IMLebanon

مسؤول أميركي: سنمنع “حزب الله” من المشاركة في أي حكومة مقبلة

hezbollah.-new - Copy

 

كتب عباس صالح في صحيفة “الديار”:

حين احتدمت أزمة المصارف اللبنانية خلال اشتباكها السياسي مع “حزب الله”، وفي خلال زيارة لوفد رفيع من جمعية المصارف اللبنانية الى الولايات المتحدة الاميركية، فاتح أحد أعضاء الوفد أحد المسؤولين الاميركيين الذين التقوا بهم خلال تلك الجولات بضرورة أن تمارس الادارة الاميركية ضغوطها على الحزب من دون الزج بالمصارف في واجهة هذه المعركة الخاسرة سلفاً، على اعتبار أنها من نوع المعارك التي تشبه “اللعب مع الأسود”، وأن اعضاء جمعية المصارف اللبنانية، ولا سيما العقلاء منهم، غير متحمسين أبداً لمثل هذه “الدونكيشوتيات” المؤلمة، وخلص الى القول أنها معركة غير متكافئة، زجنا فيها أصحاب الرؤوس الحامية والطموحات الفضفاضة، ونحن لا قبل لنا بها ولا طاقة لنا على تحمل تبعاتها.

في حينه، تقول مصادر الوفد، أن المسؤول الاميركي فكر طويلا، قبل أن يجيبه أمام كل الحاضرين، قائلا: “لا عليكم، سنعتمد ضغوطاً على الحزب من نوع آخر، لا تتيح الافلات منها، وسنرفض بعد اليوم أي شكل من أشكال مشاركة “حزب الله” في المؤسسات السياسية اللبنانية وسنقف حائلا دون انخراطه في أي حكومة مقبلة، كما سنسعى بكل ما أوتينا الى فرض قيود محكمة تحول دون دخول منتسبيه ومناصريه فضلا عن أعضائه الى البرلمان اللبناني، وذلك بمثابة عهد علينا والتزام نقطعه أمام الجميع.

اتسعت دائرة الحديث أكثر بين الحاضرين وبدأ البعض يرسم الفرضيات التي تترتب على مثل هذه السيناريوهات التي كشف عنها المسؤول الاميركي، وخلاصتها أن من شأن مثل هذه الاجراءات أن “تكربج” الحياة السياسية والعامة في لبنان، لأن عملية تأليف أي حكومة لا بد سيسبقها انتخاب رئيس للجمهورية هو الذي سيتولى تكليف اي رئيس لها بتأليفها بعد المشاورات النيابية الملزمة، وبالتالي فان من البديهي ان تغييب أي مكون من المكونات اللبنانية عن تلك الحكومة العتيدة سيوقف عملية تأليفها وقفاً نهائياً، وقد يترتب على مثل هذا الاجراء نتائج وتداعيات أكبر وأخطر بكثير من عملية تأليف حكومة أو ما شابه ذلك، لأن ذلك سيفسره “حزب الله” بأنه اعتداء مباشر عليه وعلى جمهوره العريض في كل الطوائف والمذاهب اللبنانية، وسيفسر في نهاية المطاف على أنه انقلاب حقيقي على الدستور اللبناني، وتنكر معلن لأبسط قواعد الديمقراطية ومندرجاتها، وبالتالي ثمة خشية حقيقية، ان تدفع مثل هذه الاجراءات بالحزب الى قلب الطاولة في وجه الجميع، ولا سيما وانه الحزب الوحيد القادر على فرض ما يريد بالقوة ساعة يشاء، لكن الرهان يبقى على عقلانية قيادة الحزب التي أثبتت مسؤولية نادرة خلال تعاطيها مع كل الازمات والمحطات العصيبة التي مر بها لبنان، حيث أثبتت مرات عديدة وبالملموس أنها قيادة تتمتع بقدر كبير من الحكمة، اذ تتعاطى مع كل المستجدات بعقل بارد وتأن ودقة نادرة وبعيدا من أي انفعالية،  وان ردود افعاله عادة ما تكون ردودا مدروسة بعناية وموزونة بموازين فائقة الدقة والحساسية وبالتالي اذا كان من رهان حقيقي في ازاء مثل هذه الاجراءات التي تفكر فيها الادارة الاميركية فهو على عقلانية الحزب الذي يتعاطى مع كل المستجدات بنظرة عالية المسؤولية.

وهنا أعاد المسؤول الاميركي تصويب الأمور في اتجاه التأكيد على هذا التوجه الاميركي الجديد في سياق التزام الادارة السياسية للولايات المتحدة مع الجانبين الاسرائيلي والسعودي بالعهود التي قطعتها لهما، على أثر الاتفاق النووي مع ايران، قبل نحو عام، والقاضية بتعويض كل منهما بالضغط الجدي والمتواصل على “حزب الله” بهدف إخضاعه وتدجينه، حيث تم الاتفاق في حينه مع اسرائيل على احجامها عن انتقاد الاتفاق النووي بين ايران والدول الست الكبرى، في مقابل قيام الادارة الاميركية بالضغط على “حزب الله” لأقصى مدى من الضغوط على كافة المستويات، حتى تسليم سلاحه بهدف إراحة اسرائيل من هموم ترسانة الحزب التي تتعاظم يوما بعد يوم وتقض مضاجع قادة الكيان المحتل.

كذلك قطعت الادارة الاميركية في حينه عهدا للحكم السعودي، بأنها ستلتزم بالضغط المتواصل على “حزب الله” بكل المتاح حتى سحب آخر مقاتل له في الاراضي السورية ان امتنعت عن تصريحات مسؤوليها الرافضة للاتفاق النووي، وقال ان الامور ما تزال في هذا المربع وان الادارة الاميركية ما تزال ماضية في هذا الاتجاه، وان الحصار المالي الذي فرضناه على كل أجنحة الحزب السياسية والعسكرية والاجتماعية ومؤسساته التربوية والصحية ليس الا درجة من سلم وضعنا أسسه في هذا السياق المؤدي حكما الى تضييق الخناق عليه، واذا لم نتمكن من الحصول على مبتغانا في خنقه نهائيا، سنصل حكما الى نتائج قد تكفي لتحجيمه وتأطيره، والمثال في هذا السياق هو التالي: “حزب الله” اليوم هو ال”مايسترو” الذي تتوقف عنده كل شاردة وواردة في كل العمليات والاستحقاقات السياسية والامنية في لبنان، وهو الذي يوزع الادوار وله حق الفيتو والكلمة الفاصلة في انتخاب أي رئيس أو عند تأليف أي حكومة أو أي استحقاق هام. ومن هذا المنطلق، يكمل المسؤول الاميركي قوله، نحن ننظر الى الامور ببساطة وعلى قاعدة انه يكفينا لو أسفرت اجراءاتنا العقابية بأن نشغل “حزب الله” بهذه القواعد السياسية الجديدة ونحوله من حزب قائد متحكم بمفاصل القرار الرئيسية الى حزب منشغل باثبات ذاته على الساحة السياسية كل همه محصور بكيفية ايصال ممثليه الى المؤسسات السياسية والتشريعية والامنية والرقابية الفاعلة في لبنان. ومن هنا فإنّ الادارة الاميركية ستتمسّك برأيها القاضي بوضع فيتو على دخول الحزب الى أي حكومة مقبلة، حتى ولو توقف تأليفها وبقي الرئيس المنتخب وحده مع حكومة تصريف أعمال مهما طال عمرها، ومن هنا عليكم كلبنانيين الاختيار أن يكون لديكم رئيس بلا حكومة أو حكومة بلا رئيس.

على هذا السؤال السوداوي انتهى ذلك الاجتماع الذي نقلت أجواءه للمسؤولين في لبنان وفي مقدمتهم الرئيس نبيه بري الذي حرص منذ حينه على طرح ما عرف بالسلة المتكاملة التي تتضمّن الاتفاق على رئيس للجمهورية مقترن بالاتفاق على إسم رئيس الحكومة العتيد وكل أعضاء الحكومة المقبلة وغيرها من الأساسيات لتحاشي الفراغ الطويل المرسوم للبنان في سياق ضمه الى خريطة أزمات المنطقة تمهيدًا لإدخاله في الخارطة الجديدة.