كتبت ليا القزي في صحيفة “الأخبار”:
إذا لم يتقدم النائب ميشال عون بأوراق ترشحه إلى الانتخابات التمهيدية في التيار الوطني الحر في كسروان، فذلك لا يعني أنه حسم قرار عدم ترشحه للانتخابات المقبلة. وذلك لا يعني بالتأكيد أنّ مسقط رأسه حارة حريك لن تكون ممثلة في كسروان. عوض «الجنرال»، تقدم عضو «التيار»، طبيب الأطفال، منصور حجيلي بترشيحه.
يكفيه أنه من سكان زوق مصبح منذ ما يُقارب 47 سنة وسجلّه النضالي محفوظ فيها، «التزمت بالأرض وأسّست التيار هنا مع القدامى». يرى أن ترشيحه أساسي لأنه يتبنى 3 نقاط: «محاربة الفساد، رفض قانون الستين والالتزام بثلاثية جيش شعب ومقاومة». ابن حارة حريك سيتنافس يوم الأحد مع سبعة مرشحين كسروانيين آخرين، في محاولةٍ منهم لإثبات حجم كلّ منهم في صفوف التيار الوطني الحر. صناديق الاقتراع لن تفتقد فقط اسم عون. الغائبة الثانية هي النائبة جيلبيرت زوين التي فضّلت وضع حدّ لمشوارها كمُشرّعة.
في ملعب فؤاد شهاب ــ جونية، سيجتمع العونيون يوم الأحد منذ التاسعة صباحاً حتى الرابعة من بعد الظهر لاختيار مرشحهم المفضل. حجم المشاركة لن يكون مُشابهاً للنسبة التي اقترعت في الانتخابات الداخلية الماضية، «فنحن نتوقع اقتراع ما بين 1200 و1400 ملتزم»، استناداً إلى مصدر مسؤول. الأسماء «وُزّعت على ثمانية صناديق، بمعدل قرابة 250 اسماً لكل صندوق».
في البداية، عبّر قرابة 13 شخصاً عن رغبتهم في الترشح، ليتقدم 10 مرشحين بأوراقهم الرسمية، انسحب منهم اثنان: فادي بركات (ترشيحه يتعارض مع عضويته في المجلس التحكيمي للتيار)، وباتريك المستحي «الذي ربما اقتنع بأن الظرف حالياً ليس مؤاتياً». لم يبقَ في الميدان سوى: نعمان مراد، أنطوان عطاالله، توفيق سلوم، جوزف بارود، منصور حجيلي، بيارو خويري، ميشال عواد وإيلي زوين. وهذا العدد مطابق تماماً للعدد المطلوب من المرشحين المؤهلين، وفق النظام المعمول به (عدد مقاعد الدائرة مضروباً بـ1.5). ويكفي كل واحد منهم ــ للتأهل إلى المرحلة الثانية ــ الحصول على ثلث عدد المقترعين، مقسوماً على عدد المرشحين (إذا اقترع 1200 منتسب، يُقسم العدد على 8، ثم يُقسم الحاصل على ثلاثة، لتصبح عتبة التأهل 50 صوتاً فقط).
اللافت في الأسماء أنها تنتمي بمعظمها (6) إلى منطقة فتوح كسروان، واثنين فقط إلى منطقة كسروان، مع غياب تام للترشيحات من الجرد الكسرواني الذي يُعتبر دائماً «الخزان الشعبي للتيار».
عونيّو كسروان يشكون منذ عام 2005 من عدم وجود نائب حزبيّ في القضاء، باستثناء العماد عون. وترشّحهم هذه المرة لا يعني ضمان تبنّي التيار لترشيحهم. ففوزهم في الانتخابات التمهيدية ليس سوى المرحلة الاولى في آلية الترشيح. بعد ذلك، سيكونون، مع النواب الحاليين، عرضة للاستبعاد نتيجة استطلاع الرأي الذي سيشمل عينة من جميع الناخبين في الدائرة، لا الحزبيين وحدهم. وبعد الاستطلاع، تأتي مرحلة رأي القيادة الحزبية، المبني على نتيجتي الانتخابات والاستطلاع، وعلى التحالفات. لكن هذا الواقع لن يحول دون ترشّح الحزبيين الذي لا يبغون قطع حبل سرّتهم بأيديهم. أحد الأسماء التي دار جدل حول نيتها الترشح من عدمه هو توفيق سلوم الذي عاد وحسم أمره إيجاباً. أصوات عونية ترتفع لائمةً سلوم على «تردّده» بادئ الأمر، «فهذه السياسة لا تنفع في كلّ مرة، على العكس قد تُخسّره أصوات الذين التزموا مع مرشحين آخرين». أما سلوم، فـ«ملتزم بالتعميم الصادر عن القيادة بألا نُصرّح سوى إلى وسائل الإعلام الحزبية. ورأيي أصبح معروفاً».
الأمل لدى المرشحين الآخرين (لم تستطع «الأخبار» التواصل مع بارود وزوين اللذين لم يجيبا على هاتفيهما) موجود بأن تُسمع هذه المرة أصواتهم. يقول العميد المتقاعد ميشال عواد إن «هناك نظاماً وآلية انتخابية، ما يحصل بعدها يكون مرتبطاً بالقانون الانتخابي والتحالفات. إذا كان الشخص حاضراً يجب أن يؤخذ وجوده على محمل الجدّ». عواد يتسلح بتاريخه العسكري ويعتبره قيمة مضافة في ترشيحه، «إذا في وفا يجب أن أكون على رأس اللائحة». تبنّي أكثر من حزبي إلى النيابة أمر أساسي من وجهة نظره، «فلا يُمكن أن نطلب كل شيء من كسروان ولا نُقدم لها شيئاً في المقابل».
فرضية أن هذه الانتخابات تهدف إلى شقّ صفوف الحزبيين، يعتبرها بيارو خويري «شائعات لضرب التيار من الداخل. نحن نعمل بشكل جدي». ترشح لأنه يملك «الصفات المؤهلة، والظرف ملائم، ولاستمرارية التيار في كسروان يجب أن نشد العصب». ولكن ما الإضافة التي ستتولد من ترشيح حزبي؟ يجيب خويري الذي لا «أظلم النواب الحاليين»، بأنه «نحن جيل الشباب جايين نشتغل بغير ذهنية».
«من يرِد حزباً، ممنوع ألا يُشارك في هذه الانتخابات»، يحسم نعمان مراد الذي أدت خلافات سابقة بينه وبين فادي بركات إلى رفض ترشيحهما معاً. يعتبرها معركة «لإظهار حجم كل شخص ينام على أمجاده». والأمر الوحيد الذي يُميّزه عن الآخرين هو «أنني أحمل مشروعاً حزبياً».
الوحيد الذي يبدو وافداً من خارج «السرب التقليدي» هو أنطوان عطاالله الذي يطلب «محاسبتي على أدائي والانتخاب بذكاء وليس على أساس النكايات». يبدو مرتاحاً وهو يؤكد امتلاكه لـ«كتلة أصوات لا تُخرجني من المعادلة. فتحت مكتب ورح ضلني بكسروان من هلق للانتخابات النيابية».
ليس بإمكان أحد حسم النتيجة الانتخابية قبل الأحد. في كسروان، يستفيد جوزف بارود «من عدد المرشحين الكبير في الفتوح»، استناداً إلى قراءة عدد من العونيين. ولكنهم يحصرون السباق بين مراد «الذي يستفيد من صورته كمناضل قديم وهو ينشط في هذه الفترة على صعيد تنظيم اللقاءات والتواصل مع الناس»، وعطاالله «الذي عمل على جذب أصحاب المهن الحرة كالمعلمين والمهندسين والمحامين وهو الأقدر على الصعيد المادي». أما سلوم، الذي يُشارك في معظم المناسبات العامة كـ«ممثل النائب ميشال عون» والحاضر كل يوم تقريباً في سراي جونية، «فلم يبرز في هذه الانتخابات كالبقية».
المسؤولية في غياب «مناضل» كسرواني عن طاولة اجتماعات تكتل التغيير والإصلاح لا تقع حصراً على الرابية التي فضّلت التحالف مع وجوه تقليدية أو أخرى كانت إلى وقت قريب مناوئة لها سياسياً. فعملياً، يبدو التاريخ متوقفاً عند أغلبية الحزبيين أيام النضالات. لم يعملوا بالشكل المطلوب لفرض حضورهم السياسي كما فعل زملاء لهم في أقضية أخرى. يوم الأحد هو يوم الحساب، رغم أنه لا معركة بالمعنى التقليدي للكلمة، وتحولها إلى معركة «تسجيل أصوات».