كتبت ملاك عقيل في صحيفة “السفير”:
على هامش انتخابات «التيار الوطني الحر» الداخلية، يتلهى العونيون بقصصهم ومشاكلهم التي تبدأ من المتن وكسروان ولا تنتهي في بعلبك – الهرمل.
مؤخراً، انشغل العونيون بفكّ أحجية ترشّح الوزير الياس بوصعب إلى الانتخابات التمهيدية داخل «التيار». ففي التعميم الصادر عن القيادة الحزبية تغطية كافية له كي يطلّ على حلبة استطلاعات الرأي فقط لا أن ينافس المرشحين العونيين في المتن على أصوات القاعدة والهيئات المحلية.
الاجتهادات داخل المكتب السياسي في «التيار» أفضت إلى القول إن بوصعب يمثّل «التيار» من خلال موقعه الوزاري منذ نحو سنتين ونصف سنة، فهل يمكن حرمانه من حق الترشّح لأنه يحمل البطاقة الحزبية منذ عام فقط (الشروط الحزبية تفرض الانتساب الى التيار منذ أكثر من سنتين)؟
تدريجياً، تقبّل بوصعب الفكرة ووافق على الترشّح، خصوصاً أن ثمّة من عايره بأن إعفاءه من الترشيح غلّف بتعميم حزبي وقّعه صديقه رئيس «التيار» جبران باسيل.
مقارنة بمرشحي المتن الآخرين، يبدو بوصعب «عاطلاً من العمل» إلى حد بعيد. لا حملة انتخابية ولا من يحزنون ولا استجداء لأصوات. يركّز كامل اهتمامه على ملفات وزارة التربية وتواصله الدائم والثابت مع القواعد الناخبة وجمهور «التيار»، وبالوتيرة المعتادة مذ كان رئيساً لبلدية ضهور الشوير.
يبدو «معاليه» زاهداً في الاصوات ولا عقد نفسية لديه في الرقم المتواضع الذي قد يسجّله بين محازبي «التيار» مقارنة بمرشحين آخرين.
يتلقى اتصالات من المنسّقين للاجتماع به، لكنه يؤثر على ما يبدو الاستغناء عن كل ما يدخل في إطار الشحن الانتخابي. لذلك هو يستعد للالتقاء مع القواعد الناخبة في المتن وممثلي الهيئات خلال أيام ليقول لهم الآتي، وفق تأكيداته: «نحن فريق واحد ولا يجدر بالمنافسة أن تتخطى حدودها. صوّتوا لكل من ترونه مناسبا ويستأهل صوتكم، ولا يجدر بأحد أن يطلب منكم ان تصوّتوا لفلان وتشيطنوا فلاناً..». وبقراره عدم النزول الى حلبة الملاكمة المتنية، يبدو بوصعب مرتاحاً لإنجازاته و «صيانتها» الدائمة.
وبين «عجيبة» عدم وقوف أي مرشح بوجه جبران باسيل في البترون وانتقال «سحر» الاتفاق العوني القواتي إلى بشري باختفاء أي أثر للمرشحين العونيين، وقبول ترشيح مستشار الوزير جبران باسيل للشؤون الكندية اسعد درغام والمقرّب أيضا من القيادي بيار رفول الى الانتخابات في عكار على الرغم من عدم استيفائه للشروط الحزبية التي وعد بتأمينها بعد حصول الانتخابات.
وبين التساؤلات الجديّة حول احتمال ان تكون الاجراءات العقابية الاخيرة بحق زياد عبس وجورج تشاجيان هي الناخب الاول في صناديق الاقتراع، وغرق كسروان في «شبر ماء» الانتخابات فيما الفائز «الاوحد»، من خارج النسيج الحزبي، معروف، تتجّه الأنظار الى بعلبك – الهرمل.
فمن ضمن الرسائل المتعدّدة للقيادة الحزبية عبر انتخابات «التيار» الداخلية رسالة مفادها ان البرتقاليين في كل مكان، حتى في البقعة التي يكون لـ «حزب الله» الكلمة الاساسية فيها.
في الانتخابات النيابية الماضية عام 2009 ترشّح ثمانية عونيين الى المقعد الماروني في بعلبك – الهرمل. وصل بالنهاية اسمان الى الضاحية نادر سكر واميل رحمة، فاختار «حزب الله» الأخير ونصّبه النائب صاحب الـ109 آلاف صوت، بدفع من النائب سليمان فرنجية وموافقة ميشال عون. يومها لو كان القرار عائدا لـ «الجنرال» لما كان اختار رحمة بوجود أسماء عونية تريحه. لا شيء يدفع اليوم للقول إن قواعد اللعبة قد تغيّرت، خصوصاً مع بقاء قانون الستين ساري المفعول. «حزب الله» سيكون على الأرجح الآمر الناهي على أرضه.
من داخل «التيار»، يترشّح عن المقعد الماروني الذي يشغله رحمة كل من خليل شمعون وفادي غانم وجورج الحاج موسى، وعن المقعد الكاثوليكي الذي يشغله مروان فارس ترشّح ميشال ضاهر والياس نصرالله. النتائج النهائية ستظهر الاكثر حضورا بينهم. لكن حين تفتح صناديق النيابة سيتغيّر كل الموضوع.
هل سيساوم عون مجدداً على مقعد يعتبره من «الحقوق» الواجب استردادها فوراً؟ إلى أين يمكن أن تقود العلاقة المتردّية بين عون وفرنجية في رسم مصير التحالفات المقبلة ومقعد بعلبك الهرمل الماروني من ضمنها؟ هل سينافس القواتيون، قبل «حزب الله»، عون على أحد المقعدين؟ واستطرادا هل يريد ميشال عون أن يقول إن لا مناطق انتخابية عاصية عليه والحسم هذه المرة، أكان المرشّح حزبياً أو غير حزبي، سيكون من الرابية وليس من الضاحية؟