كتب داود رمال في صحيفة “السفير”:
دخل ملف النفط في لبنان مرحلة اللاعودة الى الوراء. هذا ما تشي به بعض المواقف الرسمية والسياسية. لكن العبرة تبقى في كيفية وضعه على سكة المسار السياسية بشقيه التشريعي والتنفيذي وسكة المسار التقني الذي تتولاه “هيئة ادارة قطاع البترول”.
وبرغم أنّ الموفد الاميركي اموس هوكشتاين في كل زيارة الى لبنان، يحاول “الاصطياد في المواقف السياسية المختلفة حيال مقاربة هذا الملف”، إلّا أنّ مرجعاً نيابياً بارزاً يؤكّد أنّ سلّة هوكشتاين منذ مطلع العام الجاري في ما خص تحميل لبنان مسؤولية عدم وجود موقف لبناني موحد بشأن ملف النفط، صارت فارغة. “فالوفد الأميركي فوجئ أنّ هناك كلاما واحدا سمعه من كل الفرقاء الذين التقاهم حول حقوق لبنان، لا سيما في مسألتي ترسيم الخط البحري والمنطقة الاقتصادية الخالصة”.
لذلك، يقول المرجع إنّ مقاربة هذا الملفّ تتمّ على المستوى الرسمي اللبناني من زاويتين:
ـ الأولى: داخليّة لجهة الاسراع في بت كل الآليات المطلوبة للسير في هذا الملف ويصبح جاهزاً للتنفيذ والاستثمار.
ـ الثانية: خارجية تتعلق بالجهد المبذول لتثبيت حق لبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة وترسيم الخط البحري.
وفي هذا السياق، تقول أوساط في “كتلة التنمية والتحرير” أنّ “ملف النفط لن يتوقف وهو انطلق لكي ينجز من دون أيّ أخطاء تضر بمصالح لبنان”.
ومن هذا المنطلق، لم يتم اعتبار الاتفاق الثنائي بين “التيار الوطني الحرّ” ورئيس مجلس النواب نبيه بري على أنّه انجاز للملف، لان الاساس هو إقرار المراسيم، خصوصاً أن رئيس الحكومة تمام سلام يريد تأمين اتفاق سياسي شامل يرقى الى مستوى الإجماع الذي لا لُبس فيه حول هذا الملف الحساس، لأن هذا الاجماع هو قوة للدولة في المخاض التفاوضي حول تثبيت الحقوق اللبنانية”.
انطلاقاً من هذه الوقائع، يرى المرجع النيابي أنّ الاتفاق الثنائي هو تسهيل للاتفاق الوطني الشامل وقوة دفع مهمة في هذا الاتجاه. مما يعني أنّ ملف النفط سيطرح في جلسات الحوار الثلاث في مطلع آب المقبل، إذا لم يطرأ جديد في مسألتي دعوة اللجنة الوزارية المختصة للبحث في الملف أو انعقاد مجلس الوزراء والذهاب الى اقرار مراسيم النفط. وذلك في ضوء ما حذّرت منه “هيئة إدارة قطاع البترول” عندما ابلغت كل المعنيين عن وجود كميات واعدة في البلوكات الجنوبية لا سيما البلوكات 8 و9 و10 والتي يتشارك بعضها جيولوجيا مع البحر الفلسطيني المحتلّ.
هذا الأمر يستدعي الإسراع في بت هذا الموضوع قبل أن يحاول العدو الاسرائيلي فرض واقع جديد، خصوصا وأنه ينشط بقوة في الحقول المتاخمة للحدود البحرية اللبنانية وخصوصاً تلك المتنازع عليها في البلوكين 8 و9.
وبرغم ذلك، يتحدّث البعض عن عرقلة خارجية لملفّ النفط. يستند هؤلاء على ما أسرّ به ديبلوماسي غربي لقيادات لبنانية وخلاصته “الاستعداد للعودة الى طرح سابق بتجميد أي استثمار نفطي في المنطقة الاقتصادية الخالصة من قبل لبنان واسرائيل على حد سواء، وترك الموضوع الى حين الاتفاق على ترسيم الخط البحري، وربط إقرار مراسيم النفط بإنهاء الازمة السياسية في لبنان، اي بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وانتخاب مجلس نيابي جديد”.
وإذا صدق هذا الديبلوماسي في طرحه، فإنّ “العرقلة الخارجية لملف النفط ستستمر حتى منتصف العام المقبل على الأقل، وذلك في حال سلك المسار اللبناني المطلوب طريقه الى الحل”.