات البنك الدولي لنمو نسبته 1.8% لكن بما يقل كثيرا عن معدلات النمو التي جرى تسجيلها في السنوات السابقة لعام 2011 والتي دارت بين 8% و 9%.
ويحد الشلل السياسي الذي أبقى منصب رئيس البلاد شاغرا لأكثر من عامين من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ويشكل إختبارا للثقة في البلاد.
وانخفضت الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تعد موردا هاما للعملة الصعبة إلى نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2015 مقارنة مع 12.5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2009 بحسب بيانات مصرف لبنان المركزي والبنك الدولي.
وبشأن موضوع النازحين السوريين قال سلامة: “وجود النازحين خلق تكلفة على لبنان تنعكس في الاقتصاد كما خلق استثمارا واستهلاكا أقل لأن الكثير من مواطني الخليج لم يعودوا يأتون للتسوق في بيروت أو لشراء عقارات في لبنان بسبب الحرب الدائرة في سوريا”.
وخفضت فيتش تصنيف لبنان الائتماني إلى B- من B الأسبوع الماضي مستندة إلى المخاطر السياسية والأثر الكبير للحرب الدائرة في سوريا على الجانبين السياسي والاقتصادي في لبنان، وكانت آخر مرة يحصل فيها لبنان على تصنيف B- عام 2006 إبان الصراع بين إسرائيل وحزب الله.
وأدى التأزم السياسي الذي تسبب في خلو منصب الرئيس أيضا إلى تعطل قوانين تسمح بالتنقيب عن النفط والغاز، وهو نشاط يجلب إيرادات تساعد في تقليص عجز الموازنة، أو الشراكات بين القطاعين العام والخاص والتي تهدف إلى إنعاش الخدمات العامة.
ويرى سلامة أنّ “لبنان بحاجة لتنظيم تحركاته بشأن الإصلاحات… الوقت الذي نهدره مكلف”، ويشدد حاكم مصرف لبنان على أنّ البنك المركزي سيظل يحقق الاستقرار للاقتصاد حتى تصبح الحكومة أكثر فاعلية وتقر الموازنة وتعالج العجز الهيكلي “مهما طال الزمن”.
وأضاف “السيناريو الآخر ليس جيدا للبنان ومكلف أكثر من التكلفة التي نتحملها كمصرف مركزي للحفاظ على ثقة الأسواق… الثقة في البنك المركزي ما زالت مرتفعة وأنها تؤكد أن لبنان بإمكانه الاستمرار في تمويل نفسه”.
وقال سلامة “يمكنك أن تستشف ذلك من الاستقرار الذي نشهده في مستويات الفائدة التي يتم فرضها على الديون اللبنانية والتي تقل كثيرا عن نسب الفائدة المقابلة في دول أخرى بالعالم تحظى بالتصنيف ذاته.أعتقد أن هذه الثقة مصونة. لم نر ضغوطا لتغيير الليرة اللبنانية بعملات أجنبية. نتوقع هذا العام نموا في الإيداعات المصرفية بنحو 5%”.
وأضاف “بالطبع كنا سنصبح أسعد لو لم تكن هناك… هذه القوانين التي تخلق توترا في سوقنا”.
وتولّى سلامة منصبه عام 1993 بما يضعه حاليا في الترتيب الثاني بين محافظي البنوك المركزية في العالم من حيث مدة شغله للمنصب بعد محافظ بنك أوزبكستان المركزي.