بين السياحة والامن علاقة عضوية، أمّا في صيف لبنان الذي يتميّز بمفارقات كثيرة فتبرز مؤشرات على موسم سياحي ايجابي رغم كل الظروف الامنية غير المستقرة التي تضرب المنطقة لا بل العالم بأسره. رغم أنّ الهاجس الأمني يبقى محورًا أساسيًا يؤرق اللبنانيين هذه الايام لا سيما بعد الشائعات المتداوَلة بقوة عن أحداث أمنية متوقعة هنا وخضات سلبية هناك…
برمانا وعاليه البلدتان السياحيتان تتميزان بموسم اصطياف مزدهر هذا الصيف وتشهدان زحمة سياحية ملفتة، لا سيما في نهاية الاسبوع حيث تعج الشوارع والمطاعم والطرقات والمرافق السياحية، كل تلك الإيجابيات تترافق مع الخوف الأمني الذي لا يمكن تحديده أو حصره ما يخلق معادلة دقيقة بين الترحيب الضروري بـ”زحمة السياح” والتدقيق الأمني. فكيف تتعاطى هاتين البلديتين مع هذا الواقع؟
إجراءات دقيقة في برمانا
رئيس بلدية برمانا ونقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر، أكّد في حديث لـIMlebanon أنّه “من الناحية الأمنية زادت البلدية أعداد عناصر الأمن بشكل كثيف بموافقة وزارة الداخلية”، مشيرًا الى أنّ “كل المؤسسات التي تفتح ابوابها في برمانا تمّ الاتفاق على أن يكون عندها أجهزة كاميرات للمراقبة بالإضافة الى الإتّفاق مع شركات أمن لتتولّى مراقبة كلّ من يدخل ويخرج”.
وأضاف أنّه “لا شك أننا كبلدية ننسق مع مخابرات الجيش والقوى الامنية والمعلومات والامن العام لمتابعة الامور الأمنية”.
اما بالنسبة للنازحين السوريين المتواجدين في برمانا والذين يبلغ عددهم 800، فكشف الأشقر أن “البلدية حصلت على صور عن هوياتهم وبصماتهم وارقام هواتفهم فضلا عن مراقبة تحركاتهم ومنازلهم وزائريهم الذين يأتوا من خارج البلدة”.
كل ذلك يترافق مع ازدهار سياحي في برمانا حيث يقول الاشقر إنّه حصل تعديل في المخطط السياحي، خصوصًا بعدما تبيّن أنّ الازمة الاقليمية طويلة “فرأينا أن السائح العربي والاجنبي لن يأتي بالاعداد الكبيرة التي كان يأتي بها، لذلك عدلنا نحن مخطط السياحة وعكسنا سياحتنا التي تعتمد على الخارج لتصبح داخلية، وبدأنا بتطوير قطاع المطاعم”.
ومع افتتاح المزيد من المطاعم التي تناسب الميزانيات المختلفة، يعتبر الاشقر أنّ ذلك دفع الى نمو برمانا بشكل كبير لتصبح اقوى وجهة سياحية للاصطياف وتعتبر على الرغم من الظروف الحاصلة في المنطقة اقليميا الاقوى في الشرق الاوسط”.
وشدّد الأشقر على أنّ “نسبة لما يحصل في الدول العربية والاقليمية ونسبة لاعداد النازحين الكبير في لبنان، فإنّ إيمان الشبان والشابات الذين يستثمرون في لبنان ويقدّمون التنوع غير الطبيعي بالنسبة للمأكولات والمشروبات كبير، خصوصًا أن هذا التنوع الجديد الذي نقوم به والتفاعل الداخلي الذي يحصل قد نكون الافضل في المنطقة”.
في عاليه.. “اكتفاء أمني”!
من جهتها، أكّدت عضو بلدية عالية سعدة حليمة في حديث لـIMlebanon أنّ “المدينة لديها اكتفاء ذاتي من الناحية الامنية إذ لديها أعداد كافية من شرطة البلدية مقسّمة دواماتهم بين الليل والنهار، فضلا عن انتشار كاميرات المراقبة التي تسجل كل حركة مشبوهة في المدينة”.
وفي ما يخصّ مسألة النازحين السوريين، قالت حليمة: “نحاول ان يكون عندنا هويات كل السوريين في عاليه ونمنع تجول الدراجات النارية في الليل”.
أما بالنسبة الى الشق السياحي، فأوضحت حليمة أنّ “السياحة بطيئة في كل لبنان الا ان المدينة لا تزال تستقطب عددا لا بأس به من السائحين والمغتربين واللبنانيين”، مشيرة الى أننا “نسعى الى تنشيط اللجنة الصحية لمتابعة المطاعم والمقاهي لكي يبقى طعامنا سليم، بالاضافة الى جمع النفايات والمحافظة على نظافة عاليه ككل مما يساهم ايجابيا في استقطاب المواطنين الى المدينة”.
وأضافت حليمة: “إنّ المدينة تتمتع باكتفاء ذاتي من ناحية الكهرباء وذلك بسبب إنتشار 35 مولداً لتأمين الكهرباء وانارة الشوارع، لذلك نسعى الى تأمين الحدّ الادنى من البنى التحتية والنظافة والامن، ممّا أدى الى سياحة سليمة في عاليه”.
ولفتت حليمة الى أنّ “السياحة الداخلية تأثرت بالوضع الامني والسياسي ممّا انعكس سلبا علينا”، مشيرة الى أنّه “في ظل الوضع الاقتصادي الصعب شهدت عاليه تراجعا بعدد اللبنانيين الذي يلجأون للاصطياف في المدينة، الا أنّها أكدت أنّ لا بأس بالحركة”.
وأضافت أن “عاليه تشهد مهرجانات ونشاطات عدة تستقطب السياح مما يساهم بالحركة الايجابية خصوصا وأنّ الناس يهربون من بيروت وزحمتها لكي يزوروا عاليه”.
انها معادلة دقيقة وصعبة بين الامن والسياحة، فهل تنجح بلديات لبنان بتحقيقها رغم أنّ الجهود التي تبذل ضخمة ومضنية في ظل الجنون الذي يجتاح العالم بأسره.