كتبت ملاك عقيل في صحيفة “السفير”:
أعطى رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل فترة سماح مدّتها القصوى نحو ثمانية أعوام قبل أن يدخل البرتقاليون “في استقرار تنظيمي داخلي طبيعي”، كما قال. خلال هذه الفترة بشّر باسيل بإمكان السماع باستقالات وإقالات وطرد وتعليق عضوية… قبل الوصول الى الاستقرار الحزبي المنشود.
تحدّث عن فترة سنتين (مرّ العام الاول منها بعد تثبيت الهيكلية التنظيمية وتعيينه بالتزكية رئيسا للحزب) ستكون “صعبة جدا”. لم يُعرف بعد إذا كان يقصد بأن إحدى “ظواهر” هذه الصعوبات رؤية المجموعة المعارضة داخل “التيار” تُشيطن أحد أهمّ رموز النضال العوني في فترة “الوصاية السورية” النائب حكمت ديب “الذي لم نعد نعرفه”!
منذ العام 2006، شعر البعض بأن ديب يتصرّف على أساس أن التركيبة الهشّة داخل “التيار” تسمح بهوامش تدفع النواب، وهو واحد منهم، الى تكريس بقائه في دائرة النواب المحظوظين بـ “نعمة” رضى الرابية عليهم.
لكن أداء ديب على مستوى القواعد والخدمات والاحتكاك بالأرض لم يكن كافيا. أنقذ التمديد لمجلس النواب عام 2013 ديب عمليا من احتمال “تطييره” بعدما طلب العماد ميشال عون من تريسي شمعون نقل ترشيحها من المتن الى بعبدا، في ضوء مآخذ حزبية عليه وانتقادات صريحة من الرابية.
عندما بدأت حركة التململ والاعتراض تكبر داخل “البيت البرتقالي”، اختار ديب “علنا.. علنا”، كما يقول المعارضون، التحريض على “رفاقه”.
قبل ذلك، اختار “علنا علنا” ايضا دعم جبران باسيل لرئاسة التيار بوجه زميله نائب بعبدا الان عون، وفق تأكيداتهم. لا ينسى العونيون قبل يومين من إعلان الأخير انسحابه من السباق الانتخابي صعود ديب الى المنبر قبل انتهاء حفل نقابات المهن الحرة في الحبتور ليطلق خطابا شاعريا يزكّي فيه خيار “القيادة الحكيمة” لباسيل على رأس “التيار”. فَهِم العونيون الرسالة جيدا: معركة النضال عام 2002 لإيصال ديب الى النيابة، تحوّلت مع الوقت الى “معركة نضالية” خاضها الأخير للبقاء في دائرة “الأمان النيابي”.
وقد أثارت أمس رسالة نشرها الناشط فادي طه من بلدة الحدت على صفحته على “فايسبوك”، وهو عسكري سابق في الجيش وخدم في “الأنصار” وتعرّض للاعتقال ثماني مرات، ضجّة داخلية حيث توجّه من خلالها الى “صديقي حكمت ديب الذي لم أعد أعرفه”.
طه، الذي ذكّر ديب بمرحلة النضال السابقة وبشكر الأخير له لأنه لم يبح باسمه في التحقيقات بعد سجنه إثر استشهاد النقيب عماد عبود، عاب على ديب “غشّ الناس” و “التعسّف والاستشراس بالهجوم على رفاق لك لأنهم يدافعون عن الحرية”.
لكن لهذه الرواية والوقائع رواية أخرى مضادة تماما. يستغرب ديب أن الحرب دائرة في سوريا وتركيا تشهد الانقلاب الكبير “وثمّة من يفبرك أخبارا وشائعات ظالمة بحقي”. يؤكّد لـ “السفير” “أنه لم يهجم في الإعلام على أحد، ولم أقلّل من شأن نضالات أي من رفاقي”.
يوضح قائلا “تحدثت الى إحدى الصحف وقلت ان “التيار” مستهدف لكني لم أقصد إطلاقا المعارضين. كما أجريت مقابلة تلفزيونية قلت فيها “ان نضال زياد عبس على رأسي، ولكن الأحزاب تفرض معايير الالتزام والانضباط وهي تُبنى وتستمر على هذا الأساس”.
يعترف بأنه وقف الى جانب باسيل في انتخابات “التيار” “لكني لم أهاجمهم أبدا. واتحدّى أي أحد أن يبرز أي دليل يظهر وقوفي بوجه من يتهمونني اليوم بالانقلاب ضدهم”.
نسأل ديب عن رأيه بقرار إحالة نعيم عون وزياد عبس وانطوان نصرالله الى المجلس التحكيمي فيردّ “منذ اللحظة الاولى قلت أنا ضد الفصل من التيار”.