أشارت الوكالة “المركزية” إلى أنّه على رغم أنّ العداد الرئاسي بلغ أرقاما قياسية، وهو سيصل في الثامن من الشهر المقبل إلى الجلسة 43 لانتخاب رئيس للجمهورية، غير أن لا شيء يشي بأي معطى جديد قد يخرق رتابة مسلسل تعطيل النصاب المعطوف على تأجيل مؤكد للاستحقاق الرئاسي. فبعدما لفحت موجات التفاؤل الرابية بقرب وصول زعيمها إلى بعبدا، فتحرك رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع في اتجاه بيت الوسط لاقناع الرئيس سعد الحريري بتأييد العماد عون، الذي زار عين التينة في عيد الفطر، متجاوزا خلافاته مع رئيس المجلس النيابي نببه بري، اعترى جمود مفاجئ كل هذه المساعي، ما دفع إلى الحديث عن أن المشهد الرئاسي لا يزال عالقا بانتظار نتائج الخلوة الحوارية الثلاثية من جهة، ومآل المشهد الاقليمي المتفجر من جهة أخرى.
مصادر في تكتل التغيير والاصلاح علقت عبر “المركزية” على هذه الأجواء، فاعتبرت أن “التقلبات في البورصة الرئاسية التي يرى فيها البعض تفاؤلا أو تشاؤما لم تأت يوما من سراب، بل إننا ثبتنا على موقفنا لأننا نعرف أن لا حل إلا بانتخاب العماد عون رئيسا، ونحن على استعداد لإعطاء الفريق الآخر كل الوقت الذي يريد ليصل إلى هذا الاقتناع، خصوصا أن بعض المواقف تغير بشكل واضح، بينها موقف النائب وليد جنبلاط”.
وعن مآل تحرك العماد عون الرئاسي، بعد الزيارة إلى عين التينة، والتي علق كثيرون آمالا رئاسية عليها، تشير الأوساط إلى أن “زيارة الرئيس بري والمفتي دريان غير مرتبطة بالرئاسة. غير أن احتمال زيارة عين التينة وارد إذا ما دعت الحاجة. غير أن العقدة الرئاسية ليست لدى بري، بل لدى الفريق الخارجي الذي يمنع السير بهذا الخط لأنه يواجه مشكلات إقليمية لا يستطيع حلها”.
كل هذا فيما يلفت الوزير السابق سليم جريصاتي لـ”المركزية” إلى أن العماد عون ينتظر الخلوة الحوارية الثلاثية لأنها ستتناول سلة طرحها الرئيس بري. لكننا نراهن على قراءة موضوعية لمعطيات الأزمة الراهنة على المستوى المحلي والاقليمي والدولي. ونحن ننتظر نتائج هذه القراءة لنبني على الشيء مقتضاه، من دون أن نراهن على نجاح مدو، أو على فشل ذريع لهذه الخلوة، علما أن الجميع سلّم بأولوية الاستحقاق الرئاسي وضرورة اجرائه قبل الانتخابات النيابية”.
وبينما يخوض التيار المعركة الرئاسية مدعوما بتأييد قواتي قاد الدكتور سمير جعجع إلى بيت الوسط من دون أن يخرج بدعم الرئيس الحريري لعون، دعا زعيم معراب حليفه الجديد إلى عدم احراج الحريري الذي لا يفترض أن ينتخب عون. هنا تعتبر المصادر أن “جعجع محق في جانب معين من كلامه هذا، علما أننا ننظر إلى هذا الأمر من زاوية مختلفة. نحن لا نريد الوصول إلى الرئاسة لمجرد الوصول. إلا أننا نريد تحقيق هذا الهدف لإنقاذ البلد وتحقيق مشروعنا الذي يفيد جميع اللبنانيين. وإن لم يكن مكون سياسي أساسي موافقا على هذا الأمر، ضمن اتفاق سياسي عريض، لا يمكن أن ينجح الحكم. ثم إن الأزمة اليوم لا تنحصر برئاسة الجمهورية، بل تطال رئاسة الحكومة أيضا. ذلك أننا لن نستطيع تشكيل حكومة ونحن على صدام مع لاعب أساسي على الساحة الداخلية”.
وتلفت إلى أن “جعجع توجه بكلامه هذا إلى حزب الله لأنه يعتبر أن باستطاعته الضغط أكثر على حلفائه في اتجاه حلحلة رئاسية. وموقفه هذا طبيعي لكونه ملتزما بالعماد عون، علما أن موقفه هذا “يحمي” حليفه تيار المستقبل، غير أن تصرف حزب الله كما يطلب منه جعجع لا يوصل إلى أي مكان.
كل هذا فيما يذهب رأي عوني آخر إلى حد القول إن جعجع حاول القول إنه يكفي أن يشارك الرئيس الحريري وكتلته في جلسة الانتخاب من دون أن يصوت لصالح عون، علما أن الحريري قد يسير في اتجاه دعمنا، في ضوء القراءات الموضوعية والواقعية الجارية اليوم في أروقة تيار المستقبل، ونحن مصرون على أن يكون من داعمينا لأنه الممثل الأكبر للطائفة السنية في البلاد حتى إشعار آخر”.
وردا على الكلام عن أن حزب الله، الحليف الأول لعون لا يبادر إلى تحركات قد تدعم فرص وصول عون، على عكس جعجع، تؤكد أوساط الرابية أن “لكل من الحليفين طريقته في دعمنا، علما أننا نستمد جزءا كبيرا من صمودنا السياسي من دعم حزب الله، ونلفت إلى أن حلفنا مع حزب الله لا يتناقض مع تفاهمنا مع القوات. ذلك أن الثوابت واضحة مع القوات لكوننا متحدين على استرجاع الدور والشراكة المسيحيين، ونحن متحدين مع حزب الله في المعركة على مختلف الأخطار الوجودية، وأي من الحليفين لا يمانع معاركنا مع الآخر، على رغم تناقضهما السياسي.”