Site icon IMLebanon

“ربْط أحزمة” تَحسُّباً لفشل ثلاثية الحوار الوطني

 

 

 

رسمت مصادر سياسية بارزة عبر صحيفة “الراي” الكويتية صورة شديدة القتامة حول السلوكيات السياسية المتدهورة سواء في مجلس الوزراء او في مجلس النواب من خلال مفارقات تثبت ان تفلتاً سياسياً لم يعد ممكناً احتواؤه بات يظلّل الواقع اللبناني وينذر بتداعيات إضافية عليه.

وتقول هذه المصادر إن المفارقة السلبية الأولى التي يمكن ان تُتخذ نموذجاً للانسداد العبثي السياسي تمثّلت في جلسة اللجان النيابية المشتركة التي تدأب على عقد جلسات لمناقشة قانون الانتخاب وسط تمادي الخلافات النيابية والسياسية حول هذا الملف، وهي الجلسة التي خلصت اول من امس الى ما يشبه نعي هذا المسار بالفشل في تحديد المعايير الاولية للاتفاق على صيغة مختلطة للقانون تجمع النظامين الاكثري والنسبي للاقتراع.

واذ لم يكن متوقعاً بطبيعة الحال ان تصل اللجان الى نتائج مفاجئة تخرق الخلاف المزمن على القانون الجديد، الا ان ما تلفت اليه المصادر هو ان الجلسة الأخيرة جاءت غداة اللقاء الواسع والمهمّ بين سفراء الاتحاد الاوروبي وأعضاء في اللجان برئاسة نائب رئيس المجلس فريد مكاري، وهو اللقاء الذي اكتسب دلالة بارزة لجهة الرسالة التي نقلها السفراء الأوروبيون الى مجلس النواب بضرورة التوافق على قانون والتشديد على أهمية التزام إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد في الربيع المقبل اياً تكن الظروف، بمعنى تجنب اي عامل يؤدي الى عرقلة اجرائها حتى في غياب رئيس للجمهورية او تعذُّر الاتفاق على قانون جديد بما يعني ضمناً اجراء الانتخابات وفق القانون الحالي.

لكن الفشل الجديد في اللجان بدا مثقلاً بالدلالات السلبية لكونه أثبت ان الضغوط الخارجية لا تجدي نفعاً في تحريك اي مبادرات داخلية بما تشبّهه المصادر بدوامة الأزمة الرئاسية نفسها التي يعجز أيّ جهد خارجي إن وُجد عن حمْل الأفرقاء اللبنانيين على التوافق على إنهاء الأزمة بعيداً من الرهانات الخارجية.

وليس بعيداً من ذلك فان عودة مجلس الوزراء في اليوم نفسه لجلسة اللجان الى الغرق في ملهاة الكيدية وتبادُل تصفية الحسابات الضيقة والحزبية والشخصية في ملف الاتصالات والخليوي الذي يتم ترحيله من جلسة الى اخرى، بدا ايضاً بمثابة انعكاس للفوضى التي تحكم عمل الحكومة وتجعل من كل وزير متحكّما بمجمل الإنتاجية الحكومية الضئيلة.

وفي ظل هذين النموذجين، تبدو المصادر شديدة التشاؤم بما يمكن ان تخرج به الخلوات الحوارية التي ستعقد في الثاني والثالث والرابع من اغسطس المقبل في مقر رئيس مجلس النواب في عين التينة، علماً ان الرئيس نبيه بري لم يعد بعد من اجازة يمضيها في الخارج منذ اسبوع، ولدى عودته في اليومين المقبلين سيتم الوقوف على تطلعاته من هذه الخلوات المرتقب ان يناقش فيها أطراف الحوار تفصيلياً ملف السلة المتكاملة للحل التي تشمل الانتخابات الرئاسية وقانون الانتخاب والحكومة الجديدة وعناوين أخرى ذات صلة بإدارة السلطة في العهد الجديد.

وفيما لفت اعلان الرئيس سعد الحريري خلال افتتاح حفل تسجيل بيروت رقماً قياسياً لأطول سجادة حمراء في العالم ان لبنان “دخل موسوعة (غينيس) في الفراغ الرئاسي وعلى كل الكتل النيابية ان تتخذ قرارها بان انتخاب رئيس للجمهورية يجب ان يحصل في أقرب وقت”، تقول المصادر ان كل المعطيات تشير الى توقُّع فشلٍ مسبق للجولة الحوارية وخصوصاً في ظل تنامي مخاوف وهواجس لدى أطراف في فريق “14 آذار” من طرْح السلّة الكاملة للحلّ التي ترى فيها هذه القوى بغالبيتها استدراجاً منهجياً ضمنياً الى مؤتمر تأسيسي في نهاية المطاف يريده “حزب الله” ومن خلفه ايران، الأمر الذي كان بري نفاه سابقاً مشدداً على الالتزام التام باتفاق الطائف.

وفي ظل حالة انعدام الثقة بين القوى المختلفة التي تتنامى بقوة مع الانسداد المتواصل في أفق الأزمة الرئاسية، لا تخفي المصادر خشيتها من الانعكاسات السلبية لهذا الإخفاق المحتمل لان توقيت الجولة سيأتي قبيل استحقاقات داخلية وخارجية يلعب الحوار دوراً في إبراز صورة الواقع الداخلي فيها، من بينها مشاركة لبنان في سبتمبر المقبل في اجتماع لمجموعة الدعم الدولية للبنان في نيويورك على هامش افتتاح الدورة العادية للأمم المتحدة. علماً ان مجلس الأمن الدولي كان خصص حيزاً مهماً من البيان الرئاسي الذي أصدره الاسبوع الماضي حول لبنان لتشجيع القادة السياسيين على التوصل الى تسوية داخلية للأزمة الرئاسية والسياسية عبر الحوارات الجارية.