Site icon IMLebanon

السوريون يُهدِّدون أهالي دير الأحمر… بأرضهم وأرزاقهم

 

كتبت جنى جبور في “الجمهورية”:

لا يبدو مستقبلُ التعايش بين النزوح السوري الثقيل والواقع اللبناني مطمئناً إذا استمرّت الحال على ما هي عليه الآن. ويتاكّد مَن يراقب أوضاع بلد الأرز أنّ اللبنانيين ليسوا عنصريّين، والدليل على ذلك استقبالهم لما يزيد عن مليون ونصف مليون سوري في القرى والبلدات والمدن اللبنانية حالياً.قبل النزوح، كان اللبنانيون يُرحّبون بالسوريين وكأنهم في ديارهم، وهم يستفيدون من خيرات لبنان، ويتوسّعون في سيطرتهم على المهن بجميع أشكالها. وبرهن الشعب اللبناني عن حسّه الإنساني عند اندلاع الحرب السورية باستقباله النازحين من دون ضوابط.

لكن، عندما تُضطر الأجهزة الأمنية والشرطة البلدية إلى اتخاذ إجراءاتٍ احتياطية، فرضتها العمليات الإرهابية وكان آخرها القاع، وتصبّ في إطار المصلحة الوطنية، فهذا ليس عملاً عنصرياً. فكما يطبَّق القانون على اللبنانيين كذلك يجب تطبيقه على كلّ الأجانب المقيمين أو اللاجئين في لبنان. “فمَن ساواك بنفسه ما ظلمك”.

القضية نفسها، انتقلت من عمشيت الى دير الأحمر البقاعية، وتتمحور حول رفض التنقل العشوائي لكلّ مَن لا يحمل الأوراق الثبوتية وتسليمه الى الجهات الأمنية المختصة. فبعد صدور قرار من محافظ البقاع بشير خضر، يمنع تجوّل الدراجات والسوريين الذين لا يحملون أوراقاً ثبوتية، اجتمع المجلس البلدي في دير الأحمر وقرّر ضبط الحالات المتفلّتة وتنفيذ القرار الصادر.

تزامناً، كانت مخابرات الجيش اللبناني قد أوقفت أمس الاول عدداً من السوريين من دون أوراق ثبوتية، ما استفزّ السوريين الشرعيين، وقرّروا الاضراب عن العمل الزراعي.

ويروي رئيس بلدية دير الأحمر لطيف القزح لـ”الجمهورية”، أنّ “البلدية كانت قد منعت قبل صدور القرار، تنقّل السوريين أو تجوّلهم على دراجاتهم النارية ابتداءً من الساعة الثامنة ليلاً حتّى السادسة صباحاً، وبعد صدور القرار 15 بتاريخ 29/6/2016، من قبل المحافظ والذي يقضي بمنع التجوّل التام على الدراجات النارية، نفّذنا هذا القرار الذي اتُخذ إثر التفجيرات الإرهابية التي نكبت بالقاع، وايضاً كتدابير أمنية وقائية إثر مهرجانات بعلبك. وتشير المعلومات الى أنّ هذا القرار، سيبقى ساري المفعول حتّى بعد انتهاء هذه المهرجانات”.

وكانت مخابرات الجيش قد أوقفت 95 سورياً أمس الأول لأنهم لا يحملون أوراقاً ثبوتية، وما لبثت أن أخلت سبيل نحو 10 اشخاص، تبيّن أنّ اوراقهم موجودة عند الأمن العام اللبناني”.

لم تَرُق هذه الخطوة الأمنية للعاملين السوريين الشرعيين ويقول القزح: “في غضون ذلك، قرّر عددٌ من السوريين الإضراب عن العمل الزراعي”، مشيراً الى أنّ “اقتصاد دير الاحمر يعتمد على الزراعة، وعلى اليد العاملة فيها، وأنّ هذا الإضراب غير المحق يؤثر سلباً في المحاصيل الزراعية”.

ويتابع: “لذلك، نظمت البلدية أمس دوريات حيث قام عناصر البلدية بالتكلّم مع المضربين، إما لفكّ هذا الإضراب الذي يضرّ بالبلدة، أو الرحيل منها”، قائلاً: “يللي ما بدّو يشتغل يضبّ غراضو ويفلّ.. نحنا ما بدنا ناس تصيّف عنا”.

وفي وقت، لا يزال قرارُ الترحيل شفهياً، كان العمال السوريون قد طلبوا مهلة أسبوع من البلدية، ليتّخذوا قرارهم بالبقاء والعمل في البلدة أو المغادرة. وتشير المعلومات الى أنّ “البلدية سترسل لهم يومياً الدوريات للضغط عليهم، كما أنّ مخابرات الجيش اللبناني كانت قد أنذرتهم أيضاً، موضحةً أنّ الذي لا يريد العمل فليغادر.

وأكدّ القزح أنّ “مساعداتٍ مادية وطبية وغذائية كثيرة تصل الى السوريين، والبلدية تساعدهم أيضاً قدر إمكاناتها، ولطالما استقبلت دير الأحمر السوريين حتّى قبل الأزمة، وعملوا سويّاً مع أهالي البلدة في أرضهم، ولكن نحن نأخذ احتياطاتنا، فالموضوع الأمني لا يمكن التساهل فيه”.

الأمن الوقائي، ليس عملاً عنصرياً، فالترتيبات الأمنية لمنع حدوث أعمال إرهابية تتطلّب بعض التدابير الاستثنائية والجدّية، وفي هذا السياق يلفت أحد الأهالي لـ”الجمهورية” الى أنّ “أهالي دير الاحمر

لم يكونوا عنصريين أو غير إنسانيين، ولطالما اشتهروا بالكرم والفروسية، وأهمّ ميزات الفروسية إكرام الضيف وحمايته.

ولكنّ ما حدث هو قمّة الوقاحة بعينها، فهم يضرّون البلدة وأهلها بإضرابهم، وهذا الشيء مرفوض لأنهم، يعيشون مكرَّمين بضيافة أهل الدير، ويتقاضون الأجور العادلة”.

يقول مثلٌ لبنانيٌّ شعبي “يللي بعوز النار بيكمّشا بيديه”. السوريون ليسوا سيّاحاً، هم هاربون من نيران الحرب الأليمة التي تنكب بسوريا، ولبنان استقبلهم على أراضيه، ولكنّ هذه التصرفات ترتّب في المستقبل علاماتِ استفهامٍ كبيرة.

يفعل اللبنانيون المستحيل من أجل الحفاظ على أمنهم وحياتهم وأرضهم، ولن يرتدّوا بفعل أيّ شيء يهدّد ذلك، “شاء مَن شاء وأبى مَن أبى” على حدّ قول أحد الأهالي، فـ”كلنا تحت سقف القانون، وهذه الخطوات الأمنية هي من أجل حماية كلّ شخص موجود على الأراضي اللبنانية، وللحدّ من موجة الاستنكارات الشديدة اللهجة التي تصدر عندما تقع “المصيبة الأمنية”.