كتب أسامة القادري في صحيفة “الأخبار”:
الجلسات والنقاشات التي أجراها الرئيس سعد الحريري مع محازبي القرى البقاعية وفعالياتها، نقلته من موقع «المتلقي» من حاشيته، إلى موقع المستمع والمقرر. الاعتراضات والوقائع التي استمع إليها من المحازبين والمؤيدين في البقاعين الأوسط والغربي، وضعته أمام حتمية تغيير منسقي التيار، وفتح الأفق أمام «الدم الجديد»، وخلق قيادات في زمن الشح المالي الذي يعانيه التيار.
وبحسب مصدر مستقبلي، أفصح الحريري أمام مجالسيه عن أن التيار «أمام ضرورة تغيير المنسقين والقيادات، نريد دماً جديداً، يكفي التيار ما عانى منه». وقال إن التغيير يلحظ واقع القرى والبلدات. ففي البقاع الغربي، سأل الحريري عن أسباب تراجع التيار في بلدة كامد اللوز التي عُرفت سابقاً بـ»قريطم البقاع»، وسأل عن أسباب ترهل «المستقبل» في مجدل عنجر. هذا قرأه قياديون بأن قيادة البقاع الأوسط ستخرج من دائرة قب الياس وبلدة بر الياس، كما كان معتمداً سابقاً. كذلك هي الحال في البقاع الغربي، حيث رأى مستقبليون أن كلام «الشيخ سعد» مؤشر على أن المنسق سيكون من بلدة كامد اللوز، بعدما فشل منسق التيار حمادي جانم ابن بلدة المنارة، في إرساء حالة مستقبلية وازنة في البلدة، إثر نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة.
في المقابل، دخل جمهور تيار المستقبل في البقاع دهاليز لعبة «الطميشة»، بتفتيشه عن قيادة جديدة له خارج الإطار الذي تعوّده في الحقبة السابقة، بعدما أفل نجم منسقي المناطق، وتحولوا إلى أعضاء مؤتمر. فلا إدارة منسقية التيار في «الأوسط»، وتحديداً المنسق أيوب قزعون صاحب العقلية «الأمنية»، أصبحت تجدي نفعاً، ولا آلية اختصار التيار بشخص المنسق أثبتت أنها الطريقة الناجعة للتواصل مع الجمهور، ولا هشاشة شخصية المنسق ومصادرة قراره من قبل أحد النواب هي الحل. هذه الشكاوى كانت مدار بحث لقياديي القطاعات في التيار الذين يسجّلون اعتراضاتهم منذ أكثر من سبع سنوات على أداء منسقيتهم، وطريقة معالجتها للملفات السياسية والحزبية، وانعكاسات ذلك على بيئة «المستقبل».
يشير أحد القياديين المعترضين على سياسة المنسقية في البقاع الاوسط، إلى أن أهم عمل يمكن أن تقوم به المنسقية، هو وضع آلية تُمكّنها من التحول إلى مرجع لحل مشاكل الجمهور، من خلال استحداث مكاتب لنواب التيار ووزرائه، داخل مبنى المنسقيات، والمداومة فيها بشكل دوري منتظم. «هكذا ننتهي من الشللية»، باعتبار أن هذا الأمر يعيد ثقة الناس بالتيار لا بالأشخاص، على غرار ما يقوم به باقي الأحزاب. يضيف: «من غير المقبول المراوحة في إدارة التيار بشخص مثل قزعون همّه كيف يخلق حوله حالة حزبية من فئة عمرية شابة موالية له أكثر من ولائها للتيار. المشكلة أنه أراد أن يتعامل مع الجميع بذات العقلية والأداء، وتغييب من لم يقبل أن يكون مطواعاً له».
لا يختلف رأي أحد منسقي البلدات في البقاع الغربي، لناحية أن المرحلة الجديدة تحتاج إلى طريقة حديثة في الأداء، بعيدة عن الحالة القديمة التي أسهمت في استفحال أزمة التيار، غامزاً من قناة أن البعض يحاول طرح أسماء مقربة من المنسقين السابقين، وهذا ما يؤدي إلى نشوء حالة اعتراضية واسعة، خاصة بين قياديي القطاعات الذين استُبعد بعضهم عن المنسقيات بشكل فاضح. ولفت إلى أنه «خلال مناقشات فردية وجانبية بين عدد من القياديين واستفتاء بعض المحازبين، حُدِّدَت مروحة من الأسماء المطروحة لمنسقيتي الغربي والأوسط ضمّت ثمانية أسماء، لكل منهم حيثيته. ويجري حالياً بحث هذه الأسماء مع المحازبين والهيئات الحزبية التي يمكن أن تمثل في المؤتمر العام في تشرين الأول المقبل. وقال المصدر: «رغم أن طريقة انتخاب الهيئات الحزبية لم تصل إلى مغزاها الحقيقي، لكونها استثنت الأنصار، لأنهم ليسوا منتسبين إلى التيار، إلا أن ذلك يفرض علينا تغيير كامل القيادة، والإتيان بقيادة جديدة على تواصل مع الجميع».
فيما أشارت مصادر مستقبلية مقربة من الحريري إلى أن الأخير سأل أحد قياديي التيار عمّا إذا كان في بلدة مجدل عنجر شخصية حزبية وازنة باستطاعتها أن تتولى منصب المنسق. وهذا السؤال تردد صداه في البقاع الأوسط على شكل كلام واثق من أن الحريري «اتخذ قراراً بتغيير منسق البقاع الأوسط قزعون المقرب منه». ولفتت المصادر إلى أن «الحريري أقفل الباب أمام اقتراح الوزير السابق محمد رحال أسماءً لمرشحين للمنسقية، كذلك اعترض على أسماء من بلدة المرج». معارضة الحريري، بحسب المصادر، «نتجت من دراسة الأمور عن قرب، باعتبار أن المؤتمر المقبل يضع التيار على المحك. من هنا أتت فكرة لقائه مع الجميع والاستماع إلى كل الهواجس». وأقرّت بأن «الشيخ سعد فقد ثقته بعدد كبير من قيادات المستقبل، ويعلم أن بعض القياديين يقترحون مرشحين لتولي مناصب معينة، بسبب علاقات مالية أو صلات قربى تربطهم بهم، بعيداً عن مصلحة التيار».