Site icon IMLebanon

إنها مسألة “عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة”!

 

 

كتبت صحيفة “الأنباء” الكويتية:

النظرية السياسية الأبرز المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي والسائدة على نطاق واسع تفيد بأن الرئيس سعد الحريري الذي تعرض لانتكاسات متلاحقة ويواجه ضغوطا متعددة الأوجه، لم يعد لديه إلا خيار العودة الى رئاسة الحكومة لاستعادة مكانته السياسية والشعبية ولحل أزمته المالية أيضا.

وهذه العودة ليست ممكنة إلا عن طريق الرابية كممر إلزامي، بمعنى أنه إذا كان الحريري يفكر بالعودة الى السرايا الحكومي عليه أن يفكر أيضا بتأييد انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية.

أما إذا ظل معترضا على عون، فإن ذلك يعني استنادا الى المعطيات والموازين الحالية أنه لا رئيس جمهورية ولا حكومة جديدة ليترأسها.

هذه «النظرية» تصور الحريري أنه في حاجة ماسة الى رئاسة الحكومة وأنه تحت وطأة هذه الحاجة مضطر للسير بمشروع انتخاب عون عبر الانخراط فيه بشكل كامل (تصويت نواب المستقبل له) أو بشكل جزئي (حضور جلسة الانتخاب من دون التصويت له)، ولكنه كاف لتأمين ميثاقية الجلسة مع توافر «الغطاء السني».

ولكن يبدو أن هذه النظرية، التي يستند إليها فريق عون وأنصاره بشكل أساسي ويبنون عليها تفاؤلهم الرئاسي، ليست صحيحة ومحسومة عند الفريقين الأساسيين المعنيين مباشرة بالموضوع، المستقبل وحزب الله:

1- ثمة سؤال مطروح في أوساط المستقبل، وخصوصا تلك المعارضة والرافضة لانتخاب عون رئيسا: هل من مصلحة الحريري العودة الى رئاسة الحكومة في ظل الأوضاع الحالية، أم تأجيل عودته الى ظروف أكثر ملاءمة؟! وهل هذه العودة متاحة من دون أثمان وتنازلات؟! وهل إذا أصبح الحريري رئيسا للحكومة ما هي الضمانات لعدم تكرار تجربة «إسقاطه»، وهل سيكون قادرا على أن يحكم في ظل ميزان القوى القائم حيث حزب الله هو «القابض» على القرار ومفاصل اللعبة السياسية؟!

يرى أصحاب هذا الرأي أن المنطقة تجتاز مرحلة انتقالية حساسة وضبابية، ما يفرض الاستمرار في وضعية الانتظار لأشهر إضافية والى حين جلاء الصورة التي تتداخل فيها أربع مكونات وملفات أساسية: سورية، تركيا، والانتخابات الرئاسية الأميركية، وبالتالي الاحتفاظ بالأوراق السياسية والتفاوضية الى مرحلة لاحقة وعدم حرقها وعدم التخلي عنها مجانا الآن.

2- ثمة سؤال مطروح في أوساط حزب الله، وخصوصا تلك غير المتحمسة لانتخاب عون رئيسا: هل من مصلحة حزب الله أن يعود الحريري الى رئاسة الحكومة في هذه المرحلة؟! وهل تكفي معادلة عون ـ الحريري؟! ما تراه هذه الأوساط أن حزب الله ليس له مصلحة سياسية في تعويم الحريري وانتشاله من أزماته وتمكينه من استعادة زمام المبادرة في ظل الوضع القائم، وبالتالي فإن عودة الحريري الى الحكم لا تتم إلا عبر اتفاق سياسي شامل تكون رئاستا الجمهورية والحكومة جزءا أساسيا منه ولكنه يحوي عناصر أخرى مهمة أولها قانون الانتخاب والبيان الوزاري.

لطالما ساد اعتقاد بأن لحزب الله مصلحة في دعم تيار الاعتدال السني الذي يمثله تيار المستقبل في مواجهة قوى التطرف، ولكن هذه النظرية ليست صحيحة بالكامل ويبدو أن علاقة حزب الله مع المستقبل تقف عند حدود الحوار معه والمساكنة الحكومية والهدف الأساسي نزع فتيل الفتنة والاحتقان المذهبي وإبقاء الجبهة الداخلية هادئة.

ولكن حزب الله لم يعد يرى الحريري زعيما مطلقا للطائفة السنية وإنما يلمس تراجعا في وضعه وصار يفضل التعامل مع الساحة السنية ليس بالجملة عبر ممر إجباري واحد وإنما بالمفرق وعبر فتح خطوط وممرات.

ويبدو أيضا أن الحريري يتملكه حذر ازاء نوايا حزب الله وموقفه الفعلي تجاهه.

من جهة هو مقتنع بضرورة الحوار والاتفاق مع حزب الله، ومن جهة ثانية هو غير واثق من الحزب ومرونته ومن الثمن السياسي الذي يريده.

المسألة ليست فقط مسألة انتخاب عون رئيسا للجمهورية.

إنها أيضا مسألة عودة الحريري الى رئاسة الحكومة.

المسألتان مترابطتان وموصولتان بملفات و«عبوات سياسية» أخرى.