كتبت باسكال صوما في صحيفة “لسفير”:
من الجميزة إلى جونيه والبترون مروراً بجبيل حتى إهدن، ثم إلى الجنوب فالبقاع إلى كل المناطق اللبنانية، تستوقف المارّ ليلاً، زحمة أماكن السهر و «الكافيات» والمطاعم، وإصرار اللبناني على الحياة والاستمتاع بها، برغم الأزمات التي تتآكل لحمه ليل نهار.
لكن مراقبة المشهد العام تظهر بما لا لبس فيه أن السياحة الداخلية تراجعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، فزحمة المقاهي وأماكن السهر الليلية والمهرجانات تبلغ نصف ما كانت عليه قبل التوترات الأمنية.
وعليه، يمكن تقسيم أزمة السياحة هذا الصيف إلى قسمين الأول يتمثل بتدني عدد السياح والمغتربين، في حين يتلخص الثاني بتراجع السياحة الداخلية بسبب الغلاء المعيشي. المهرجانات في كلّ مكان، لافتات تملأ الشوارع من بيروت إلى الشمال والجنوب والبقاع والجبل. لكنّ التهافت على هذه المهرجانات التي من شأنها أن تردّ الروح إلى القرى وللسياحة في شكلٍ عام، ليس كافياً وفق نقيب المؤسسات البحرية السياحية في لبنان جان بيروتي، الذي يوضح لـ «السفير» أن «السياحة في لبنان تعاني منذ نحو 5 سنوات، وتدفع ثمن الأزمات السياسية والأمنية المتتالية».
كذلك يشير بيروتي إلى أن لبنان يعاني هذه السنة من انخفاض أعداد السياح «فمعظم الذين يأتون إلى لبنان هم مغتربون (لبنانيون) وأردنيون وعراقيون، في غياب السياح الخليجيين والأميركيين والأوروبيين». ويختصر مطالب القطاع الأساسية باثنين: «أولاً، دعم تذكرة السفر من الأردن والعراق باتجاه لبنان، فنربح بذلك حوالى 500 ألف سائح، ثانيا، تأمين خط بري آمن وشرعي من سوريا، وبذلك يمكن للسياح السوريين أن يزوروا لبنان صيفاً، وتحديدا العائلات الميسورة». وردا على سؤالٍ حول تأثير خفض أسعار التذاكر إلى تركيا في السياحة في لبنان، يؤكد بيروتي أنّ «السياحة الداخلية هي التي تأثرت في هذا الموضوع، فبات البعض يفضلون السفر إلى تركيا بدل السياحة في لبنان». لكنّه يشير في الوقت نفسه، إلى أنّ «لبنان لا يزال البلد الأكثر أماناً مقارنةً بالبلدان المجاورة، كما أنه مكان جميل للسهر والاستجمام والتسلية والاستمتاع».
وبخصوص زحمة السير إذ أن العبور من بيروت إلى جونيه هو «رحلة سفر طويلة» يرد بيروتي ممازحاً: «هذه الرحلة تحتاج إلى حجز فندق، لكن ذلك لا يحدث، لأن اللبناني يفضّل عدم ترك منطقته، إضافةً إلى أنه يعاني من ضيق مادي متراكم منذ سنوات».
جولة بين «الكافيات»
يقول سمير وهو مدير مطعم في منطقة المتن إن «الناس يزورون المطاعم والكافيات في شكلٍ متراجع مقارنةً بمّا كانت عليه الأمور قبل بضع سنوات، وما تغيّر أيضاً أن عدداً كبيراً منهم بات يفضّل تناول الغداء أو العشاء في البيت، والذهاب إلى المقهى من أجل النرجيلة أو تناول الحلوى»، مؤكداً أن «لا سياح في لبنان منذ 5 سنوات تقريباً وهذه كارثة، لأنّ المؤسسات السياحية تعتمد على هؤلاء من أجل رفع دخلها ودفع مصاريفها».
في المقابل، يؤكد أشرف وهو يدير «كافيه» في الحمرا إنّ «الحركة تراجعت بشكلٍ كبير، وإن كنا ما زلنا نجتذب بعض الزبائن بفضل العروض والخدمة الجيدة وتقديم كل ما نستطيع»، مضيفاً: «لكنّ الوضع صعب جداً، فحتى اللبناني غير المقيم بات يفضّل قضاء عطلته في بلدٍ آخر، لا مشكلات سياسية وأمنية فيه».
من جانبها، ترى نهى وهي من رواد السهر، أنّ «اللبناني يحبّ الحياة، وما زلنا نشعر بالأمان في بلدنا برغم كل شيء، لأنه بلدنا وحسب».