كتب عماد مرمل في صحيفة “السفير”:
بالتزامن مع التوقعات او التمنيات البرتقالية بتحول قريب في موقف الرئيس سعد الحريري في اتجاه الموافقة على انتخاب العماد ميشال عون رئيسا، بعدما يكون النقاش قد اختمر داخل «تيار المستقبل»، وبين الحريري والرياض.. رفع بعض أعضاء كتلة «المستقبل» النيابية بشكل لافت للانتباه سقف الاعتراض على هذا الخيار، بل ان أحدهم فضّل استمرار الفراغ على انتخاب الجنرال، نافيا ان يكون هناك اي بحث في كواليس «المستقبل» حول احتمال دعم وصول عون الى قصر بعبدا.
ولئن كان ليس خافيا ان وزير الداخلية نهاد المشنوق يحاول تسويق خيار عون في بيت الوسط، على قاعدة البراغماتية السياسية، إلا ان هذه المحاولة لا تزال تصطدم بممانعة شديدة من بعض مراكز القوى في التيار الازرق، لا سيما من قبل الرئيس فؤاد السينورة و «صقور» التيار.
ومع ذلك، لا يقطع أنصار عون الأمل في امكانية استمالة الحريري، عاجلا أم آجلا، بل ان من بينهم من خاض مغامرة ضرب مواعيد قريبة لانتخاب الجنرال، مفترضين ان رئيس «المستقبل» الذي يتطلع الى استعادة وزنه الشعبي وقوته السياسية بعد الانتكاسات المتلاحقة، يدرك انه لن يستطيع ذلك إلا إذا عاد الى السرايا الحكومية التي باتت الطريق اليها تمر حكما عبر الرابية.
ويعتقد أنصار الجنرال ان النقاش الدائر في الغرف المغلقة للتيار الازرق حول إمكانية تأييد ترشيح الجنرال، لا يزال يحتاج الى وقت قبل ان ينضج، مشددين على ان القرار الحاسم يبقى في نهاية المطاف للحريري، مهما تعددت الاجتهادات، من حوله.
وحتى ذلك الحين، لا يتردد الرئيس السنيورة في التأكيد، امام زواره، ان فرضية انتخاب عون ليست واردة في حسابات تياره، مضيفا في معرض تعليقه على تفاؤل البرتقاليين وزعيمهم: لا نستطيع ان نمنع أحدا من ان يحلم بدخول الجنة..
ويستعيد السنيورة مآخذ قديمة – جديدة على سلوك عون، قائلا: نحن لا نثق في موقفه الحقيقي حيال اتفاق الطائف، ونرتاب في حماسته للقانون الارثوذكسي الذي يحفر عميقا في اسمنت النظام وينسف جوهره المستند الى العيش المشترك، كما ان الجنرال لم يقدم منذ دخوله الى الدولة تجربة ناجحة في الادارة الرشيدة، خصوصا على مستوى الوزارات التي تولاها أشخاص من «التيار الحر»، في حين ان النائب سليمان فرنجية على سبيل المثال، وبرغم انني لست «مشردقا» به، كان موفقا في اختيار وزراء «المردة»، كبسام يمين في الطاقة سابقا، وروني عريجي في الثقافة حاليا..
أما حول موقفه من المدير العام لـ «أوجيرو» عبد المنعم يوسف بعد الاتهامات التي وُجهت اليه، فإن السنيورة يؤكد انه لم يتخل عن يوسف «لقناعتي بانه موظف نظيف، ويتحلى بالكفاءة المطلوبة»، ويعتبر انه منحاز الى جانب الحق وصاحبه، «وإني مسرور حين يكون موقفي في عكس التيار الجارف..».
ويستشهد السنيورة برسالة وجهها الامام علي بن أبي طالب الى احد الولاة يحثه فيها على «ألا يكون المحسن والمسيء عنده في منزلة سواء»، معتبرا ان الخطير في الحملة التي يتعرض لها يوسف هو انها تعطي رسالة سلبية لموظفي الدولة، فحواها ان «المرتكب سنكافئه ونحميه، والآدمي سنعاقبه ونلاحقه، وكأننا بذلك ندفعه الى ان يقتدي بالفاسد وان يبحث عن سند سياسي او طائفي».
ويبدي تقديره للموقف المسؤول الذي اتخذه الرئيس نبيه بري من قضية يوسف، كما يتوقف عند تجنب «حزب الله» الانخراط في ما يسميها الحملة ضد المدير العام لـ «أوجيرو».
ويلفت السنيورة الانتباه الى ان هناك قنابل دخانية تُطلق من حين الى آخر للتمويه والتغطية على الارتكابات الحقيقية والفادحة في ملفي الانترنت غير الشرعي والتخابر غير الشرعي، ملاحظا ان البعض يحاول ان يبرر ارتكاباته او ان يخفف من وطأتها بالتلطي خلف قضية يوسف المفتعلة وكأنه يقول: أنا مرتكب، لكن لست وحدي.
وحين يُسأل السنيورة عن تعليقه على الاتهامات بالفساد التي يوجهها اليه خصومه، ترتفع نبرة صوته، قائلا: انا مع اجراء تدقيق مالي شفاف في كل الملفات والحسابات، المتعلقة بالمؤسسات العامة والوزارات، حتى لا يبقى هذا الموضوع عرضة للتجاذب والمهاترات.
ويضيف «لقد سبق لنا ان دفعنا في اتجاه اقرار قانون للتدقيق في حسابات المؤسسات العامة، ونحن مع توسيعه وتعميمه ليشمل الوزارات كذلك، علما ان المشكلة تكمن في ان أحدا لا يتابع التقارير والنتائج التي تصدر عن هيئات الرقابة، وأنا لدي شعار على مستوى الادارة هو: أعطِ خبزك للخباز، ولكن راقبه حتى لا يأكل نصفه».