Site icon IMLebanon

لبنان “يدفن رأسه بالرمل” في ملاقاة تَعاظُم القلق الدولي

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

تستكين الحركة الرسمية والسياسية في لبنان وسط إجازة تمتدّ الى مطلع اب المقبل بعدما غادر رئيس مجلس النواب نبيه بري في إجازة إلى أوروبا، كما يغادر رئيس الحكومة الاحد الى موريتانيا للمشاركة في أعمال القمة العربية.

وفي غضون ذلك لا يبقى في صورة المشهد الداخلي الا المراوحة والجمود والتلهي بعناوين الملفات الاجتماعية والإنمائية والاقتصادية الآخذة في التأزم على كل المستويات، بما يرفع وتيرة المخاوف من الانهيارات الاجتماعية والاقتصادية التي تتربص بلبنان جراء تمادي الأزمة السياسية والدستورية فيه منذ أكثر من عامين وثلاثة أشهر.

وقد بدا لافتاً في هذا السياق صدور بيان رئاسي عن مجلس الأمن الدولي بإجماع أعضائه مساء اول من امس تضمّن مواقف مسهبة وتفصيلية من واقع الفراغ الرئاسي والمؤسساتي في لبنان، ووجّه من خلالها رسالة حازمة الى الزعماء السياسيين اللبنانيين لدفعهم الى تسوية تنهي هذه الازمة.

وقالت امس مصادر وزارية لبنانية لـ “الراي” ان المسؤولين المعنيين ولا سيما رئيس الحكومة كانوا في أجواء الإعداد لبيان رئاسي يصدر عن مجلس الأمن بعدما قدّمت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ تقريراً شاملاً عن الوضع في لبنان الى المجلس قبل أسبوعين.

ولكن البارز في البيان انه تَوجّه بنبرة القلق المتصاعد من التحديات الاستثنائية التي يواجهها لبنان جراء أزمته السياسية والمؤسساتية كما نتيجة تهديد الإرهاب وتَمدُّد الأزمات الإقليمية إلى داخل أراضيه، وحمّل الزعماء السياسيين مسؤولية التوصل بسرعة الى تسوية سياسية تضع البلاد على سكة عودة الالتزامات الدستورية، كما أنه لم يغفل مسؤولية المجتمع الدولي في التحرّك نحو اللاعبين الاقليميين المؤثّرين في الأزمة اللبنانية.

وأشارت المصادر الوزارية الى ان هذا البيان، وإن لم يتضمن مواقف مفاجئة باعتباره امتداداً لخطابٍ أممي محدّث حول الوضع اللبناني، فإن أهميته تتمثّل في اختراق لحظة الانتظار الطويل الذي يعيش لبنان في حصاره، كما ان دلالاته تأخذ أهمية أكبر لأن البيان سيتلى اليوم في جلسةٍ رسميةٍ لمجلس الامن الدولي.

واذ لاحظت المصادر ان البيان الأممي يمحض الحكومة اللبنانية والجيش والأجهزة الامنية ثقة ودعماً واسعيْن، فإنها اعتبرت ان ذلك يؤشّر الى حرص تَصاعُدي لدى مجلس الأمن على الحفاظ على الاستقرار في لبنان ومنْع مزيدٍ من التداعيات الخطرة للأزمة السورية عليه في مرحلة البحث عن الحلول للأزمة الدستورية، كما في مرحلة التكيّف الصعب مع أزمة اللاجئين السوريين التي حرص بيان المجلس على التنويه بان لبنان يعدّ البلد الأكثر تحملاً لاعبائها في العالم.

على ان المصادر الوزارية نفسها أبدت أجواء متشائمة حيال آفاق التحركات الداخلية للخروج من الأزمة، اذ رسمت علامات قلق حول تَصاعُد التجاذبات السياسية على مختلف المستويات بما يحول دون توقّعات متفائلة قد تحملها جولة الحوار الداخلي التي ستجري في الثاني والثالث والرابع من اغسطس المقبل.

وقالت المصادر لـ “الراي” ان هذه الجولة ستأتي وسط أزمة لم تعد صامتة بين رئيسيْ مجلس النواب والحكومة حول ملف النفط الذي لم يدعُ الرئيس تمام سلام إلى جلسة للجنة الوزارية المكلفة به رغم الاتفاق الذي حصل حول الملف بين الرئيس بري وزعيم “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون، الأمر الذي أثار غضب بري، وهو ما تُرجم في امتناع وزير المال علي حسن خليل (المعاون السياسي لبري) عن الانضمام الى الوفد الوزاري الذي سيرافق سلام الى قمة موريتانيا بعد غد الأحد.

كما ان التجاذبات تتصاعد بوضوح حول قانون الانتخاب الذي يُعدّ بنداً أساسياً امام طاولة الحوار ولا مؤشرات الى التوصل الى أيّ أرضية سياسية مشتركة حوله. ثم ان المواقف المناهضة لمبدأ الصفقة الشاملة للحلّ (رئاسة، قانون الانتخاب، التوازنات) التي صدرت عن قوى أساسية في فريق “14 آذار” لا تُبقي اي جدل في تنامي الفجوة الكبيرة أساساً بين هذه القوى وكل من بري و”حزب الله” اللذين يدفعان نحو شرط الصفقة الشاملة قبل التوافق على رئيس الجمهورية.

وفي غمرة هذه الأجواء، سخرت المصادر مرة أخرى من الأجواء التي يشيعها بعض المؤيّدين لترشيح العماد عون حول موعد أغسطس المقبل لانتخابه، لافتةً الى ان الاحتدامات الاقليمية وحدها تكفي لإحباط هذه الأوهام، اذ ان الصراع السعودي – الايراني يتّجه نحو مراحل شديدة السخونة، ولم يكن إخفاق جولة المفاوضات الأخيرة حول اليمن التي عقدت في الكويت سوى الدليل الحاسم على ذلك.

ولعله من باب إدراك المجمتع الدولي خطورة ترْك لبنان بين حصار المعطيات الإقليمية الضاغطة، كان البيان الأخير لمجلس الأمن والتحرك الذي سيليه لمساعدة لبنان على الصمود وتجنّب الانهيارات الكبيرة. ولذا تجري الاستعدادات لعقد اجتماع لمجموعة الدعم الدولية الخاصة بلبنان في ايلول المقبل بالتزامن مع افتتاح أعمال الدورة العادية للأمم المتحدة.